أخبار وطنية

لجنة تحرير سبتة ومليلية تنهض من رمادها بحلة جديدة كنتيجة لاستفزازات حزب الشعب الإسباني

 أحمد رباص/ تنوير

قبل بضعة أشهر، أثار حزب إسباني يميني متطرف مخاوف بشأن احتمال إعادة إحياء “لجنة تحرير سبتة ومليلية والجزر المحتلة”. وفي تطور مثير ينذر بتصعيد وشيك،أعاد المغرب تفعيل المشروع يوم الجمعة الماضي. ووسّعت المبادرة نطاقها بالتركيز على مكافحة انفصال الريف، الذي تدعمه الجزائر.
بعد أحد عشر عاما من حلها الرسمي، عادت لجنة تحرير سبتة ومليلية إلى الظهور بحلّة جديدة، باسم وأهداف جديدة. وباتت تُعرف باسم “اللجنة التنسيقية للدفاع عن قضايا المملكة”، وتهدف المنظمة إلى تجسيد رؤية متجددة، كما أشار المتحدث باسمها، رشيد حسين، في تصريحات صحفية.
وعن توقيت هذا الانتعاش، أوضح حسين: “إن مشاركة وفد البوليساريو في مؤتمر حزب الشعب الأخير في مدريد لعبت دورا حاسما في إعادة تنشيط اللجنة”.
وفيما يتعلق بتغيير الاسم، صرّح بأن “هذا الاختيار مدفوعٌ بالتطورات على الصعيدين الوطني والإقليمي. فإلى جانب تحرير سبتة ومليلية والجزر الأخرى التي احتلتها إسبانيا، والدفاع عن مغربية الصحراء، فإننا عازمون على مكافحة النزعة الانفصالية في الريف التي تدعمها الجزائر. وسنعمل على إقناع من تأثروا بالدعاية الجزائرية بإعادة النظر في مواقفهم”.
وتتكون اللجنة الجديدة في معظمها من الريفيين، وهي ميزة قد تسهل تحقيق أهدافها.
يُسلّط البيان الصحفي الذي أعلن عن إنشاء اللجنة الضوء على “جهود الجزائر لزرع الفتنة عبر استغلال بعض الجهات الفاعلة في منطقة الريف”. ويُذكّر “الحزب الوطني الريفي” بأن “شعب الريف أثبت مرارا وتكرارا تمسكه بالقيم المقدسة للمملكة وولائه للعرش العلوي”.
عُقد اللقاء يوم الجمعة في الفنيدق، على مشارف الثغر المحتل، وقد ضمّ ممثلين عن الجمعيات الوطنية والجالية المغربية في الخارج. وتتواصل الاجتماعات نهاية هذا الأسبوع بتوقفات في طنجة.
في هذه الأثناء، كانت “لجنة تنسيق الدفاع عن قضايا المملكة” قد خططت لتحرك يوم السبت على جزيرة ليلى. وصرح رشيد حسين قائلا: “كانت مجموعة من الشباب على أهبة الاستعداد للاستيلاء على الصخرة، لكن الرياح القوية يوم السبت أجبرتنا على تأجيل العملية”.
قبل حلها في عام 2014، نظمت “لجنة تحرير سبتة ومليلية” توغلات سريعة في الجزر المتوسطية التي تحتلها إسبانيا.
ويرأس “اللجنة التنسيقية للدفاع عن قضايا المملكة” المستشار البرلماني السابق يحيى يحيى.
وللتذكير، طالب حزب فوكس في 11 مارس، عبر سؤالين مكتوبين، بيدرو سانشيز بإدانة المشروع المغربي لإعادة إطلاق “لجنة تحرير سبتة ومليلية”.
هذه الخطوة المفاجئة جاءت كرد فعل قوي على ما اعتُبر “استفزازا سافرا” من طرف حزب الشعب الإسباني، عقب مشاركته ممثلين عن جبهة “البوليساريو” في أحد مؤتمراته، وهو ما اعتبره القائمون على اللجنة تهديدا مباشرا للسيادة الوطنية المغربية.
وأعلنت اللجنة أنها ستعيد تنشيط خلاياها في سبتة ومليلية ومدن أوروبية استراتيجية، وستركز على فضح شبكات الاستخبارات الجزائرية المتورطة في تغذية خطاب الانفصال، كما ستعمل على مواجهة حملات التشويه التي تستهدف الشباب المغربي، مع التشديد على أن وحدة التراب الوطني مسألة “غير قابلة للتفاوض”.
لم يكن التحذير المغربي هذه المرة عادياً، بل حمل في طياته رسالة واضحة لحزب الشعب الإسباني، حيث شدد شرامطي على أن المغرب يتذكر جيدًا “الثمن السياسي” الذي دفعه خوسيه ماريا أزنار عندما تجاهل “الحساسية المغربية”، داعيا إلى التعقل واحترام القوانين الدولية.
كما أعلنت للجنةنيتها التحرك على عدة جبهات، بدءًا بحملات دبلوماسية وإعلامية، مرورا بالضغط لمراجعة الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالهجرة والأمن، وصولا إلى تنظيم احتجاجات أمام السفارات والقنصليات الإسبانية، كما تم التشديد على ضرورة طرح قضية سبتة ومليلية من جديد في المنتديات والمحافل الدولية، باعتبارهما “آخر مستعمرتين في شمال إفريقيا”.
لم يتردد مصدر من داخل اللجنة في التأكيد على أن المغرب لم يكن يوما دولة تتعامل برد الفعل العابر، بل يعرف جيدا متى يتحرك، وكيف يفرض حضوره، حين يتعلق الأمر بثوابته. وأكد المتحدث أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة لإعادة ترتيب الأوراق مع الجار الشمالي، في ظل انكشاف بعض مواقفه التي اعتُبرت عدائية وغير مفهومة.
وتحمل التحركات المغربية الأخيرة رسائل مشفرة ومدروسة، وتؤكد أن قضية سبتة ومليلية لم تعد ملفا منسيا، بل عادت إلى واجهة النقاش الإقليمي والدولي بقوة، مدفوعة بتغيرات جيوسياسية حساسة تستدعي يقظة سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى