عزيز الحنبلي -تنوير
شهدت جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب يوم الإثنين 21 يوليوز 2025 توتّراً حادّاً بين الفريقين الاستقلالي والاشتراكي، بعدما أشارت البرلمانية الاشتراكية عائشة الكرجي إلى غياب وزير التجهيز والماء، نزار بركة، ووصفت ذلك بـ”الكارثة العظمى”، مما أشعل مواجهة سياسية بين الطرفين .
ما إن انتهت الكرجي من كلامها، حتى اندلعت احتجاجات داخل القاعة من قبل نواب فريق حزب الاستقلال، الذين اعتبروا تلاوة أسماء الوزراء المتغيبين أمراً غير مقبول وغير دستوري. وتصاعد النقاش في الجلسة إلى درجة دفع برئاسة الجلسة، النائبة نادية التهامي، إلى رفع الجلسة أكثر من نصف ساعة، لعقد لقاء طارئ رفقة رؤساء الفرق البرلمانية، قبل أن تُستأنف الجلسة مع تعديل إجراءاتها بالإقرار بعدم تكرار هذه الممارسة، وسحب أسماء الوزراء من محضر الجلسة.
بعد الاستئناف، تدخل رئيس الفريق الاستقلالي، علال العمرواي، عبر نقطة نظام، مؤكدًا على ضرورة التضامن الحكومي وأن الوزير بركة “من أكثر الوزراء حضوراً” استنادًا إلى الإحصائيات الرسمية وفي المقابل، رأى رئيس الفريق الاشتراكي عبد الرحيم شهيد أنّ “المعارضة تمارس حقها الدستوري في الرقابة”، وأوضح أن وصف غياب بركة بـ”الكارثة” لم يكن موجهًا شخصياً إليه، بل لتداعياته السياسية (مثل العطش والماء)، داعياً لاستمرار تلاوة أسماء الوزراء الذين يتغيبون بدون مبرر .
من جهة أخرى، أعرب النائب الاستقلالي إسماعيل بن بيي عن استهجانه لتوصيل هذه المسألة إلى حد السحب من محضر الجلسة، وطالب باعتذار رسمي من الفريق الاشتراكي، مشيراً إلى أن الخطاب البرلماني يجب أن يراعي النظام الداخلي والاحترام المتبادل. بينما اعتبر النائب الاشتراكي سعيد بعزيز أن ثمة تفاهمًا ممكنًا إذا أتيح للنواب الرد ضمن الأسلوب النظامي دون مقاطعة، مع وجود تحفظ على تفسير المادة 290 من النظام الداخلي بأنه يمنع للنقاش المطلق حول غياب الوزراء .
وقد فسّرت النائبة عائشة الكرجي غياب أربعة وزراء (فاطمة الزهراء المنصوري، أديب بن إبراهيم، ليلى بنعلي، ونزار بركة) بأنه réflection للاستخفاف بالعمل التشريعي والرغبة في تمرير ملفات دون مساءلة واضحة من البرلمان ا مشيرة إلى أن ذلك محرك الاحتجاج الشعبي باعتبار المهام الحكومية مرتهنة للحضور من أجل ضمان شفافية المساءلة.
هذه المواجهة تبرز مساحة التوتر المزمن بين المعارضة والأغلبية داخل المشهد البرلماني المغربي، وتوضح أن غياب الوزير لا يعد مسألة تنظيمية، بل استهداف للممارسة الديمقراطية والمساءلة الداخلية. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كان البرلمان سيتخذ إجراءات تنظيمية أكثر صرامة تجاه الغيابات المتكررة، وهل ستخرج الحكومة لتبرير تبريرات واضحة أو تقديم تفاصيل عن نسب حضور وزرائها؟
زر الذهاب إلى الأعلى