في قلب مدينة بني ملال، تقف ثانوية الزرقطوني التأهيلية كإحدى المؤسسات التعليمية الصاعدة التي فرضت مكانتها في المشهد التربوي المحلي. فرغم حداثة تأسيسها نسبياً، إذ تحولت سنة 2015 من مركز لتكوين المعلمين إلى ثانوية تأهيلية، فإنها سرعان ما استطاعت أن تستقطب أعداداً متزايدة من التلاميذ من مختلف أحياء المدينة، بل أصبحت تنافس بعض أعرق الثانويات في بني ملال من حيث التأطير والمردودية والنتائج.
ما يُميّز هذه المؤسسة ليس فقط موقعها الإستراتيجي داخل النسيج الحضري للمدينة، ولكن أيضاً المجهودات المتواصلة التي بذلها الطاقم الإداري، وفي مقدمته السيد المدير، بتعاون مع جمعية آباء وأولياء التلاميذ، وكذا الأطر التربوية ، في سبيل تحويل فضاء المؤسسة من بنايات متفرقة في أرض شبه قاحلة، إلى فضاء تربوي منظم، نظيف، وجذاب، يشجع على التعلم والتميز.
لكن، ورغم هذه الدينامية الإيجابية وهذا الزخم التربوي، فإن ثانوية الزرقطوني التأهيلية لا تزال تفتقر إلى أبسط المرافق الأساسية التي تُعدّ اليوم ركائز ضرورية لتحقيق الأهداف التعليمية والتربوية الحديثة، وعلى رأسها مكتبة مدرسية، قاعة للمطالعة، وقاعة متعددة الأنشطة.
فالمؤسسة رغم حجمها وأعداد تلامذتها المتزايدة، ما زالت محرومة من فضاء مخصص لأنشطة الحياة المدرسية التي تمثل اليوم مكوناً محورياً في تربية الناشئة وتنمية مهاراتهم الحياتية والاجتماعية والثقافية. فلا أنشطة ثقافية أو فنية أو تربوية يمكن أن تُفَعَّل بشكل ناجع دون قاعة مجهزة تضمن الحد الأدنى من الاستقبال والتنظيم.
أما غياب المكتبة وقاعة المطالعة، فهو وضع مؤلم وغير مبرر في مؤسسة بهذا الحجم والمستوى. فكيف يمكن الحديث عن تشجيع المطالعة الذاتية، وتنمية روح البحث، وترسيخ الكفايات المعرفية، في مؤسسة لا توفر فضاءً للتلميذ يمكّنه من قراءة كتاب أو إنجاز بحث مدرسي؟ إن المؤسسة التربوية بدون مكتبة أشبه بسجن بدون نوافذ، تحاصر التلميذ داخل جدران الحصص ولا تفتح له آفاق الفكر والخيال.
وأمام هذا الوضع، نرفع صوتنا إلى المديرية الإقليمية للتربية الوطنية، والمجالس المنتخبة، وكافة الجهات المعنية إقليمياً وجهوياً، من أجل التدخل العاجل لتجهيز المؤسسة بهذه المرافق الحيوية، بما يليق بمكانة ثانوية الزرقطوني التأهيلية وبما ينسجم مع الرهانات الكبرى التي ترفعها المنظومة التربوية الوطنية.
إن دعم البنية التحتية لهذه المؤسسة لا يعد ترفاً، بل هو ضرورة عاجلة لتحقيق الجودة المنشودة، وتمكين تلاميذ المؤسسة من حقهم الكامل في التعلم المتكامل، المعرفي والثقافي والوجداني.