باتريسيا لومبار كوساك: الناطق باسم الاتحاد الأوروبي يؤكد أن لا الاتحاد الأوروبي ولا أي دولة من دوله تعترف بالجمهورية الصحراوية

ترجمة: أحمد رباص
ترى باتريسيا لومبار كوساك، سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، أن الرباط وبروكسل قد بنتا، ابنة لبنة، صرحًا متينًا وإنسانيًا وطموحًا. وتضيف الدبلوماسية الأوروبية: “المغرب، بقيادة جلالة الملك، شريكٌ موثوقٌ به يُمكننا الشروع معه في حوارٍ مُثمر”، مؤكدةً أن الطرفين يتشاركان الرؤية نفسها تجاه التحديات الرئيسية، مثل التحول في مجال الطاقة، والمرونة المناخية، والتنافسية الاقتصادية، والقضايا الجيوسياسية. ولتوضيح عمق هذه الشراكة وتميزها، أشارت السيدة لومبارت كوساك إلى أن المغرب هو المستفيد الرئيس من تعاون الاتحاد الأوروبي في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، باستثناء فلسطين. منذ عام 2021، خُصصت أكثر من مليار يورو على شكل منح، منها ما يقارب 810 ملايين يورو دعمًا مباشرًا للميزانية، سُددت للخزينة المغربية. وتُظهر هذه الآلية ثقتنا في السياسات العامة للمملكة، كما أشارت إلى أن من أبرز نجاحات العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي الشراكة الخضراء المُبرمة عام 2022، وهي “الأولى من نوعها في العالم بين الاتحاد الأوروبي ودولة شريكة”.
وفي ما يتعلق بقضية الصحراء، قالت باتريسيا لومبار كوساك إنها تُدرك “الأهمية البالغة لهذا الموضوع بالنسبة إلى المغرب”، مُؤكدةً أن “هناك أمرًا واحدًا يبقى مؤكدًا: الاتحاد الأوروبي شريك موثوق، وسيظل كذلك، وحساس تجاه القضايا المهمة للمغرب”.
لتوضيح هذه المعطيات، أجرت جريدة (لوماتنان) الناطقة بالفرنسية حوار مطولا مع باتريسيا لومبار كوساك وقد جرت أطواره كما يلي:
ـ بعد مرور أكثر من 30 شهرا على توليكم منصبكم، هل تشعرون (أو تقتنعون) بأنكم ساهمتم في تعزيز الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي؟
+ بدايةً، أشكركم على إتاحة الفرصة لي للتعبير عن رأيي على صفحات جريدتكم. يسعدني ويشرفني أن أساهم في إحياء الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، بروح من الابتكار والطموح. لقد التزمتُ بتعزيز روابط الثقة، وتوسيع تعاوننا ليشمل مجالات واعدة جديدة، تماشياً مع التحديات العالمية الراهنة. وهذا ينطبق بشكل خاص على التحول الأخضر، من خلال الشراكة الخضراء من أجل اقتصاد أكثر استدامة ومرونة. كما أننا ملتزمون، إلى جانب المغرب، بتنفيذ مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، وهو مشروع طموح يهدف إلى الحد من أوجه التفاوتات. وفي الوقت نفسه، ندعم تطوير الصناعات الثقافية والإبداعية، التي ينخرط فيها الشباب المغربي بفاعلية ويتمتع بإمكانيات هائلة. لقد أطلقنا العديد من المشاريع المبتكرة التي تجمع بين التوظيف والإدماج والتأثير الثقافي. وأخيراً، حرصتُ أيضاً على أن يكون تعاوننا أكثر وضوحاً وواقعية، وأقرب إلى الاحتياجات المعبر عنها على أرض الواقع. ويظل هذا العمل المحلي، مع الشركاء المؤسسيين بطبيعة الحال، ولكن أيضًا مع المجتمع المدني، في نظري ضروريًا للحفاظ على شراكة قوية بالفعل، مبنية على المصالح المشتركة وتركز على المستقبل.
ـ مع مغادرتكم المملكة في نهاية مهمتكم، ما هي الصور والذكريات التي ستظل عالقة في أذهانكم؟ ما الذي أثّر فيكم أكثر كسفيرة، بعد أن التقيتم بمسؤولين وشباب ومسؤولين تنفيذيين، بل وحتى بأشخاص عاديين من المغرب في المناطق النائية؟
+ هناك اشياء كثيرة يتوجب علي ذكرها، لكن ما أتذكره قبل كل شيء هو اللقاءات الإنسانية. مسؤولون وطلاب ورواد أعمال ونساء في المناطق القروية ومبدعون شباب… أقنعوني جميعًا بأن شراكتنا مع المغرب راسخة في الواقع. إنها تتجسد من خلال الوجوه والقصص والطموحات المشتركة. كان المبدأ التوجيهي الرئيسي الذي وجّهني طوال هذه السنوات في المغرب هو فكرة تعزيز شراكتنا بطموح أكبر ونتائج ملموسة. كما أني مقتنعة بأن التنمية البشرية – سواء كانت تكوينا أو تعزيزًا للمهارات والإدماج أو التنقل – تُشكّل القلب النابض لتعاوننا، وهي جزء لا يتجزأ من التنمية الاقتصادية، للمغرب وكذلك للاتحاد الأوروبي. وبهذه الروح، دعمنا العديد من الشراكات في التكوين المهني وريادة الأعمال والتعليم العالي. أكثر ما أفتخر به هو مساهمتي في جعل شراكتنا علاقةً أكثر ترابطًا، وأكثر استشرافًا للمستقبل، وأكثر فائدةً لمجتمعاتنا. واليوم، ترتكز هذه الشراكة على أسس متينة، بفضل الجهود الحثيثة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وأنا واثقة من قدرتها على مواصلة النمو، خدمةً لمصالحنا المشتركة.
ـ متعددة الأبعاد ومتينة، هكذا تُوصف الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي – من كلا الجانبين. ما الذي يجعل هذه الشراكة فريدة برأيكم؟
+ ما يجعل شراكتنا فريدة هو عمقها واتساقها ورغبتنا المشتركة في جعلها نموذجًا يُحتذى به. لقد بنينا، لبنة تلو الأخرى، صرحًا متينًا وإنسانيًا وطموحًا. ولهذا السبب نتحدث، مع المغرب، عن شراكة “الازدهار المشترك”. تتجسد هذه الشراكة يوميًا من خلال إجراءات ملموسة، تنفذها المؤسسات والشركات والمجتمع المدني من كلا الجانبين. حتى في أصعب الأوقات، لم ينقطع الحوار أبدًا. إن هذه القدرة على التفاهم والبحث عن حلول معًا هي إحدى نقاط قوتنا.
في عالم غير مستقر، أنا مقتنعة بأن علاقتنا يمكن أن تكون مرجعًا يُحتذى به. إن المغرب، بقيادة جلالته، شريك موثوق به يمكننا أن ننطلق معه في حوار مفيد. إلى جانب قيمنا المشتركة، نتشاطر رؤية مشتركة للتحديات الرئيسية في عصرنا: التحولات في مجال الطاقة، والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، والقدرة التنافسية الاقتصادية، والقضايا الجيوسياسية. المملكة شريكٌ طبيعيٌّ بين أوروبا وأفريقيا. فمعرفتها العميقة بالديناميات الإقليمية، والتزامها طويل الأمد تجاه القارة، وقدرتها على المبادرة، تجعلها شريكًا قيّمًا للعمل مع الدول الإفريقية لتطوير استجابات مشتركة للتحديات المطروحة على القارة. وهذا منظورٌ يرغب الاتحاد الأوروبي في استكشافه بمزيد من التفصيل.
ـ في عام 2021، اقترح الاتحاد الأوروبي شراكة متجددة مع الجوار الجنوبي – أجندة جديدة للبحر الأبيض المتوسط. ماذا تعني هذه الشراكة للتعاون مع المغرب؟
+ رست الأجندة الجديدة للبحر الأبيض المتوسط، التي وضعت في عام 2021، أسسًا مهمة لإعادة توجيه شراكتنا مع الجوار الجنوبي. وهي تركز على الناس، وخاصة الشباب والنساء، وكذلك على الأولويات الرئيسية مثل الإدماج والنمو المستدام والحكامة الجيدة. مع المغرب، تُرجم هذا إلى دعم أقوى للاقتصاد المرن والتماسك الاجتماعي وتقارب القيم.
لكننا اليوم في مرحلة جديدة وأكثر طموحًا في مجال التقارب الذي نتقاسمه. يُحدّث ميثاق البحر الأبيض المتوسط هذه الرؤية. سيتم تقديمه قريبًا، بالتشاور مع شركائنا المتوسطيين. يتعلق الأمر بالمضي قدمًا على درب بناء منطقة تقارب أورومتوسطية حقيقية، من خلال مبادرات ملموسة في مجالات الطاقة النظيفة والمرونة المناخية والهجرة والتنقل والتعليم والتوظيف. كما أكدت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية ناصر بوريطة إلى بروكسل هذا الطموح المشترك في البناء المشترك وبناء منطقة متوسطية تسودها الشراكة والتقدم المشترك والاستقرار الدائم. وتجعل الاضطرابات الحالية هذا الخيار أكثر ضرورة من أي وقت مضى.
ـ يُعدّ المغرب أحد أبرز المستفيدين من آلية الجوار والتنمية والتعاون الدولي (2021-2027). حتى اليوم، ما هو المبلغ المخصص للمغرب، وما هي القطاعات التي يغطيها؟
+ يُعدّ المغرب المستفيد الرئيس من تعاون الاتحاد الأوروبي في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، باستثناء فلسطين. منذ عام 2021، تم الالتزام بأكثر من مليار يورو على شكل منح، بما في ذلك ما يقرب من 810 ملايين يورو كدعم مباشر للميزانية، دُفعت إلى الخزينة المغربية. يُظهر هذا الترتيب ثقتنا في السياسات العامة للمملكة. يدعم هذا التمويل الإصلاحات الرئيسية الجارية: توسيع الحماية الاجتماعية، والتحول في مجال الطاقة، والتكيف مع تغير المناخ، والعدالة، والهجرة، والزراعة البيئية، وإصلاح التعليم العالي. يُضاف إلى ذلك دعم استثنائي بقيمة 225 مليون يورو، يُكمّل قرضًا يصل إلى مليار يورو من بنك الاستثمار الأوروبي لإعادة إعمار المناطق المتضررة من زلزال الحوز المروع الذي وقع في سبتمبر 2023. وإذا أخذنا في الاعتبار قروض بنوك التنمية الأوروبية – بنك الاستثمار الأوروبي، والوكالة الفرنسية للتنمية، وبنك التنمية الألماني، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية – المدعومة بضمانات أوروبية، فقد تم تعبئة أكثر من 5.5 مليار يورو منذ عام 2021. ولم ينتهِ الأمر بعد. إذ يجري إعداد برامج جديدة لدعم مناخ الأعمال، وتدبير النفايات، والإدماج المهني، لا سيما من خلال تطوير كفاءات الشباب، وغيرها من القطاعات الحيوية. هذا تعاون قائم على الأولويات المشتركة ويركز على المستقبل
ـ كثيراً ما يُستشهد بالتعاون في مجال الأمن والهجرة كمثال. كيف تطور على مر السنين، وكيف يتكيف لمواجهة التحديات الناشئة؟
+ يعتمد أمن الاتحاد الأوروبي أيضاً على الوضع الأمني في جواره. ولذلك، يُعدّ المغرب شريكاً مهماً وفعالاً في مكافحة الجريمة المنظمة والتطرف العنيف. وينطبق هذا بالطبع أيضاً على إدارة الحدود، في ظل ضغوط الهجرة غير النظامية، التي تغذيها شبكات الاتجار والتهريب المتطورة بشكل متزايد. يغطي تعاوننا جميع جوانب حكامة الهجرة، بروح من المسؤولية المشتركة. واليوم، نناقش سبلاً جديدة لتعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية. ولكن، وأؤكد على هذا، لا يمكن اعتبار الهجرة تحدياً أمنياً. إنها أكثر تعقيداً من ذلك بكثير، ولا تتوافق مع القيم التي يتقاسمها الاتحاد الأوروبي والمغرب. فالتنقل جزء من ثراء تبادلاتنا الإنسانية والثقافية، وتاريخنا المشترك. ولهذا السبب، وبينما نكثف معا جهودنا لمكافحة تدفقات الهجرة غير الشرعية، نعمل على تطوير المزيد من قنوات الهجرة الشرعية، لا سيما من خلال ما يُعرف بـ”شراكة المواهب” بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. كما تعلمون، في بعض القطاعات التي تعاني من ضغط، أعربت أوروبا عن حاجتها للعمالة، في حين يرغب عدد من المغاربة في اكتساب خبرة مهنية في أوروبا. بالتعاون مع شركائنا المغاربة، قمنا ببناء قطاعات مُشرف عليها، لضمان تجنب أي استنزاف للكفاءات الأساسية لتنمية المغرب، بل وتشجيع التنقل الدائري. إنه نهج مربح للجانبين.
ـ في ما يتعلق بقضية الصحراء، تتبنى بروكسل موقفًا حذرًا ومحايدًا. ومع ذلك، فإن الاتفاقية الزراعية التي صادق عليها البرلمان الأوروبي تؤكد على أن المنتجات الزراعية والسمكية من الأقاليم الجنوبية للمملكة تستفيد من نفس التفضيلات الجمركية الواردة في اتفاقية الشراكة. وينطبق الأمر نفسه على اتفاقية الصيد البحري. لماذا تعتقدين أن الاتحاد الأوروبي لا يزال مترددًا في الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء؟ هل تعتقدين أن تغيير موقف بروكسل ممكن، في ظل المواقف الجديدة لفرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة وألمانيا؟
+ أتفهم الأهمية البالغة لهذه القضية بالنسبة إلى لمغرب. وكما أكد المجلس الأوروبي، عقب أحكام محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن الاتحاد الأوروبي يولي أهمية كبيرة لشراكته مع المغرب، وهي شراكة طويلة الأمد وعميقة ومتعددة الأبعاد. ويظل اتفاق المنتجات الزراعية ساريًا حتى أكتوبر 2025. وأنا واثقة من أننا سنجد سويا أفضل سبيل للمضي قدمًا لضمان استمرارية التجارة بعد هذا الموعد النهائي والارتقاء بشراكتنا إلى المستوى التالي.
أرى أن التبادلات الأخيرة على أعلى مستوى، وخاصةً خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية ناصر بوريطة إلى بروكسل في 14 يوليوز، تُعدّ دليلاً على أن هذا الزخم يتقدم بخطى ثابتة، في ظلّ مناخ من الثقة المتجدّدة. وأؤكد لكم أن هناك أمراً واحداً يبقى ثابتا: الاتحاد الأوروبي شريك موثوق، وسيظل كذلك، وحساساً تجاه القضايا التي تهمّ المغرب. ونحن ملتزمون بالاستثمار في علاقة متبادلة المنفعة، قائمة على الثقة والاحترام.
ـ في سياسته الخارجية، يُركز المغرب على تنويع شراكاته. كيف ينظر الاتحاد الأوروبي إلى التطورات الاقتصادية المتنامية بين المغرب والصين، والتي تعتبرها بروكسل تهديدًا لمصالحها الاقتصادية (صناعة السيارات، على سبيل المثال)؟
+ أتصور أنك تشير إلى قرار الاتحاد الأوروبي، الصادر في مارس الماضي، بفرض رسوم تعويضية على جنوط الألومنيوم المنتجة في المغرب. هذا القرار لا يهدف، كما قرأت، إلى عرقلة وصول المنتجات المغربية إلى السوق الأوروبية أو الحد من الاستثمار الأجنبي في المغرب. هدفه الوحيد هو ضمان المنافسة العادلة، بما يتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية واتفاقية الشراكة بيننا وبين المغرب. وهو يستند إلى تحقيق دقيق، أُجري بطريقة شفافة وتشاورية، بما في ذلك مع السلطات المغربية.
في الواقع، أنا متفائلة قبل كل شيء بشأن تطور شراكتنا الاقتصادية. ما يزال الاتحاد الأوروبي المستثمر الرئيس في المغرب، والمملكة هي أيضًا شريكنا التجاري الرئيسي في إفريقيا. في عام 2024، وصل حجم تجارتنا الثنائية إلى مستوى تاريخي قدره 654 مليار درهم – وهو رقم قياسي يتزامن مع الذكرى الخامسة والعشرين لاتفاقية الشراكة. لقد زادت التجارة بخمسة أضعاف منذ عام 2000، مما أدى إلى نمو وفرص عمل واستقرار على جانبي البحر الأبيض المتوسط. ويدعم هذه الدينامية أيضًا إطار تجاري متميز: يستفيد المغرب من الوصول التفضيلي إلى السوق الأوروبية الموحدة، التي تستوعب ثلثي صادراته، مما يعزز جاذبيته للمستثمرين الدوليين.
وبغض النظر عن الأحجام، أصبح أيضًا أكثر توازناً. ففي عام 2024، ستغطي الصادرات المغربية إلى الاتحاد الأوروبي ما يقرب من 79٪ من الواردات من أوروبا (مقارنة بـ 77٪ في عام 2023 و72٪ في عام 2022). وهذا معدل نمو وأكثر ملاءمة بكثير من تلك التي لوحظت في التجارة المغربية مع الصين أو الولايات المتحدة. وهذا أيضًا ما يجعل الشراكة الأوروبية المغربية فريدة من نوعها. أعتقد أن جميع الظروف متاحة الآن للارتقاء بشراكتنا إلى مستوى جديد. ومن خلال الاستفادة مما بنيناه بالفعل، يمكننا تحقيق المزيد من التعاون الاستراتيجي، على قدم المساواة مع عدم اليقين الجيوسياسي والجيوقتصادي في عصرنا.
المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي يؤكد أن لا الاتحاد الأوروبي ولا أي دولة من دوله الأعضاء تعترف بما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”
أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في 27 يونيو 2025، أن “الاتحاد الأوروبي ولا أيا من دوله الأعضاء لا يعترف بالجمهورية الصحراوية”. جاء هذا التصريح في الوقت الذي أفرطت فيه بعض الجهات الانفصالية في الترويج لخطابها حول الاجتماع الوزاري بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، الذي عُقد في روما ذلك اليوم. وبعد أن ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بأن الاجتماعات الوزارية بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي يشترك في رئاستها وتنظيمها الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، أشار إلى أن “الآليات المتفق عليها تنص على أن كل طرف مسؤول عن دعوة أعضائه”. ولذلك، نسب حضور هذا الكيان في الاجتماع الوزاري بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي إلى الاتحاد الأفريقي، نافيًا بذلك أن يكون الاتحاد الأوروبي قد دعا ما يُسمى بـ”الجمهورية الصحراوية” إلى الاجتماع المذكور. وقال: “الاتحاد الأفريقي هو من يوجه الدعوات إلى الأعضاء الأفارقة”. في هذا السياق، أصرّ المتحدث على أن “موقف الاتحاد الأوروبي معروف جيدًا: لا الاتحاد الأوروبي ولا أيًا من دوله الأعضاء يعترف بالجمهورية الصحراوية”، وأن “حضور هذا الكيان في الاجتماع الوزاري بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ليس له أي تأثير على هذا الموقف”.
