وجهت المحكمة الدستورية صفعة قوية لمشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية، بعدما قضت بعدم مطابقة 35 مادة من مواده لأحكام الدستور، معتبرة أنها تمسّ بمبادئ جوهرية مثل الأمن القضائي، وتكافؤ وسائل الدفاع، واستقلالية السلطة القضائية.
وأكدت المحكمة، في قرارها، أنها لم تفحص سوى المواد والمقتضيات التي ظهر لها بشكل جلي وبيّن أنها غير مطابقة للدستور، دون الحاجة للوقوف على باقي المقتضيات. وأبرزت أن عدداً كبيراً من الفصول المشمولة بالطعن تتضمن صياغات قانونية تؤسس للأحكام على الشك والتخمين بدل اليقين، أو تمنح صلاحيات تتنافى مع استقلال القضاء، أو تمس بحقوق الدفاع والتقاضي العادل.
ومن بين المواد التي تم إسقاطها لمخالفتها للدستور، ذكرت المحكمة: المادة 17 (الفقرة الأولى)، المادة 84 (المقطع الأخير من الفقرة الرابعة)، المادة 90 (الفقرة الأخيرة)، المادة 107 (الفقرة الأخيرة)، المادة 364 (الفقرة الأخيرة)، المادة 288، المادة 339 (الفقرة الثانية)، المادتان 408 و410 في فقراتهما الأولى، اللتان تخولان للوزير المكلف بالعدل تقديم طلب الإحالة بسبب “الاشتباه في تجاوز القضاة لسلطاتهم أو من أجل التشكك المشروع”، والمادة 624 (الفقرة الثانية)، والمادة 628 (الفقرتان الثالثة والأخيرة).
كما أسقطت المحكمة بشكل تلقائي المقتضيات القانونية التي أحالت على المقطع الأخير من المادة 84، معتبرة أنها بدورها غير مطابقة للدستور، ويتعلق الأمر بمواد من قبيل: 97، 101، 103، 105، 123، 127، 173، 196، 204، 229، 323، 334، 352، 355، 357، 361، 386، 500، 115، 138، 185، 201، 312، و439.
ورغم الجدل الذي رافق مسار هذا المشروع، فقد استكمل طريقه التشريعي بعد مصادقة مجلس المستشارين عليه في 8 يوليوز الماضي، غير أن رئيس مجلس النواب قرر تفعيل مقتضيات الفصل 132 من الدستور، الذي يخول له إحالة أي قانون على المحكمة الدستورية للبت في مدى مطابقته لأحكام الدستور، وهو ما أوقف سريان أجل إصدار الأمر بتنفيذه.
قرار المحكمة الدستورية يُعدّ انتصارًا لمبدأ الرقابة الدستورية ودور المؤسسة في صون روح الدستور وحماية التوازن بين السلط، كما يشكل دعوة صريحة لإعادة صياغة مشروع المسطرة المدنية بما يحترم ضمانات المحاكمة العادلة ويحصّن استقلال القضاء عن كل التأثيرات والسلط الإدارية.