وجهة نظر

اليسار المسلح والاسلام المقاتل في التمايز التغايري ..حالة غيفارا والسنوار بقلم عبد الله انحاس الحلقة الثالثة

زمن التجربة السنوارية
بعد انقضاء ازيد من عقدين من الزمن في مواجهة الأسر والسجان،على خلفية انخراطه في صفوف القسام،تمكن يحيى السنوار من معانقة الحرية في إطارصفقة شاليط لتبادل الأسرى المبرمة بين المقاومة والاحتلال،ليعود بعدها لسيرته النضالية الاولى داخل صفوف الحركة بغزة،مثحملا وظيفة مركزية في إطار جهازهاالامني.
لقد تمكن ابو ابراهيم عبر تجربته داخل أقبية الاحتلال الغاشم،من تملك ناصية العبرية،التي ساعدته على استيعاب اليات اشتغال المنطق الداخلي الكيان العدو،اذ استطاع اكتساب معرفة عميقة ودقيقة بالداخل المحتل،تولد عنها اصداربضعة كتب ورواية من رحم ظلمة الزنزانة الموحشة،تماما كما كان الكومندونتي تشي يدون مذكراته حول تجربته التاريخية الملموسة المتصلة بنموذج قتالي نوعي عبر عنه اسلوب حرب العصابات من داخل ميدان الدم والنار.ليصبح نبراسا لاجيال ثورية لاحقة قاومت الظلم،ونازلت القهرا والفاشية والصهيونية سواء في البيرو والمكسيك غواتيمالا وفلسطين ولبنان والفليبين كولومبيا مع تجربة فارك،قبل التدخل المباشر من قبل كاسترو وتشافيز وهو ماافضى الى التمهيد نحو السلطة امام الزعيم اليساري المنتخب غستافو بيدرو ناهيك عن بقع اخرى من العالم.ولعل حالة حزب عبد الله اوجلان وماحمله من واقعة التخلي عن السلاح،يندرج ضمن السياق نفسه ووفق ذات المتغيرات الاقليمية والدولية،وايضا على أرضية كون حروب التحرير الشعبية قد انتهت الى حل سياسي وليس عسكري.
لقد تدرج السنوار داخل صفوف حركة المقاومة الإسلامية بغزة الى ان تبوا مركز قيادتها،وتحول الى ملهمها الأول وعقلها السياسي المدبر،بل واحد ابرز ضباط ايقاعها العسكري،الى جانب محمد الضيف ومروان عيسى وثلة من القادة الشهداء منهم والاحياء .ومثلماتم.اسرالكوموندونتي ابو الليدا وهو مصاب قبل تصفيته داخل مدرسة با ئسةومهجورةعلى يد ضابط بوليفي مخمور، مذعورومتردد.اصيب القا ئد ابو ابراهيم في اشتباك مسلح مع مجموعة من الجند الصهاينة،لينال الشهادة داخل مبنى مدمروهو يهش بعصاه على مسيرة ،قبل سقوطه الأخير بقذيقة دبابة اسرائيلية،ليرتقي الى جانب لفيف من القادة الكبار امثال الشيخ ياسين والرنتيسي ؤصلاح شحادة وهنية و الضيف ونصر الله…وقبلهم ابو جهاد وابو اياد والزعيم ابو عمار الذي لم يطالوه في ساحة الميدان، لكنهم تمكنوا منه عبر المطبخ،وهو محاصر بمقر المقاطعة.
لم يكن السنوار الذي انتخبته حماس وسط شلالات الدم الفلسطيني،مجرد زعيم ادار المقاومة باحترافية وشراسة،بل ساهم الى جانب صحبه في تهشيم السرديةالصهيونيةعبراطلاق فيتنام اكتوبرالكبرى،التي ابانت عن الوجه الحقيقي لكيان الفاشية والارهاب،بنفس الدرجة التي افصحت فيها وحشية فظيعة غير مسبوقة،تخطت الابادةواتبتث ان اسرائيل هي مكر التاريخ واحط ا نفلاتاته.
