صحة

التهراوي: أسعار الأدوية تمثل عبئا ثقيلا على كاهل الأسر

الصيادلة يطالبون بخفض أسعار 150 دواء تستنزف 57 في المائة من نفقات الصندوق الضمان الاجتماعي

   اعترف، أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، بارتفاع أسعار الادوية، مؤكدا أنها ما تزال تمثل عبئا ثقيلا على كاهل الأسر، كما أن نفقات تعويض الأدوية ارتفعت بنسبة 31% ما بين 2022 و2024، وهو ما يشكل ضغطا مباشرا على الميزانيات العمومية، خاصة بعد تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض.

واستعرض وزير الصحة والحماية الاجتماعية، تفاصيل إصلاح غير مسبوق يشمل السياسة الدوائية الوطنية، باعتبارها أحد الأعمدة الجوهرية في مسار تأهيل المنظومة الصحية، وذلك في انسجام تام مع التوجيهات الملكية السامية والركائز الأساسية للورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية.

وشدد الوزير، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب الاثنين الماضي، على أن هذا الإصلاح يروم ضمان العدالة في الولوج إلى الدواء، وترسيخ السيادة الصحية الوطنية، من خلال مراجعة عميقة وشاملة لنظام تسعير الأدوية، وإعادة هيكلة سلاسل التموين والتوزيع، وتوسيع التصنيع المحلي.

وأبرز وزير الصحة أن القانون الإطار 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية يعد لحظة فاصلة في هذا المسار، إذ نص صراحة على ضرورة إرساء سياسة دوائية وطنية تضمن الوفرة والجودة والتكلفة الملائمة للأدوية والمستلزمات الطبية.

وأكد الوزير أن الحكومة جعلت من إصلاح نظام تسعير الأدوية خيارا سيادياً ومسؤولا، يتجاوز الطابع التقني نحو بعد اجتماعي واقتصادي عميق، يرمي إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، وتحقيق الإنصاف في الولوج للدواء، وتحفيز الاستثمار الوطني في قطاع استراتيجي.

وأوضح التهراوي أن الوزارة اشتغلت على هذا الورش في إطار مقاربة تشاركية واسعة شملت أكثر من 30 اجتماعاً مع الفاعلين المعنيين، من فيدراليات صناعية وهيآت الصيادلة وصناديق التأمين، وتم التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد سيسمح، عند المصادقة عليه، بخفض ملموس في أسعار الأدوية، وتحقيق نوع من التوازن بين حماية المستهلك وتحفيز التصنيع المحلي.

وأضاف أن هذا النموذج الجديد يعتمد على مبادئ مبتكرة، من بينها تقليص آجال مراجعة الأسعار، تنزيل الإصلاح تدريجياً لضمان الاستقرار، الحفاظ على الأدوية منخفضة السعر، وتشجيع الإنتاج المحلي. وكشف أن مشروع هذا المرسوم بلغ مرحلته النهائية وسيُعرض قريباً على مسطرة المصادقة داخل مجلس حكومي مرتقب.

وأكد أن هذا المسار لم يكن سهلاً، بل تطلب جهداً تفاوضياً كبيراً لتقريب وجهات النظر، مضيفاً أن المقاربة المعتمدة في هذا الإصلاح اختلفت جذرياً عن سابقاتها، من حيث شموليتها القانونية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية، مشيداً في الوقت ذاته بانخراط جميع الشركاء في هذا الورش وحرصهم على تغليب المصلحة الوطنية.

وفي سياق متصل، أشار الوزير إلى إحداث الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية بموجب القانون 10.22، والتي ستمثل حجر الزاوية في ترسيخ السيادة الدوائية، من خلال إشرافها على تنفيذ الإصلاحات الجديدة، ومواكبتها بورش رقمي طموح يهم رقمنة التراخيص والإجراءات، مع اعتماد الذكاء الاصطناعي في تقييم الأبحاث السريرية، وإطلاق منصة متكاملة للتتبع والدفع والتوقيع الإلكتروني، لفائدة كافة الفاعلين في القطاع.

وأوضح التهراوي أن الوكالة تستعد لإحداث مرصد وطني للأدوية كآلية استراتيجية لرصد الأسعار وتوقع الانقطاعات وتحليل دينامية السوق، مشدداً على أن الهدف من ذلك هو دعم القرار العمومي المبني على المعطيات الدقيقة، وضمان شفافية وتوازن السوق الدوائية على الصعيد الوطني.

وفي موضوع ذي صلة بأسعار الأدوية، أكد محمد لحبابي، رئيس كنفدرالية نقابات صيادلة المغرب، موقف الصيادلة من هذا الموضوع، مؤكدا أنه “ليس هناك صيدلي واحد يمكن أن يكون ضد تخفيض أسعار الأدوية، مشيرا إلى أن الصيادلة مع السياسة العمومية القاضية بتخفيض أسعار الأدوية، مشيرا إلى أنه، حسب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، هناك 150 دواء تستنزف 57 في المائة من نفقات الصندوق حول تغطية الأدوية.

وأوضح لجبابي، في حديث مع “تنوير”، أنه لا يعقل أن يكون لدينا بالمغرب أدوية بأسعار خيالية تفوق ثلاث إلى أربع مرات الأسعار في الدول المقارنة، مشيرا إلى أنه وجب على وزارة الصحة تخفيض أسعار هذه الأدوية (150) إلى أقصى درجة.

وسجل لحبابي، انقطاع العديد من الأدوية المنخفضة الثمن، وسحب أخرى من السوق، لأن المصنعين ومختبرات الادوية، لم يعودوا يجدون الأرباح، التي اعتادوا عليها، وكان الضحية هو المريض، الذي لم يعد يجد دواءه في الصيدليات، وهذا يتسبب في مشكل تهديد الأمن الدوائي، كما ترتفع كلفة الدواء بالنسبة إلى صندوق الضمان الاجتماعي.

وجدد لحبابي التأكيد على أن الصيادلة مع المواطن في المطالبة بتخفيض أسعار الأدوية، ومع سياسات عمومية معقلنة في هذا الصدد، لكي “لا نقع في المشاكل نفسها التي طرحها مشروع المرسوم الخاص بتحديد الأثمنة في 2013، والذي تقر الوزارة بأنه كان مرسوما كارثيا”.

أبو سلمى

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى