اخبار جهوية

عندما تُقيد البيروقراطية حرية الصحافة في ملتقى المهاجر بالفقيه بن صالح

*عزيز الحنبلي

في الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن يشكل “ملتقى المهاجر” المنظم بمدينة الفقيه بن صالح أيام 9 و10 و11 غشت 2025 مناسبة وطنية للاحتفاء بدور مغاربة العالم في التنمية المحلية والجهوية، تفاجأ عدد من الصحفيين بقيود بيروقراطية مشددة فرضت عليهم أثناء تغطية هذا الحدث، وهو ما أثار موجة من الانتقادات داخل الأوساط الإعلامية والحقوقية.

ورغم عدم صدور قرار صريح يمنع التغطية الصحفية، إلا أن شروط الاعتماد وُصفت بأنها مجحفة ومقيدة لحرية العمل الصحفي. فقد طُلب من الصحفيين الالتزام الصارم بضوابط تنظيمية وأخلاقية، كما فرضت عليهم إدارة الملتقى شرط الحصول على إذن خاص لإجراء أي مقابلة مع الضيوف أو المشاركين في حنين الى العهد البصري ، مما يُعد تضييقاً واضحاً على حرية التعبير والعمل الإعلامي.

إضافة إلى ذلك، اشترطت إدارة الملتقى تسليم جميع المواد المصورة – من صور وفيديوهات – بشكل يومي عقب انتهاء الفعاليات، في خطوة فسّرها المهنيون على أنها رقابة غير مباشرة تتعارض مع مبدأ استقلالية الصحافة، وتفتح الباب أمام التأثير على محتوى التغطيات الصحفية قبل نشرها.

هذه القيود ستؤثر بشكل ملحوظ على جودة التغطيات الإعلامية ومصداقيتها، وحرمت الجمهور من متابعة مجريات الملتقى من زوايا متعددة وبتنوع في الرؤى والتحليلات، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول مدى التزام الجهات المنظمة باحترام حرية الصحافة داخل الفضاءات الرسمية.

والأخطر من ذلك، أن هذه الممارسات تتنافى مع مقتضيات دستورية وقانونية واضحة، على رأسها الفصل 28 من دستور المملكة المغربية الذي ينص صراحة على أن “الصحافة حرة ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية”. كما أن القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر يمنع في مادته السابعة أي رقابة أو حجز على المحتوى الإعلامي قبل النشر، في حين يكفل القانون 31.13 الخاص بالحق في الحصول على المعلومات للصحفيين الوصول الحر إلى المعطيات ذات النفع العام، ويمنع العراقيل غير القانونية أمامهم.

مدونة أخلاقيات المهنة بدورها تؤكد على استقلالية الصحفي وضرورة ممارسته لمهنته دون تدخل أو ضغط من أي جهة، وهو ما يبدو أنه لم يُحترم خلال هذا الحدث الذي كان من المفروض أن يُعزز قيم الحوار والانفتاح.

أمام هذه الوضعية الشادة بالفقيه بن صالح  ، يجد الفاعلون الإعلاميون أنفسهم مدعوون إلى دق ناقوس الخطر بشأن التراجعات التي تطال حرية الصحافة داخل الفضاءات العمومية، كما تُطرح ضرورة مراجعة الشروط التنظيمية التي تحيط بتغطية مثل هذه التظاهرات، حتى تظل الصحافة قادرة على أداء رسالتها في نقل الحقيقة، وخدمة المصلحة العامة بكل مهنية واستقلالية.

*مدير نشر جريدة تنوير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى