اخبار جهوية

جثة الجنين المختفي ببرشيد..لغز يُربك المدينة ويهزّ الثقة في المؤسسات الصحية

عزيز الحنبلي -تنوير

لا تزال قضية اختفاء جثة جنين من إحدى المصحات الخاصة بمدينة برشيد تثير الكثير من الجدل والقلق، بعدما تحولت إلى قضية رأي عام محلي ووطني، إثر انتشار الخبر على نطاق واسع بمنصات التواصل الاجتماعي وبعض الجرائد الوطنية. هذه القضية المحيرة كشفت عن سلسلة من الاختلالات التي مست جوانب حساسة من المنظومة الصحية والقضائية، مما جعلها محط أنظار الرأي العام المتعطش لمعرفة الحقيقة الكاملة خلف هذا الاختفاء الغامض.

تفاصيل القضية بدأت عندما دخلت سيدة عازبة إلى إحدى المصحات الخاصة بالمدينة لإجراء عملية توليد، بعد توصية من مسؤولة قضائية وفق ما صرح به طبيب المصحة لبعض المنابر الإعلامية. الجنين، الذي توفي في رحم أمه، كان من المفترض أن يتم إخضاع جثته لتحاليل الحمض النووي لتحديد النسب، إضافة إلى إجراء تشريح طبي لتحديد أسباب الوفاة، سواء كانت طبيعية أم ناجمة عن تدخل خارجي أو تعاطي أدوية.

لكن ما وقع بعد ذلك حوّل الملف إلى قضية غامضة تُطرح حولها علامات استفهام عديدة، بعد أن تبين اختفاء الجثة من المصحة في ظروف غير واضحة، دون أوامر أو تعليمات من النيابة العامة. وحسب المعطيات المتداولة، فإن أخت الأم العازبة، التي تعمل كمتدربة منذ سنوات بالمحكمة الابتدائية ببرشيد، حضرت رفقة حارس أمن خاص يشتغل بمستودع الأموات بمكتب حفظ الصحة، وقدّماه على أنه جاء لنقل الجثة من أجل دفنها، دون سلك المساطر القانونية أو إصدار إذن تشريح رسمي من الجهات القضائية المختصة.

المريب في الأمر أن إدارة المصحة لم توفر تسجيلات كاميرات المراقبة الداخلية لتوثيق من قام بنقل الجثة، كما لم يتم استغلال الكاميرات المحيطة بالمصحة، سواء التابعة للمؤسسات المجاورة كالأبناك أو المركز التجاري القريب، لتحديد هوية الأشخاص المتورطين أو على الأقل التثبت من مسار خروج الجثة. هذا الإهمال أو التواطؤ، أياً كان توصيفه، عقّد من مسار التحقيقات وصعّب من إمكانية الوصول إلى الحقيقة.

النيابة العامة دخلت على الخط، وتم فتح تحقيق رسمي من طرف السلطات القضائية المختصة بمدينة برشيد، حيث يجري الاستماع إلى عدد من الأطراف المعنية بالحادث، من إدارة المصحة إلى المتدخلة القضائية، مروراً بحارس مستودع الأموات، في محاولة لكشف ملابسات ما حدث وتحديد المسؤوليات الجنائية المحتملة. مصادر إعلامية أفادت أن الملف بات في طور التوسيع، وقد يطال أسماء جديدة خلال الأيام القادمة، بالنظر إلى التشعبات الخطيرة التي بدأت تظهر في القضية.

وفي ظل صمت رسمي من الجهات الصحية والعدلية بالمدينة، يطالب عدد من الفاعلين الحقوقيين والمدنيين بضرورة تعميق التحقيقات ومحاسبة كل من ساهم في عرقلة العدالة أو إخفاء أدلة جنائية، خاصة وأن الجثة كانت تمثل عنصراً محورياً في ملف يُرجح أن تكون له تبعات قانونية كبيرة تتعلق بالنسب، وربما بتهمة إجهاض غير قانوني أو قتل جنين.

قضية اختفاء جثة الجنين ببرشيد تمثل أكثر من مجرد واقعة جنائية معزولة، بل هي مرآة تعكس هشاشة الضوابط القانونية في التعامل مع ملفات دقيقة ذات طابع إنساني وأخلاقي. كما أنها تفضح ضعف الرقابة على المؤسسات الصحية الخاصة، وغياب التنسيق بين المصحات والنيابة العامة، ناهيك عن احتمال تدخل أطراف نافذة في مسارات قضائية يجب أن تخضع للعدالة وحدها.

وفي انتظار صدور نتائج التحقيق الرسمي، يبقى الشارع المحلي يطرح السؤال العريض: من سرق جثة الجنين؟ ولماذا؟ وهل كان الهدف طمس دليل يدين أحد الأطراف المتورطة؟ ومتى يُسدل الستار على هذا اللغز الذي يُسيء إلى صورة مؤسسات يُفترض أن تحمي حقوق الأحياء والأموات معًا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى