الشاعر المغربي حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للآداب العربية

متابعة: أحمد رباص
فاز الشاعر المغربي حسن نجمي بجائزة ابن عربي الدولية للآداب العربية 2025 عن كتابه الشعري “دم على جناح طائر وقصائد أخرى”. وبهذه المناسبة، أدلى الشاعر ترينو كروث بشهادة في حق صديقه حسن نجمي قال في مستهلها إن حسن نجمي، المزداد ببن أحمد سنة 1960، “صوت شعري من جيل الثمانينيات في المغرب. بدأ تجربته الشعرية مع صدور مجموعته الشعرية (لك الإمارة أيتها الخزامى)”.
وأضاف الشاعر كروث أن المجموعة الشعرية الأخيرة سعت إلى “وضع صوتٍ قَلِقٍ من معاناة الوجود في عالمٍ فقد جوهره الإنساني، عالمٍ مليءٍ بالتناقضات والصراعات والعنف”، مشيرا إلى أن النقاد اعتبروها “محاولةً أولى لإثبات الوجود على عتبات الشعر”.
وعن نفس الديوان، شهد كروث أن نجمي كان فيه “مُقنّعًا بخطاب يقترب أكثر إلى السياسي”، وأنه ضمنه خطابا شعريا “يتداخل مع الأيديولوجي ومع نضال شعب من أجل الحرية والعدالة وتغيير العالم”.
“لطالما انخرط حسن نجمي في عالم السياسة، سواءً خلال سنوات الرصاص أو بعدها. في هذه التجربة الأولى، يبدو أنه لم يستطع الفصل بين العالمين”، يلاحظ صاحب الشهادة.
“في وقتٍ لاحق، يتابع كروث، سينظر إلى هذه التجربة بعين ناقدة ويستخلص منها العديد من الاستنتاجات لمسارات تجربته الشعرية الآتية”.
“في مطلع التسعينيات، بعد ثماني سنوات، نشر مجموعته الشعرية الثانية بعنوان “سقط سهواً”، مبتعدا عن تلك التجربة الأولى، باحثا عن الشعرية من خلال صفاء اللغة وشفافيتها، ومن خلال كسر الحدود بين الشعر والنثر، ثم واصل حسن نجمي مسيرته الشعرية بنشر المزيد من الدواوين الشعرية التي ركزت على الجانب الجمالي لأن الشعر في نهاية المطاف هو خطاب يحاول بناء عالمه المتميز من خلال اللغة والاستعارة والإيقاع أي بالاستناد أساسا إلى ما هو جمالي”، يقول كروث.
بعد التذكير بباقي دواوين حسن نجمي الشعرية وأعماله الروائية والنقدية، ذكر صاحب الشهادة أن الشاعر المتوج “حاصل على الإجازة في الأدب العربي 1984، ودبلوم دراسات عليا 1996، وناقش أطروحته للدكتوراه حول موضوع (فن العيطة بالمغرب). وأضاف أنه “انتُخب مرتين رئيسا لاتحاد كتاب المغرب، وهو أيضا عضو مؤسس لبيت الشعر بالمغرب، وعضو في مجلس هيئته الإدارية. كما عمل صحفيا في صحيفة (الاتحاد الاشتراكي)”.
هذا، وقد عزز تورينو كروث شهادته في حق مؤلف “ضريح آنا أخماتوفا” بهذه الفقرات الجميلة:
“يتَّحد في شخص حسن نجمي رجل الفعل الحركي مع رجل التأمل والفكر، وهو يقدم لنا إشكالات وصراعات. ذاك هو الغنى في سعيه في البحث، وهذا ما يضفي على كلماته صدقا وعمقا. صوته، القلق أبدًا، يسعى جاهدا إلى الاستكشاف، في عزمه على تجديد ذاته، وإعادة خلق ذاته، وكسر عزلة الوجود، مجمِّعًا بذلك بين صوته الفردي والصوت الجماعي.
صوتنا صوتٌ معاقب؛ صوته منسوج بألف صوت. علينا أن ننصت إليه لنستمع إلى ذواتنا بينما تكبر الحدود في أذهاننا، وتغزو ذاكرتنا، تشوهنا وتفسدنا.. الفضاء يئن ويتألم، والشعر يعيد الحدود إلى سباتها العميق، إلى خمولها الأزلي؛ إن الجهد الذكي والمتحمس الذي تبذله أصواتنا كلها هو السبيل الوحيد لمنع ذاكرتنا من التعفن، ومنعنا من البقاء مدينين لمستقبل لا متكافئ وملتبس، مكرسين ذاتنا إلى الأبد على عتبات اللحظة التي تخلق ذلك الهروب نحو الذات، دون معرفة ما الذي يتعفن وما الذي يولد. أنت تخدش بأجنحتك، أجنحةٌ مَخَالِبُهَا تفعل كل ما تستطيعه للحفاظ على الذاكرة، كل ما تقدر عليه لتملُّكِ ذاكرة قابلة للحفظ.
شِعْرُكَ يأخذنا إلى فضاء شبه مفتوح، قادر على الكشف والانطواء مراراً وتكراراً، أجنحة بكل شقوقها، بكل هشاشتها، أجنحة قادرة على الانكسار في أي لحظة، أجنحة ما دامت لا تنهار، فهي ستظل تُقدم لنا الشعر، كلمات تُرينا أن الجنة دائماً جد صغيرة مثلما الأبدية جد ضيقة، لكن شسوعها لا يحتاج إلى امتداد أكبر، إنه ليس مكاناً يحتاج إلى أن يتنامى، هي أماكن يصعب ولوجها، حيث سرعان ما يشعر المرء بعدم الارتياح، هي أماكن يستحيل البقاء فيها، وإقامتنا فيها يجب أن تكون جد وجيزة وأقصر…”
للإشارة، أُطلقت جائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي عام 2017 من قِبل دار نشر سيال بيغماليون الإسبانية، تزامنا مع الذكرى العشرين لتأسيسها، والجائزة تُكرّم كتّابا من العالم العربي تميّزوا كشعراء، أو كتاب قصص وروائيين، أو نقاد وكُتّاب مقالات، أو كمترجمين.
وتُرشّح لجنة تحكيم مرموقة كل سنة كتّابا ناطقين باللغة العربية تميّزوا في مختلف الأجناس الأدبية، بالإضافة إلى مترجمين وباحثين هسبانيين…
تُمنح لهم هذه الجائزة التي تُكرّم شخصية الصوفي والفيلسوف والشاعر والرحالة والباحث المسلم الأندلسي ابن عربي، المولود في مرسية لأب مرسي وأم من أصول أمازيغية، والذي اعتبره شيوخ الصوفية لقرون عديدة (أعظم المعلمين)، كما يُنشر عمل للمؤلف الفائز في إحدى مجموعات الكتب التي تصدرها دار النشر، ويتم عرضه في بعض أهم معارض الكتب في أوروبا وأمريكا وإفريقيا. وتكونت لجنة تحكيم دورة الجائزة لسنة 2025 كل من: ضحى عابد (تونس)، رافائيل بونيا سيريثو (إسبانيا)، فرانسيسكو غوتييريث كارباخو (إسبانيا)، عبد الهادي سعدون (العراق)، خورخي هيفيا سييرا (إسبانيا)، عادل خضر (تونس)، خوسيه مانويل لوسيا ميخياس (إسبانيا)، رضا مامي (تونس)، فابيو مارتينيث (كولومبيا)، حسين نهابة (العراق)، خوسيه ماريا باث غاغو (إسبانيا)، خالد الريسوني (المغرب)، باسيليو رودريغيث كانيادا (إسبانيا)، شيماء الشريف (المملكة العربية السعودية)، أسماء السويسي (تونس)، عبده التونسي (الأردن). فاز الأستاذ حسن نجمي بهذه الجائزة عن كتابه الشعري “دَمٌ على جَنَاح طائر وقصائد أخرى” وعن مجموع أعماله، وسيُنشر الكتاب ضمن إحدى مجموعات دار النشر سيال بيغماليون، كما سيُعرض في أهم معارض الكُتُب في العالم الناطق بالإسبانية، في غوادالاخارا (المكسيك)، سانتو دومينغو (جمهورية الدومينيكان)، فيلبو (بوغوتا، كولومبيا)، مدريد (إسبانيا)، إلخ…
فهنيئا لأبي ريم بهذا التتويج وبهذا الفوز، مع متمنياتنا له بصحة جيدة وعمر مديد حتى يستمر عطاؤه غزيرا في مجال الإبداع الشعري والكتابة الروائية والنقدية لأجل إغناء ساحتنا الثقافية بروائعه الشعرية والنثرية.