ـ شراكة امتدت لأكثر من نصف قرن.
+ يرتبط المغرب والاتحاد الأوروبي بشراكة استراتيجية تتعزز باطراد منذ أكثر من نصف قرن. بدأت العلاقات الأوروبية المغربية بتوقيع اتفاقية التجارة مع الجماعة الاقتصادية الأوروبية في 31 مارس 1969. كانت هذه مجرد خطوة أولى نحو اتفاقية تعاون أوسع. بعد سبع سنوات، في عام 1976، تم توقيع اتفاقية تعاون في الرباط بهدف إقامة تعاون بين الطرفين وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب. غطت الاتفاقية، التي دخلت حيز النفاذ في 1 نونبر 1978، مجالات مختلفة من التعاون: التجارة والتعاون المالي والاقتصادي والعمالة.
بعد ما يقرب من 8 سنوات، توسع نطاق التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي ليشمل الأبعاد السياسية والأمنية، وبلغت ذروتها بتوقيع اتفاقية الشراكة في عام 1996، والتي دخلت حيز النفاذ في عام 2000. مع توقيع اتفاقية الشراكة الأوروبية المتوسطية هذه، اتخذت العلاقات بين الرباط وبروكسل أبعادًا جديدة وأكثر استراتيجية. وفّرت الاتفاقية إطارًا مناسبًا للحوار السياسي بين الاتحاد الأوروبي وشركائه في حوض البحر الأبيض المتوسط. وقد صاغ الاتحاد الأوروبي هذه الشراكة كآلية تُمكّنه من العمل على تنمية هذه المنطقة في “مناخ من السلام والأمن والاستقرار، مع احترام المبادئ الديمقراطية والحقوق الأساسية”، وتمحورت حول ثلاثة محاور رئيسية: “السياسة والأمن”، و”الاقتصاد والمالية”، و”التنمية الاجتماعية والبشرية”. ومع ذلك، تعزز التعاون الثنائي في إطار سياسة الجوار الأوروبية التي أطلقها الاتحاد الأوروبي عام 2003.
ومنذ عام 2008، تمتع المغرب بمكانة متقدمة في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي. وبعد بضع سنوات، ارتقى هذا التعاون إلى مستوى جديد. نصّت اتفاقية الشراكة على إنشاء منطقة تجارة حرة (للمنتجات الصناعية) بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ودخلت حيز التنفيذ في 1 مارس 2012. وفي الباب الثاني منها “حرية حركة السلع”، أنشأت اتفاقية الشراكة منطقة تجارة حرة تدخل حيز التنفيذ بعد فترة انتقالية مدتها 12 عامًا.
مع دخول اتفاق المغرب والاتحاد الأوروبي بشأن المنتجات الزراعية والصيد البحري حيز التنفيذ في 1 أكتوبر 2012، اتفق الطرفان على تحرير المنتجات الزراعية والمنتجات الزراعية المصنعة والأسماك ومنتجات الصيد، باستثناء المنتجات الحساسة من كلا الطرفين، والتي تظل خاضعة لشروط خاصة.
في مطلع عام ٢٠٢٢، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال زيارتها للمملكة، التزام الاتحاد الأوروبي بمواصلة تعميق الشراكة “الاستراتيجية والوثيقة والقوية” مع المغرب. وفي دلالة على متانة العلاقات الثنائية، تمتلك المملكة أكبر ميزانية في دول الجوار الجنوبي، حيث خُصصت لها ما يقارب 998 ملايين يورو للفترة 2021-2024، و1,6 مليار يورو للفترة 2021-2027 (بمعدل سنوي قدره 227 مليون يورو). واستمر هذا الزخم في عام 2023. وفي مطلع مارس، وقعت الرباط وبروكسل في العاصمة المغربية الرباط خمسة برامج تعاون بقيمة إجمالية بلغت 5,5 مليار درهم (ما يقارب 500 مليون يورو) لدعم مشاريع الإصلاح الرئيسية في المملكة.