بعد التصفية الجسدية لغيفارا،ظلت رفات الأيقونة الثورية التي ذاع صيتهاعبرالعالم،مدفونةفي بوليفيا لسنين عديدة،حيث تحولت لمزار يفد عليه الالاف من الزوار،.الى ان تمت استعادتها من قبل رفاق السلاح في القيادة الكوبية،لتدفن من جديد في البلاد التي ساهم في تحريرها من طغمة باتيستا الفاشية…مثلما لازال جثمان المقاتل السنوار اسيرا لدى العدو في انتظار استرداده من قبل المقاومة
في المفاصل المشتركة بين القناعتين الثورية والجهادية
اذا كانت المقاصد العامةللتجربةالغيفاريةثوريةفي جميع الاحوال،ترعى حلم وامل تغيير عالم البشر الذي يعبر عنه واقع الاستغلال من قبل المتروبول ووكلائه المحليين،مع ما نتج عنه من تعميم فظيع لواقع البؤس والنهب والتهميش والقهرالتاريخي،واذاكانت هذه المسيرة قد وضعت الاسس الأوليةلحرب العصابات كاسلوب تنظيمي مسلح ،ظل موضوع تمثل واستلهام من قبل معظم المنظمات المسلحة ذات الميولات الماركسية والاشتراكية عمومأ.فان الجزء الاساس الذي من أجله انطلقت التجربة السنوارية ،ارتبط تحديدا بقضية الأسرى في سجون واقبية العدو.لما لهذا الموضوع من أولوية قصوى في وعي الشعب والمقاومة
فكانت فيتنام اكتوبر بمثابة تعليق الجرس على عنق اسرائيل ،وبداية إعادة فلسطين الى الواجهة بعد ادخالها دورة تصفية رهيبة ندر مثيلها في حق الذاكرة والقضية.
بينما كانت الثورة المسلحة بالنسبة لتشي بمثابة المثل الاعلى،الذي عنى على أرض الواقع التحرير الفعلي شعوب أمريكا الجنوبية من تسلط الردائف الموضوعية للمركز،ممثلة في الشركات المتعددة الجنسية والمجهولة الهوية والعابرة القارات…ومن اضطهاد صنائعه المحلية .قاتل السنوار من اجل تحرير الاف الأسرى و المضطهدين تحت وحشية الاحتلال وهمجية حصار فاشي لا يبقي ولا يذر.وكانت كلفة الاثمان ثقيلة جدا بحيث تفوق المتخيل و علا من جهة حجم البشاعة والفظائع الهمجية على مجمل تواريخ الابادة التي خبرها الزمن.التاريخي المعاصر.
ان التأمل في السيرة الكفاحيةالمقاتلةالمتفاوتةمن حيث الدرجةوالطبيعةوالقناعةالمبدئيةالاستراتيجية،التي اسست لهاضمن سياق ملابسات تاريخيةمختلفةكل من التجربتين الغيفاريةوالسنوارية،على ارضيةسلوك موحد يختزله رهان العمل المباشر..القوة المسلحةالمشدودة الى مرجعيتين متباينتين ،الاسلام والماركسيةومابينهمامن فواصل ثقافيةورمزيةوروحيةوتاريخيةاضافةالى الوسائط التأويلية،تؤطران تصريف القناعةالجهاديةمن جهة،وقناعةالعنف الثوري من جهة ثانوية
ضمن هذاالسياق يواجه المحلل بسؤال اشكالي عميق هو على الشكل التالي: الا تشكل رسالةالمقاتل الاممي كارلوس المنشورة باحد اعداد مجلة افريقياالشابة،الموجهة الى بن لادن التي يصفه فيها بخليفته في الكفاح المسلح ضد الامبريالية والصهيونية،نمطا من البوح الاستثنائي الصريح بنوعية العلاقة المفترضة،والمضمرة،بين المقاتل الثوري التاريخي المعكوس بتعبيرات دينيةاعتراضيةوبرموزثقافية احتجأجية ( المقاتل الاسلامي)؟؟ استمرار معكوس يربط ضمنياعبدالله اوجلان بشامل باسييف،وكاسترو بالملا محمد عمر؟؟
بين تجربة واحدة بوجهين مرجعيين ووجهتين عقائديتين متباينتين على صعيد نمذجة المقاصدالنهائية؟
بإمكان اعادةالحفرفي طبقات الذاكرة الثورية الحركة التحررالوطني العربية،والجنوبية عموما،وبالتحديد اجنحتهاالراديكالية،المساعدةعلى بناء الجزء المركزي من دفاعات فرضية محددة،تقوم على اعتبارصنف محدد من جماعات ألاسلام المقاتل بمثابة الاستمرارية المعكوسة بوجه رمزي وبتعبيرات ورموز ثقافية احتجاجية ودينية اعتراضية للاجنحةالثورية للحركات اليسارية المسلحة التي طبعت اواخر الستينيات وغطت مرحلت السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى