عزيز الحنبلي – تنوير
شنّت القوات الجوية الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة، هجوماً واسع النطاق استهدف مواقع عسكرية ومراكز حساسة داخل الأراضي السورية، شملت العاصمة دمشق ومحيط محافظتي السويداء ودرعا، في تطور خطير يزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة.
وأعلنت إسرائيل أن ضرباتها الجوية جاءت “دفاعاً عن الأقلية الدرزية في جنوب سوريا”، عقب اندلاع اشتباكات دامية بين مجموعات درزية ومسلحين من قبائل بدوية في محافظة السويداء، ما اعتبرته دمشق “ذريعة واهية لتبرير عدوان سافر على السيادة السورية”.
وقد طالت الغارات مبنى وزارة الدفاع السورية، وقيادة الأركان وسط دمشق، إلى جانب استهداف آليات مدرعة ومراكز مراقبة في مناطق الجنوب. وأسفر الهجوم عن إصابة ما لا يقل عن 13 شخصاً بجروح، وفقاً لما أعلنت عنه وزارة الصحة السورية.
وأثار هذا الهجوم موجة تنديد عربية ودولية واسعة، حيث وصفت روسيا الهجمات بأنها “انتهاك صارخ للقانون الدولي”، داعية إلى وقف التصعيد والعودة إلى طاولة الحوار. من جهتها، دعت الصين إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، بينما وصفت تركيا الغارات بـ”الاستفزاز المرفوض الذي يهدد استقرار المنطقة”.
أما إيران، فقد أدانت الهجوم بشدة واعتبرته “تهديداً مباشراً للأمن القومي السوري”، في حين دعت الولايات المتحدة إلى “ضبط النفس”، مؤكدة ضرورة حماية المدنيين وتجنب المزيد من التصعيد. كما عبّر الاتحاد الأوروبي عن قلقه من تداعيات الضربات، مطالباً بوقف فوري للعنف واحترام القانون الدولي.
العواصم العربية من جهتها، أجمعت على إدانة الهجمات، إذ أصدرت كل من السعودية، قطر، الإمارات، مصر، الأردن ولبنان بيانات تضامن مع سوريا، داعية مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة للبحث في تداعيات العدوان الإسرائيلي. كما نددت حركات المقاومة مثل “حزب الله” و”حماس” و”الجهاد الإسلامي” بما وصفته بـ”العدوان المنظم”.
في هذا السياق، أعلنت الحكومة السورية تقديم طلب رسمي لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، لمناقشة هذا التصعيد العسكري و”محاسبة إسرائيل على خرقها المتكرر لسيادة الدولة السورية”، حسب تعبيرها.
أما على المستوى الداخلي، فقد دخلت دمشق في حالة استنفار سياسي وأمني، وسط نقاشات داخلية حول أفضل السبل للرد، حيث دعا بعض المراقبين إلى الرد العسكري المحدود، فيما طالب آخرون بضرورة تحصين الجبهة الداخلية ومعالجة التوترات المجتمعية، خصوصاً في المناطق التي شهدت اشتباكات قبلية.
ويحذر محللون من أن استمرار الغارات الإسرائيلية على سوريا، في ظل صمت أو تواطؤ بعض القوى الغربية، قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من عدم الاستقرار الإقليمي، لا سيما في ظل التوتر المتزايد على الحدود اللبنانية والسورية، واحتدام النزاعات الداخلية.
وفي انتظار ما ستسفر عنه جلسة مجلس الأمن، تبقى أعين العالم موجهة نحو دمشق وتل أبيب، وسط قلق متزايد من أن تتحول هذه المواجهة إلى شرارة نزاع أوسع في منطقة تعاني أصلاً من هشاشة أمنية عميقة.
زر الذهاب إلى الأعلى