عزيز الحنبلي -تنوير
في تطور مثير في مشهد محاربة الفساد بجهة مراكش-آسفي، كشفت الجمعية المغربية لحماية المال العام أن البرلماني يونس بنسليمان، عضو مجلس النواب عن حزب التجمع الوطني للأحرار، قد تقدم بشكاية مباشرة ضد رئيس الجمعية أمام المحكمة الابتدائية بمراكش. وقد تم تحديد جلسة أولى للنظر في الشكاية بتاريخ 18 يوليوز 2025 على الساعة 9:30 صباحًا، حسب ما جاء في نص الاستدعاء الموجه إلى المعني بالأمر بصفته “مشتكى به”.
وتعود خلفية الشكاية، بحسب المصدر نفسه، إلى الندوة الصحفية التي نظمتها الجمعية يوم 26 دجنبر 2024 بدار سعيدة بمراكش، والتي تم خلالها تسليط الضوء على عدد من ملفات الفساد المالي وتبديد المال العام واستغلال النفوذ، خاصة تلك المرتبطة بجهة مراكش-آسفي.
ومن بين القضايا التي تم التطرق إليها خلال الندوة، والتي وردت في مضمون شكاية البرلماني، قضية المحطة الطرقية الجديدة بحي العزوزية بمراكش، التي رُصدت لها ميزانية ضخمة قدرها 12 مليار سنتيم. هذه المحطة، رغم انتهاء أشغالها منذ مدة طويلة، لا تزال مغلقة في وجه المهنيين والعموم دون أسباب واضحة، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات والجدل وسط الرأي العام المحلي.
القضية نفسها توجد حاليا رهن التحقيق أمام محكمة الاستئناف بمراكش ضمن ما بات يعرف إعلاميا بملف “تبديد أملاك الدولة“، والذي يتابع فيه عدد من المسؤولين العموميين، من ضمنهم البرلماني يونس بنسليمان نفسه، والذي شغل سابقا منصب النائب الأول لعمدة مراكش باسم حزب العدالة والتنمية خلال الولاية السابقة.
وتشير المعطيات إلى أن المتابعين في هذا الملف، من ضمنهم منتخبون وموظفون عموميون، تمت إحالتهم من طرف قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال على غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بمراكش، مع إبقائهم تحت تدابير المراقبة القضائية، وذلك بعد تحقيق معمق أنجزته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
ويهم الملف أساسًا تفويت أراضٍ وعقارات عمومية كانت مخصصة لإنجاز مرافق اجتماعية، لفائدة شركات خاصة يُعتقد أنها مرتبطة ببعض المنتخبين الكبار، تحت غطاء “تشجيع الاستثمار”، وهي الممارسات التي وصفها رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام بأنها تعكس “تداخل السلطة بالمال”، وتحول بعض المسؤولين إلى “مراكمي ثروة سريعة بوسائل مشبوهة”، على حد تعبيره.
وكان فرع الجمعية بجهة مراكش الجنوب قد سبق أن تقدم بشكاية إلى النيابة العامة في الموضوع، خاصة في ما يخص تفويت عقارات عمومية خلال فترة تولي الوالي السابق عبد الفتاح البجيوي مسؤولية الجهة.
ويشير المتحدث باسم الجمعية إلى أن الجلسة التي سيُحاكم فيها بدعوى التشهير تزامنت بالصدفة مع الجلسة المقررة لنظر المحكمة في ملف “تبديد أملاك الدولة” في اليوم ذاته، أي 18 يوليوز 2025، ما يعكس، حسبه، “حجم التوتر الذي تسببه ملفات الفساد لبعض المتورطين المحتملين الذين يسعون لإسكات الأصوات الحرة بوسائل قضائية”.
وصرح رئيس الجمعية بأن هذا الملف “أخطر من قضية كازينو السعدي الشهيرة”، مضيفًا أن الجمعية عازمة على كشف مزيد من المعطيات والحقائق في هذا الشأن، بالإضافة إلى ملفات أخرى تثبت، وفق قوله، أن “شبكات الفساد استولت على القرار العمومي وتوغلت في مفاصل السلطة، مما يشكل تهديدا خطيرا على التنمية والمصلحة العامة”.
وختم المتحدث تصريحه بالتأكيد على أن “الأساليب القديمة والضغوط لن تثني الجمعية عن مواصلة معركتها القانونية والميدانية من أجل الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة”، مضيفًا أن “الجهة وأهلها لا يستحقون هذا العبث، وهم اليوم يواجهون الفقر والعطش والتهميش، بينما تزداد ثروات البعض بشكل فاحش”.