اخبار دولية

لبنان: حزب الله يرفض قرار الحكومة بنزع سلاحه قبل نهاية العام وسط مخاوف من عودة الحرب الأهلية

أحمد رباص – تنوير
بتحديدها جدولاً زمنياً لنزع سلاح “حزب الله”، استجابت السلطات اللبنانية لمطلب شريحة واسعة من الشعب اللبناني والمجتمع الدولي. إلا أن رفض الحزب الشيعي القاطع التنازل عن هذه سلاحه يثير تساؤلات حول تطبيقه، والأهم من ذلك، يثير مخاوف من الأسوإ بمكان.
فقد تعهدت السلطات اللبنانية يوم الثلاثاء 5 غشت الجاري بنزع سلاح حزب الله بحلول نهاية العام. ويأتي هذا التعهد استناداً إلى خطة عمل يقودها الجيش اللبناني، والتي سيتعين عليه تطويرها وتقديمها إلى الحكومة بحلول نهاية هذا الشهر.
هذا قرارٌ “تاريخيٌّ، على أقل تقدير” ، كما كتبت صحيفة “لوريان لو جور” الفرنسية. فبعد الحرب الأهلية (1975-1990)، كان “حزب الله” الحزب الوحيد الذي احتفظ بسلاحه باسم “المقاومة” ضد إسرائيل، التي احتلت جنوب لبنان حتى عام 2000. وعلى مر السنين، أصبح الحزب الشيعي لاعبا مهيمنا على الساحة المحلية والإقليمية، ويعود الفضل في ذلك أساسا إلى دعم إيران.
لكن الضربات التي تلقّتها الدولة العبرية في الأشهر الأخيرة أضعفتها بشكل ملحوظ، عسكريا وسياسيا. ويُعدّ هذا الالتزام جزءً من اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، والذي أنهى حربًا استمرت أكثر من عام بين إسرائيل وحزب الله في 27 نونبر.
زعمت الحركة الشيعية يوم الأربعاء الأخير أن السلطات ارتكبت “خطيئةً كبرى” بإعلانها يوم الثلاثاء أنها كلفت الجيش بإعداد خطة عمل لنزع سلاحه. في المقابل، أشاد معارضوها بهذا القرار ووصفوه بأنه “قرار تاريخي”.
يبدو الآن أن المواجهة بين حزب الله والحكومة اللبنانية متوترة، حيث ردّت الحركة الشيعية بحدة، يوم امس الأربعاء، سادس غشت، على إعلان السلطات في اليوم السابق أنها ستكلف الجيش بإعداد خطة عمل لنزع سلاحه بحلول نهاية العام، وهو ما سيُشكّل إجراءً غير مسبوق.
وأعلن حزب الله أن الحكومة “ارتكبت خطيئة كبرى باتخاذها قرارا يحرم لبنان من سلاح المقاومة ضد العدو الإسرائيلي“، معتبرا أن هذا القرار “يقوض سيادة لبنان” و “يمنح إسرائيل حرية التصرف” . وأضاف: “لذلك سنتصرف وكأنها غير موجودة “.
واعتبر حزب الله، الموالي لإيران، هذا القرار “نتيجةً لتوجيهات المبعوث الأمريكي توم باراك”، الذي اقترح على السلطات نزع سلاح الحركة وفق جدول زمني محدد. واتهمه حزب الله بأنه “يخدم مصالح إسرائيل بالكامل، ويترك لبنان مكشوفا أمام العدو الإسرائيلي، دون أي رادع” .
دعم من طهران
في طهران، أكد وزير الخارجية الإيراني دعم بلاده لحليفها اللبناني. وقال عباس عراقجي: “أي قرار بشأن نزع سلاح حزب الله سيعود إليه في النهاية. ندعمه عن بُعد، لكننا لا نتدخل في قراراته “.
ويأتي قرار الحكومة اللبنانية في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، كما قلنا، وينص على أن ستة أجهزة عسكرية وأمنية فقط هي المخولة بحمل السلاح.
وأكد حزب الله في بيانه أن وقف الضربات الإسرائيلية على لبنان، والتي تتواصل بشكل شبه يومي رغم وقف إطلاق النار، هو شرط أساسي لأي بحث في “استراتيجية دفاعية وطنية جديدة“.
غارات إسرائيلية على جنوب لبنان وتصميم رسمي على نزع سلاح حزب الله
أسفرت غارة إسرائيلية جديدة على مدينة تولين الجنوبية يوم أمس الأربعاء عن مقتل شخص وإصابة آخر، وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية. كما شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية على جنوب بلاد الأرز، مما أسفر عن إصابة شخصين على الأقل، وفقًا للمصدر نفسه. وزعم الجيش الإسرائيلي أنه قصف “مستودعات أسلحة، ومنصة إطلاق صواريخ، وبنية تحتية إرهابية تابعة لحزب الله، كانت تُخزّن أدوات لإعادة بناء البنية التحتية “الإرهابية” في المنطقة“.
ومع أن قرار الحكومة اللبنانية من شأنه أن يُجرّد حزب الله من الشرعية السياسية التي كانت ترسانته تتمتع بها سابقا، والتي كرّستها الحكومات السابقة، فمن المقرر أن يجتمع مجلس الوزراء بعد ظهر يومه الخميس لمواصلة دراسة “المقترح المقدم من الجانب الأمريكي“، وفقًا لرئيس الوزراء نواف سلام.
وزيران يغادران اجتماع مجلس الوزراء
انسحب وزير الصحة اللبناني، راكان ناصر الدين، التابع لحزب الله، ووزيرة البيئة اللبنانية، تمارا الزين، الحليفة المقربة لحركة أمل، من اجتماع مجلس الوزراء يوم الثلاثاء. ووفقا لحزب الله، كان الوزيران يعتزمان التعبير عن “رفضهما” لما يعتبره الحزب رغبةً في “إخضاع لبنان للوصاية الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي“.
ويعد قرار الحكومة غير مسبوق منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) والذي سلمت بموجبه الأحزاب سلاحها للدولة ــ باستثناء حزب الله الذي احتفظ به باسم “المقاومة” ضد إسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى