أمام ما يتعرض له الشعب الفلسيطيني من إذلال ، وإبادة وقتل بالجوع والعطش . و الفتك به بكل أنواع القنابل التي تمطر منذ ما يقارب السنتين على غزة من السماء والبر والبحر ؛ أجد نفسي عاجزا عن فهم : لماذا لازال البعض يربط كل ذلك بحماس وبماجرى في يوم السابع من أكتوبر المعلوم . لقد نسوا أن الشعب الفلسطيني تعرض لمذابح كثيرة منذ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي على الأقل. فهل مذابح دير ياسين . وكفر قاسم . وصبرا وشاتيلا كان سببها الفلسطينيون ؟ .وهل إقامة المستوطنات في الضفة . وتسوية مدن غزة بالأرض يقوم به الفلسطينيون؟ .وهل الفلسطينيين هم الذين يرفضون حل الدولتين؟ . طبعا لا . إن اللعبة أكبر من ذلك بكثير . إنها مبنية، ومنذ عدة عقود على إستراتيجية إقامة إسرائيل الكبرى . لقد قال بذلك بنغفير ، وسموستريش، ونتنياهو وغيرهم من الصهاينة كثيرون . بل ، الأخطر من ذلك ، قالها ترامب نفسه الذي يرى أن إسرائيل دولة قوية ، لكنها صغيرة المساحة. ولتتناسب قوتها العسكرية والإقتصادية مع حجمها الجغرافي المأمول ، لا بد لها من التوسع على حساب الشعوب المجاورة لها ، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني . هذه هي الحقيقة التي أصبحت واضحة وضوح الشمس الحارقة في كبد سماء زرقاء لا غيوم فيها . إن من يغض الطرف عن كل ذلك ، ويحمل حماس كل تبعات الحرب ، يجب عليه أن ينظر إلى المعظلة الفلسطينية في شموليتها ليصحح موضوعيا حكمه . نعم إن كان لا بد من محاسبة حماس فلابد أولا من محاسبة السادات الذي زار القدس وأخرج مصر من الصراع بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد التي لم تضمن كامل السيادة لمصر على سيناء . ومحاسبة الأردن الذي وضع يده في يد الكيان بعد توقيع إتفاقية وادي عربة بدون ان يحقق نهضته الإقتصادية كما كان مزعوما . ومحاسبة بعض الدول العربية المؤثرة اليوم في المشهد السياسي العربي على تطبيعها مع الكيان وترك غزة لمصيرها . ومحاسبة الأمم المتحدة . ومجلس الأمن بسبب عجزهما عن إجبار الكيان الصهيوني على الإمثتال لقراراتهما التي لا تعد ولا تحصى (لكثرتها) التي فرضت عليها تل أبيب البقاء محنطة في الرفوف .أعتقد أن محاسبة حماس بعزلها عن السياق . وعن الوقائع التاريخية التي بدأت فصولها تتوالى منذ مؤتمر مدينة بازل السويسرية بزعامة هرتزل المنظر الأول لإقامة دولة الكيان في سنة 1897م . ثم صدور وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا في ثاني نونبر من سنة1902م يبقى عملا مبتورا ، ولا يفيد التاريخ كثيرا.
صلاح الرواضي