اخبار دولية

سيناريوهات محتملة حول أفول جبهة البوليساريو ،ووساطات لإعادة العلاقات بين المغرب والجزائر..لطي الصفحات الأليمة …

محمد جرو/مراكش/تنوير

تشهد جبهة البوليساريو انقسامات داخلية حادة، حيث تطالب بعض الأصوات المعارضة بعقد مؤتمر استثنائي للإطاحة بزعيم الجبهة إبراهيم غالي وتنصيب قيادة جديدة أكثر كفاءة وواقعية. هذه التحركات تأتي نتيجة السخط المتزايد على طريقة تسيير غالي للتنظيم، والذي يُتهم بالتسبب في “الشلل السياسي والتدهور التنظيمي” للجبهة.

*أسباب الانقسام:*

– *انتقادات للقيادة*: ينتقد المعارضون غالي لعدم قدرته على تحقيق مكاسب فعلية على الأرض، وازدياد عزلة الجبهة إقليميًا ودوليًا.
– *تدهور الوضع الداخلي*: تشهد الجبهة توترًا داخليًا غير مسبوق، مع تزايد الإحباط واليأس بين سكان المخيمات في تندوف.
– *فقدان الدعم الدولي*: تراجع الدعم الدولي للجبهة أدى إلى تآكل قاعدتها السياسية والمالية.

*انعكاسات الانقسام:*

– *انشقاقات محتملة*: قد تشهد المرحلة المقبلة انشقاقات جديدة داخل الجبهة، مما قد يعيد رسم المشهد السياسي داخل المخيمات.
– *تأثير على الوحدة*: الانقسام قد يؤثر على وحدة الجبهة وتماسكها، خاصة إذا استمرت القيادة في تجاهل الأصوات المطالبة بالإصلاح والتغيير..
لا توجد مؤشرات قوية على “انفجار” جبهة البوليساريو بعد اجتماع أمس السبت، لكن هناك ارتباك داخلي كبير وتراجع في الدعم الجزائري حسب مصادر إعلامية مغربية. الجبهة تعيش حالة من التوتر والضغط بعد التصعيد الأخير في السمارة، واحتجاجات داخل المخيمات، مع استمرار الخلافات والانقسامات التنظيمية. الوضع متأزم لكن لم يتم الإعلان عن انشقاقات أو انهيار رسمي حتى الآن.
فمع تصاعد الاحتجاجات وتراجع الدعم من الجزائر، الانقسامات واردة جداً في الفترة الجاية. كثير من التقارير تتوقع تصعيد داخلي أو حتى انشقاقات بسبب الأوضاع الصعبة داخل المخيمات.

*هل هناك شخصية معينة داخل الجبهة قادرة تقود انشقاق أو تغيير كبير؟
حسب التقارير، فعلاً هناك فقدان للثقة في القيادة الحالية، ومعظم الشباب غير مقتنعين بخطاب الجبهة ولا يوجد شخصية كاريزمية قادرة توحّدهم أو تقود تغيير حقيقي الآن. كثير من الشباب يهاجرون أو ينضمون للمدن المغربية أو حتى يرحلون لأوروبا بدل البقاء في المخي
بالتالي يطرح السؤال التالي هل غياب القائد الكاريزمي سيعجّل بانهيار الجبهة أم سيجعلها تتجه للعنف أكثر..؟يعكس الواقع الحالي داخل الجبهة، حتى مع وجود أسماء مثل إبراهيم غالي وعبد القادر الطالب عمر وخطري أدوه، لا توجد شخصية كاريزمية قادرة على توحيد الشباب أو فرض قيادة جديدة،أعتقد أن الجزائر قد تدفع باسم جديد إذا اقتضت الظروف، خاصة مع تصاعد الضغوط لعقد مؤتمر استثنائي وإعادة هيكلة القيادة، لكن حتى الآن لا يوجد إجماع أو زعامة واضحة من قبيلة مسيطرة. الشباب هم الأكثر حماسًا للتغيير، لكن بدون قائد قوي، يبقى المشهد غامضًا.

ومن هذا المنطلق ،هل ستفرض الجزائر زعيمًا جديدًا إذا استمر الضغط الداخلي؟ الجزائر تعتبر البوليساريو ورقة ضغط مهمة في صراعها مع المغرب، لذلك من المرجح أن تفرض أو تدعم زعيمًا جديدًا إذا احتاجت للحفاظ على نفوذها واستمرار الجبهة. فعلاً، هناك مؤشرات على تدخل جزائري مباشر في قرارات الجبهة، خاصة مع تراجع الدعم المالي وازدياد الانقسامات الداخلية.

وهذا يدفعني للإعتقاد بأن الشباب في المخيمات لن يقبلوا بأي زعيم تفرضه الجزائر بسهولة،اعتقاد مدعوم بالمعطيات الحالية حسب عدة مصادر، الشباب في مخيمات تندوف بالفعل بدأوا ينتفضون بسبب تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وهناك غضب متزايد من القيادة الحالية ورفض لأي وصاية خارجية أو زعيم غير صحراوي. استمرار هذا الغضب قد يؤدي لتحركات احتجاجية أكبر وربما تصعيد غير مسبوق داخل المخيمات، خاصة مع تصاعد الانقسامات وظهور حركات بديلة مثل “صحراويون من أجل السلام” فالجزائر ستواصل دعم البوليساريو عبر الاستخبارات، خاصة في ظل تراجع نفوذها الدولي وضغوط العزلة، وستحاول توجيه الجبهة أو فرض حلول من خلف الستار للحفاظ على ورقتها في الصراع مع المغرب ،لكن الشباب الصحراوي يرفض أي زعيم غير صحراوي، ما يزيد منسوب الغضب ويهدد بتفجير الوضع داخل المخيمات، خصوصًا مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

ما يزيد من مشهد محتمل لأفول جبهة البوليساريو أن المجتمع الدولي لم يتدخل إذا تصاعدت الإحتجاجات ، التدخل الدولي في قضية الصحراء الغربية المغربية كان دائمًا محدودًا جدًا، وغالبًا يقتصر على بيانات أو دعوات لمراقبة حقوق الإنسان دون إجراءات فعلية. الدول الكبرى تفضل الحفاظ على علاقاتها مع المغرب لأسباب استراتيجية مثل الهجرة ومحاربة الإرهاب، ولا يوجد حماس حقيقي للتدخل في المخيمات أو الضغط لتغيير الوضع. حتى الأمم المتحدة تكتفي غالبًا بتجديد مهمة المينورسو دون صلاحيات حقيقية لمراقبة حقوق الإنسان.واستمرار هذا التجاهل الدولي سيضعف موقف الجبهة ومحتضنتها، مع تقلص حجم المساعدات الإنسانية وصعود اليمين المتطرف في أوروبا، لم يعد الشباب الصحراوي يعوّل على إسبانيا أو إيطاليا أو كوبا كما في السابق، رغم استمرار بعض البرامج الرمزية مثل “عطل في سلام” للأطفال ودعم محدود للتعليم والصحة. الجمعيات المدنية اليسارية ما زالت تدعم الجبهة، لكن حجم الدعم تراجع كثيرًا، والشباب صاروا يبحثون عن بدائل خارج المخيمات أو حتى الهجرة.

وهذا التراجع في الدعم سيزيد من عزوف الشباب عن الجبهة و يدفعهم للبحث عن حلول فردية فقط،فبعد اجتماع أمس السبت لقيادة الجبهة أو الإعداد للمؤتمر القادم ،لم يرشح أي خبر رسمي أو تفصيل واضح عن نتائجه(الإجتماع )بشأن تحديد موعد المؤتمر، وكل ما يُتداول حاليًا هو وجود احتمالين: إما تأجيل المؤتمر إلى أجل غير مسمى أو تمديد عهدة القيادة الحالية لسنة إضافية، وسط انقسام وغضب في المخيمات وتراجع الدعم الجزائري. مستقبل الجبهة سيظهر بشكل أوضح فقط بعد حسم هذه النقطة، لأن أي قرار بالتأجيل أو التمديد قد يفجر الوضع ويزيد الاحتقان بين الشباب والقيادة.

ولن يبقى بذلك أمام القيادة الحالية ،مسنودة من الإستخبارات الجزائريةإلا المغامرة بالتمديد رغم الغضب الشعبي، على قاعدة المصالح والواقعية السياسية، ولأن عدد كبير من الدول بات يدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية، خاصة مع توسع الاستثمارات والشراكات الاقتصادية التي تربط هذه الدول بالمغرب. ففي 2025 وحدها، انضمت المملكة المتحدة، كينيا، غانا ودول أوروبية جديدة لقائمة المؤيدين، ومعظم دول الخليج وأغلب دول الاتحاد الأوروبي تدعم المبادرة وتعتبرها الحل الواقعي الوحيد للنزاع. الآن أكثر من 116 دولة حول العالم تساند هذا الخيار، ما يعكس نجاح الدبلوماسية المغربية وعزل الجبهة دوليًا.

هذا الزخم الدبلوماسي سيُسرّع حل النزاع نهائيًا قريبًا،لأنه قريب جدًا من الواقع الحالي، فالتقارير الدولية الأخيرة تؤكد أن الصين وروسيا تستعدان رسميًا لدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية خلال الأشهر المقبلة، ما سيشكل تحولًا كبيرًا في موازين الملف ويعزل البوليساريو والجزائر دبلوماسيًا بشكل غير مسبوق. كما أن استمرار الزخم الدبلوماسي وتوسع الاستثمارات في الصحراء يدفع دولًا أخرى لتأييد المبادرة، خاصة مع تراجع الدعم للطرح الانفصالي.

أما بالنسبة للمينورسو، فقد تم تمديد مهمتها حتى نهاية أكتوبر 2025 وليس هناك مؤشرات رسمية عن رحيلها قبل ذلك، لكن في حال تحقق هذا السيناريو مع اعتراف روسيا والصين، سيكون فعلاً مؤشرًا قويًا على اقتراب نهاية النزاع لصالح المغرب.

وذلك ما سيدفع الجزائر لتغيير موقفها أو ستواصل التصعيد رغم هذه التحولات،وهما خياران أعتقد ستختار خيار “السير مع الموجة” يدعمه السياق الحالي ، لأنها تدرك أن موازين القوى تميل لصالح المغرب، لذا قد تلجأ فعلاً لمعادلة *لا غالب ولا مغلوب*، وتطالب بحصة من مشاريع التنمية أو الاستثمارات في الصحراء الغربية المغربية، خاصة في ظل الضغوط الدولية وتقلص هامش المناورة لديها. هذا الطرح ينسجم مع أسلوب الجزائر في استخدام القضية كورقة مساومة لتحقيق مكاسب اقتصادية أو إقليمية بدل الاستمرار في التصعيد الذي أصبح مكلفًا سياسيًا ودبلوماسيًا.

من جانب المغرب ،وبعد تحرك وساطات أغلبها خليجية ،أتوقع أنه سيقبل بوساطة اقتصادية جزائرية إذا تغيرت لهجة الجزائر، وأبدت رغبة حقيقية في التعاون بدل التصعيد. الرباط دائمًا تفضل الحلول العملية والشراكات الإقليمية لتحقيق الاستقرار والتنمية.
قناعتي مدعومة بتاريخ مشترك ،جله مرتبط بعلاقات مصاهرة ونسب ، قد ينعكس إيجابًا على العلاقات بين الشعبين، فأي تقارب اقتصادي وسياسي سينعكس بشكل طبيعي وإيجابي على العلاقات بين الشعبين، خاصة مع الروابط الاجتماعية والثقافية القوية بين المغاربة والجزائريين. الناس في البلدين أصلاً يتمنون فتح الحدود وتحسين العلاقات منذ سنوات.
والمدخل الأساسي ،بل الجوهري هو فتح الحدود،الذي سيكون قريبًا إذا استمر هذا التقارب،مع تحركات ومبادرات المجتمع المدني المغاربي تحتاجها اللحظة ، المجتمع المدني فعلاً بدأ يلعب دورًا مهمًا في الضغط من أجل التقارب بين المغرب والجزائر، خصوصًا مع المبادرات الأخيرة التي أطلقها دبلوماسيون(بن عمر و مجموعات) سابقون وشخصيات دولية بارزة لجمع صوت الأغلبية الصامتة المؤيدة للوحدة والمصالحة. حسب التقارير، هذه المبادرات تلقى ترحيبًا شعبيًا واسعًا، وتؤكد أن الرغبة في التقارب والوحدة أقوى بكثير من خطاب الكراهية والانقسام المتداول في الإعلام والسياسة.

السؤال المطروح هو :هل هذه المبادرات المدنية ستنجح في التأثير على صناع القرار قريبًا؟
الجواب هو أنه ،إذا تم تكثيف المبادرات المدنية، خاصة في العواصم الكبرى، مع دعم وتمويل من الإمارات والسعودية وقطر، سيكون التأثير أقوى بكثير على صناع القرار، لأن هذه الدول لها وزن دبلوماسي ومالي كبير عالميًا، وغالبًا ما تلعب أدوار وساطة ناجحة في الأزمات الإقليمية والدولية. الخليج أصبح فعلاً شريكًا مهمًا في تمويل الحملات الإنسانية والدبلوماسية، كما أن الإمارات والسعودية وقطر لديهم خبرة في إدارة الحملات المؤثرة ودعم مشاريع المصالحة، سواء في المغرب العربي أو مناطق أخرى.هذا المجتمع المدني قادر على إقناع هذه الدول الخليجية بالانخراط بقوة في هذا الملف،
بتكثيف اللقاءات داخل عواصم الخليج الكبرى، مع استراتيجية واضحة ودعم من الإمارات والسعودية وقطر، سيعطي المبادرات المدنية قوة أكبر وتأثير أوسع على صناع القرار،وأعتقد أن كرة القدم بالذات أصبحت أداة ديبلوماسية فعّالة جدًا في الخليج، وتستخدمها هذه الدول لتعزيز صورتها الدولية وتقوية العلاقات السياسية والاقتصادية، كما حدث مع مونديال قطر واستثمارات السعودية والإمارات في الأندية العالمية.

وأرى أن تنظيم بطولات أو مباريات ودية بين المغرب والجزائر في الخليج قد يكون خطوة رمزية قوية لتعزيز هذا التقارب، فاقتراح تنظيم مباريات ودية أو بطولات بين المغرب والجزائر في عواصم الخليج،بإشراك لاعبين دوليين من الدول المغاربية وغيرها ممن يصنعون ليس الفرجة والمداخيل المالية لأعتى الفرق ،لكنهم أذا أقنعوا من ذوي الأختصاص مع دعوة صناع القرار لمتابعة هذه المباريات ، يُعتبر من أنجع وسائل التقارب وكسب دعم النخب المؤثرة. حسب الدراسات، كرة القدم أداة ديبلوماسية قوية جدًا في المنطقة، وغالبًا ما تستعملها دول الخليج لتعزيز الحوار وتخفيف التوترات السياسية بين الدول المتخاصمة. حضور المسؤولين ومتابعتهم لهذه المباريات يفتح المجال للقاءات غير رسمية وفرص بناء الثقة، خاصة إذا تم تمويل ودعم هذه المبادرات من الإمارات والسعودية وقطر.
ولا ننسى كذلك إشراك رافعة التنمية والتسويق الجيد والإحترافي للإعلام المؤثر ،بكفاءات عربية وغيرها ،قد يكون قيمة مضافة جوهرية لتذليل الصعاب ،والتخفيف من وطأة السياسة التي أثرت جوانب منها على الوضع في المنطقة المغاربية …
إذا انخرط الإعلام بشكل مهني ومستقل، يمكنه فعلاً دعم هذه المبادرات الثقافية والفنية بين المغرب والجزائر، بعيدًا عن التوترات السياسية. الإعلام الحر والمهني قادر على تسليط الضوء على المشتركات، إبراز قصص النجاح، وتشجيع التبادل الثقافي بدل تغذية الصراعات.
و هناك جيل جديد من الصحفيين مستعد للانخراط في هذا النوع من الإعلام البنّاء،شريطة انسلاخه عن جلباب التبعية لأي جهة ضاغطة أو السير وفق أهداف وتوجهات الأنظمة ،لأن الأوضاع بمنطقة المغرب الكبير ،بوابة العالم نحو إفريقيا ،التاريخ والثروات ،والحاجة الماسة للأمن والتكامل الاقتصادي هو الأنسب حاليًا. كل التقارير تؤكد أن الأمن يمثل أولوية قصوى لدول المغرب الكبير بسبب التهديدات الإرهابية، الهجرة غير النظامية، والصراعات في الساحل، بينما التكامل الاقتصادي ضروري لمعالجة البطالة والفقر وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة. بدون تعاون أمني واقتصادي فعّال، ستظل المنطقة هشة أمام الأزمات، خاصة وأن التجارة البينية بين دول المغرب العربي لا تتجاوز 2.4% من إجمالي تجارتها.

والبداية أعتقد هي أن الاتحاد المغاربي يمكن أن يُبعث من جديد إذا توفرت إرادة سياسية قوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى