قضية بوعلام صنصال مشكلة عويصة لن تستطيع الجزائر النجاة من عواقبها بسهولة

أحمد رباص
مع إدانة بوعلام صنصال وغياب عفو رئاسي عنه، من المتوقع أن تستمر إحدى أعنف الأزمات في العلاقات الفرنسية الجزائرية منذ عام 1962.
يجب أن نتذكر أن هذه القطيعة الافتراضية بين باريس والجزائر سببها اعتراف الرئيس الفرنسي، في 30 يوليوز 2024، بمغربية الصحراء الغربية. بوعلام صنصال ليس سوى عنصر واحد من هذه الدراما، مجرد بيدق في هذه الأزمة، رهينة لدى دولة انحازت سابقا – كما حدث خلال أزمة 1980 بين واشنطن وطهران – إلى جانب محرري الرهائن، لكنها لم تعد تتردد في إلقاء الدروس على بقية العالم، بدءً من فرنسا.
في السادس عشر من نوفمبر عام 2024، اعتُقل الكاتب الفرنسي الجزائري في الجزائر العاصمة، وعاد إليها عازما، كما أخبر صحافيا بالأمس، بالعودة بعد عشرة أيام إلى فرنسا حيث أراد الاستقرار الدائم. ومنذ ذلك التاريخ، وهو مسجون ومريض، يُلاحق ويُنتقد ويُغتال أخلاقيا من قبل نظام لم يكفّ الكاتب عن التنديد بأعظم شروره ونفاقه وخطورته.
وبعد أن حاصرته السلطات، سُجن رسميا بتهمة المساس بشرف الجيش والمؤسسات والحدود الجزائرية والأمن الوطني.
بالفعل، بوعلام صنصال رهينة لدى الجزائر ليكون رافعة لسياستها تجاه باريس. تم الزح به في السجن لأنه فكر وكتاب ونشر بالفرنسية، وهي لغة شبه محظورة الآن في الجزائر. بوعلام صنصال مسجون لأنه روى وكتب عددا من الحقائق التي لا تريد سلطة الجزائر سماعها، والأهم من ذلك، ألا يسمعها شعبها.
حُكم على بوعلام صنصال بالسجن خمس سنوات. قرر رئيس الدولة الجزائري، بعد أن تخلى عن أحد صلاحياته، عدم العفو عنه. وبذلك، ظهر الرئيس تبون في نظر الرأي العام العالمي، وخاصة الفرنسي، كزعيم لعصابة استبدادية، تجارية، خالية من أي حس إنساني. إنه فشل لماكرون وبارو، اللذين كانا حذرين في هذه القضية المحزنة؛ فشل للدبلوماسية الفرنسية وفشل لحقوق الإنسان. علينا الآن مراجعة موقفنا تجاه الجزائر. هل سنحظى بهذا الوضوح في غياب الشجاعة.
من جهة أخرى، لا يجب أن نقلل من شأن الضرر الناجم عن هذه الأزمة الطويلة. من الوهم الاعتقاد بأنه بمجرد انتهاء الأزمة سيعود كل شيء إلى طبيعته. قد نحتفل مجددا بـ”الشراكة الاستثنائية” و”العودة إلى الوضع الطبيعي”، لكن الأزمة ستطول بالتأكيد، وستكون الجزائر مخطئة إذا اعتقدت أنها تستطيع النجاة منها بسهولة. وضع ضمادة على الجرح لا يكفي لشفائه. لم يسبق منذ عام 1962 أن كان للتوتر بين العاصمة السابقة ومستعمرتها السابقة مثل هذا الأثر العميق على العلاقات الدبلوماسية.
وأخيرا، وربما الأهم من ذلك، أن هذه الأزمة ستشوه بلا شك صورة الجزائر والجزائريين في فرنسا بشكل دائم. اسألوا الفرنسيين عن نظرتهم إلى الجزائريين.
كشفت قضية بوعلام صنصال الغموض العميق في العلاقة الفرنسية الجزائرية، معريةً، بالطبع، الوجه الحقيقي للنظام الجزائري، وسذاجة باريس وتهاونها وتجاهلها لهذا النظام.