في وداع الشامخ مصطفى عربة المناضل الورع الانسان -أحمد حبشي

رحل العزيز ولم تكتمل كل مناه، لم تسعفه أناته وصولة آلامه في أن يرتب وصاياه، وكل ما كان يردده من أغلى الأمنيات، حين يطيب له الحديث عن كل ما تستقيم معه دورة الحياة: كفض الهوامش وفسح المجال لتينع الأيام بما يبهج الناس ويحد من سعة المسافة في اقتسام المكارم.
عزيزنا مصطفى كان غزير العطاء، متعدد الصفات، لا يهدر الكلام فيما لا يقوى على حصره والاستجابة لكل مستلزماته. يصيخ السمع حين تتعدد مداخل الحديث يستفتي قلبه ولا يغويه الاطناب في ما لا تسنده الوقائع أوتقتضيه الحاجة ويستجيب لغايات. هو الانسان الورع الواثق بحضوره الفاعل في كل لحظات العطاء، جعل منه تواضعه اللافت رمزا بكل ما يعنيهانصهار الذات في خدمة الآخرين. لا ينتظر من يدله على مكمن الفعل الصالح ولا أواصر التآزر والتكافل.حاضر بفعالية واقتدار، كلما اجتباه واجب او سعي للقيام بفعل يرضاه، لا مسافة تمنعه من الافراط في تأدية ما يعتبره واجبا في خدمة من هو في حاجة إلى لمؤازرة أو إسعاده بخدمة من الخدمات. كان مقصد التائهين والمظلومين وكل من تضيق بهم دورة الأيام أو تعيق النوائب أحلامهم ورجاة الأماني.
رحل مصطفى، العفيف الشهم المتواضع، الذي لم يكن أحد يشبهه في سعيه لمد يد العون لمن اجتباه واختاره سندا للحد من صولة الأيام وتكالب الزمن في كل الأحوال وأصعب الظروف. ونحن الآن على مسافة من الاشتياق، أستعيد بحسرة واسف بالغ كل لحظات لقياه، أتذكر كيف كان يأخذني في عناق منذ توطدت أواصرنا، وكيف يخصني بمودة تطفح بالتقدير، في صفاء عباراته ما يعطي للصداقة كل معاني الوفاء وجلال الاحترام. عزاؤنا أنا جايلنا من ضمخ علاقاتنا بكل الاحترام والاقتدار، الذي علمنا أن الانسان عطاء دائم، ومودة قائمة على الرأفة وأخذ الآخرين بالاعتبار كجزء من عوالمنا، حاجياتهم حاجياتنا، وصيانة كرامتهم واجب من واجباتنا. فلنوطد حرصنا على تمثل سلوكه وتخليد كل تجليات قيمه وسخاء عطائه…فلروحه الطاهرة ألف تحية وأزكى سلام.
أحمد حبشي يوليوز 2025