محمد جرو/الطنطان/تنوير
أمام تقاطع النضال السياسي بالعمل المسلح ،برز اسم مناضل ماركسي لبناني ،في أغرب محاكمة عرفتها فرنسا ،ويعد الرفيق جورج ابراهيم أقدم معتقل على أراضي الثورة الفرنسية وحقوق الإنسان ،بضغط من الكيان العبري ودعم حاضنتها الولايات المتحدة الأمريكية ،ظل جورج خلف القضبان 41 سنة ،وسيطلق سراحه الخميس المقبل 25 يوليوز ،دون أن يسمح له بالمكوث دقيقة فوق التراب الفرنسي ،من الزنزانة نحو المطار لترحيله للبنان ،وعين الكيان الصهيوني عليه وقد أحس بهذا قبل إطلاق سراحه ..من هو جورج عبد الله ..وماقصة اعتقاله ؟
أُوقف جورج ابراهيم في 24 أكتوبر 1984 في مدينة ليون الفرنسية، وأدين لاحقًا عام 1987 بتهمة التواطؤ في اغتيال الدبلوماسي الأمريكي تشارلز راي والإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف في باريس عام 1982، إضافة إلى محاولة اغتيال القنصل الأمريكي روبرت أوم في ستراسبورغ عام 1984.
وعبد الله هو أحد مؤسسي “الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية”، وهي مجموعة ماركسية موالية لسوريا ومعادية لإسرائيل، نشأت عام 1982 في خضم الحرب الأهلية اللبنانية. وأعلنت هذه الفصائل مسؤوليتها عن سلسلة عمليات في فرنسا عامي 1981 و1982 أوقعت قتلى، وكانت جزءًا من تحركات تضامنية مع القضية الفلسطينية.
“أنا مقاتل ولست مجرمًا”
طوال سنوات محاكماته، بقي عبد الله ثابتًا في موقفه، مصرًّا على أنه مناضل سياسي اختار طريقه نتيجة “الانتهاكات التي ارتُكبت بحق الفلسطينيين”، كما قال أمام المحكمة، مؤكدًا أنه لم يشعر يومًا بالندم على ما أقدم عليه.
وقد طُرح اسمه للإفراج المشروط 11 مرة منذ عام 1999، دون أن تُكلَّل أي من المحاولات بالنجاح، رغم أن القانون الفرنسي يتيح ذلك منذ أكثر من عقدَين.
أبدت السفارة الإسرائيلية في باريس “أسفها” لقرار القضاء الفرنسي، وقالت في بيان إن جورج عبدالله “ارهابي مسؤول عن قتل الدبلوماسي الإسرائيلي ياكوف بار سيمان توف على مرأى من زوجته وابنته، والدبلوماسي الأميركي تشارلز راي. ينبغي أن يمضي إرهابيون كهؤلاء، أعداء العالم الحر، حياتهم في السجن”.: وفي فبراير 2024، وافقت محكمة فرنسية على الإفراج عنه بشرط ترحيله الفوري إلى لبنان، لكن القرار عُلّق بعد استئناف تقدّمت به نيابة مكافحة الإرهاب. وأخيرًا، صدر الحكم الجديد بالإفراج عنه.
ومن اللافت أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كانت قد اعتبرت في عام 2021 أن السجن المؤبد دون أفق واقعي للإفراج يتعارض مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، في إشارة إلى حالات كحالة عبد الله، الذي أمضى 41 عامًا خلف القضبان، بينما يُفرج في العادة عن المحكومين بالمؤبد في فرنسا بعد أقل من 30 عامًا.
جورج إبراهيم عبدالله ولد في 2 أبريل 1951 في بلدة القبيات شمال لبنان، لعائلة موارنة ماركسية. عمل معلما في مرحلة ما قبل الجامعة، ثم انخرط في الأوساط القومية العربية المؤيدة للقضية الفلسطينية. تحالف بداية مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (PFLP)، ولاحقا أسس الجناح المسلح الثوري اللبناني (LARF) عام 1979.
وصفه أنصاره بأنه “مناضل ضد الامبريالية” والعنف المفرط لـ”الصهيونية”، لكن غربا اعتُقل على خلفية تورطه في سلسلة اغتيالات بطلتها أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية في باريس بين عامي 1982 و1984. وأدين في 1987 بالسجن المؤبد نتيجة دوره في اغتيال كلا من الضابط الأمريكي تشارلز راي، والدبلوماسي الإسرائيلي يعقوب بارسيمانطوف، مع محاولة اغتيال قنصل أمريكي آخر .