اخبار جهوية

سطات تحتضر: من مدينة واعدة إلى قرية كبرى تنزف في صمت -هشام فرجي

قبل سنوات، كانت مدينة سطات تُصنف ضمن المدن المتوسطة ذات الطابع الحضري المتنامي، بفضل موقعها الجغرافي المميز، واحتضانها لعدد من المؤسسات الجامعية والإدارية المهمة، مما جعلها تعرف دينامية عمرانية واقتصادية واعدة. لكن اليوم، يبدو أن عقارب التنمية توقفت، وأن عقودًا من الأمل بدأت تتبخر تدريجياً وسط مظاهر التدهور التي لا تخطئها عين.

عودة إلى البداوة: دواب في الشوارع ومشهد حضري يتآكل

يكفي أن تجول في بعض أحياء المدينة صباحاً أو مساء، لتجد نفسك وسط مشاهد أقرب إلى البادية منها إلى المدينة: حمير وبغال تسير وسط العربات والسيارات، كلاب ضالة تتخذ الأرصفة مساكن دائمة، وأكوام من النفايات تنتشر هنا وهناك، في غياب شبه تام لحملات النظافة والمراقبة البيئية.

ما يزيد المشهد قتامة، هو تدهور البنية التحتية بشكل يدعو إلى القلق: حفر متناثرة، أرصفة متهالكة، وأزقة غير معبدة في بعض الأحياء الجديدة، إضافة إلى الإنارة العمومية التي تغيب في أحياء بكاملها، مما يهدد سلامة المواطنين، خاصة في فترات الليل.

الماء.. عندما يتحول الحق الطبيعي إلى أزمة يومية

منذ أشهر، تعرف سطات انقطاعات متكررة وغير مبررة في التزود بالماء الصالح للشرب. مشكل صار يؤرق الأسر والمؤسسات، دون تواصل واضح من الجهات المسؤولة، ودون تقديم حلول ملموسة. هذا الانقطاع المزمن للماء جعل الساكنة تعيش ظروفًا صعبة، أقرب إلى حياة البداوة منها إلى المدينة: جلب الماء من الآبار أو من نقاط بعيدة، تخزينه بوسائل بدائية، وانتظار رجوعه كمن ينتظر الفرج.

السؤال الكبير: أين هي المجالس المنتخبة؟ وأين صوت المجتمع المدني؟

في ظل هذه التراجعات، تتجه أصابع الاتهام إلى المجالس المنتخبة التي يبدو أنها غائبة عن نبض الشارع، مكتفية بصراعاتها الداخلية أو بتدبير الملفات اليومية بروتين إداري جاف. أما المجتمع المدني، الذي كان يُنتظر منه أن يدق ناقوس الخطر، فقد خفت صوته في الآونة الأخيرة، لأسباب تتراوح بين الإحباط وانعدام الثقة في جدوى المبادرات.

خاتمة: هل ما تزال هناك فرصة للإنقاذ؟

رغم سوداوية المشهد، فإن المدينة لا تزال تملك من المقومات ما يسمح لها بالنهوض، إذا ما توفرت الإرادة الحقيقية والوعي الجماعي. لكن الزمن لا يرحم، والإهمال المتواصل قد يُدخل سطات في نفق يصعب الخروج منه.

فهل من غيور على هذه المدينة يسمع النداء قبل فوات الأوان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى