محمد جرو -تنوير،
لقب بـ “شاعر الرواية المغربي
حيث تناول في أعماله قضايا اجتماعية وإنسانية مهمة، خاصة تلك المتعلقة بالطبقات المهمشة
والمقصية في المجتمع المغربي.
ولد محمد زفزاف في سوق الأربعاء الغرب عام 1945،ذاك الاسم الذي لا يُذكر في الأدب المغربي إلا لماما وتتبعه رائحة الشوارع الشعبية، وأنين المقاهي العتيقة، وأصوات المهمّشين الذين لا يملكون صوتا إلا ما خطّه قلمه على الورق…
كان جرحا مفتوحا في جسد واقعنا/ذواتنا، لم ينحو منحى كثيرين ممن يكتبون عن “أجمل بلد في العالم” ،وبسبب ذلك صنف إلى جانب من يكتب عنهم ،”المهمشون “”فسطع على السطح من يكتب عن بلد تُروّج له الصور البراقة،ففضل الكتابة عن الذي ينام على الأرصفة،وف “جريدات” ويتغذّى على القمامة،لذلك يتبجح كثيرون عن أنه بالمغرب “حتى واحد مكيموت بجوع” هو كاتب التفاصيل المُهملة، ومؤرخ القاع الاجتماعي…عاش طفولة صعبة بعد وفاة والده، مما جعله على تماس مباشر مع واقع الفقر والمعاناة.
لذلك ترجم ذلك في كتاباته، التي لا “يمكيج “فيها الشخصيات، بل يعرّيها ، لا يبحث عن البطل الخارق، بل عن الإنسان العادي الذي يُصارع الحياة كل يوم. كان يرى، كما قال، أن “الرواية ليست متعة فقط، بل فضح”. ولهذا، فإن كتاباته كانت بمثابة شفرات جراحية تحاول شق الجلد السميك للزيف….
ففي روايته “المرأة والوردة”، لا يتردد زفزاف في الغوص عميقا في وجع الإنسان المغربي، من خلال شخصيات متصدّعة، تبحث عن لحظة نجاة، ولو مؤقتة، في الحب، أو في الكحول، أو حتى في وهم الحرية. .
عمل بالتدريس في التعليم الثانوي بالدار البيضاء.
بدأ زفزاف الكتابة في الستينيات، ونشر أعماله في مجلات عربية مرموقة،تميزت أعماله بتناول قضايا اجتماعية مهمة، خاصة تلك المتعلقة بالطبقات المهمشة والمقصية في المجتمع المغربي.
اشتهر بأسلوبه الشاعري والسلس، ولقب بـ “شاعر الرواية المغربية”.كما كتب عن الحب، لا بوصفه ملجأً رومانسيا، بل كعلاقة معطوبة لا تخلو من الانكسارات، حيث تصير المرأة أحيانا سلعة، والرجل ظلا لنفسه…
زفزاف لم يكن كاتب نُخَب، بل كاتب المهمّشين، الذين لا صوت لهم ولا أمل، فصار هو الناطق باسمهم. وكأنّه يقول: “أنا أكتب لأن هناك من لا يستطيع أن يقول شيئا”. كان يتقن ما يسميه إدواردو غاليانو: “الكتابة من أجل الذين يعيشون خارج التاريخ الرسمي…”
زفزاف كتب عن الإنسان قبل أن يكتب عن الأفكار. عن الحاجب الذي لا يملك سوى صمته، عن العاهرة التي لا تريد سوى قطعة كرامة، عن السكير الذي يرى في الزجاجة عدالة مفقودة.
زفزاف كاتب ما بعد الغبار، ما بعد الحلم، ما بعد الهزيمة،لو كان زفزاف حيا، لكتب عن البلد الذي ما زال يُقنع فقراءه بالأمل، بينما يراكم الأثرياء المزيد من الثروات لكتب عن العديد من المثقفين الذي يقفون طوابيرا ليبخسوا اشياءهم وليس مواقفهم في اسواق نضج بالرث، وعن الشباب الذين صاروا يحلمون بلحريگ أكثر مما يحلمون بوطنهم مادام تخلى عن أحلامهم وطموحاتهم وحقوقهم..
محمد زفزاف لم يكتب عن المغرب بمعنى صور الكارطبوسطال بل عن تفاصيله الصغيرة،طعم الشاي المرّ، ضيق السكن، وذلّ طوابير الانتظار الذي قد لايأتي إلا بالخواء .
كان يكتب ليسمع “المهمشون بمعية الكل صراخنا الموجه لمن يعنيه أمر لبلاد “هذا هو الواقع، خذوه كما هو، أو اتركوا الحديث عن التغيير…”
هو صوت الصدق في زمن “الزعت”(لكذوب ولكذيب والكزدابات )كاتب لم يلتفت للبهرجة التي غزت كل جميل،فاصبحنا في حلقة كبيرة تشبه سيرك ، كان يفضل أن يُسجّل في صمت ألم وجوه من بلادي بعمق آلته النقية النابعة من قلب ليس كالقلوب ،لأن قلبه قبل عينه يبصر ..توفي رحمه الله ،بعد مرض عضال بالدار البيضاء سنة 2001..تاركا لنا إرثا من عمقنا وواقعنا دون روتوشات ولا عبث رسام مبتدىء..