تقرير ثلاثي يدق ناقوس الخطر: إصلاح أنظمة التقاعد ورشٌ مستعجل في ظل شيخوخة سكانية متسارعة

عزيز الحنبلي -متابعة
أوصى تقريرٌ مشترك صادر عن بنك المغرب، وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، والهيئة المغربية لسوق الرساميل، بإدراج إصلاح أنظمة التقاعد ضمن أولويات الأجندة الحكومية بشكل عاجل، مؤكّدًا أنّ الزيادات الأخيرة في الأجور وفّرت فرصة مناسبة لتعميق التشاور مع الشركاء الاجتماعيين ووضع خريطة طريق قابلة للتنفيذ.
ويُبرز التقرير تحوّلًا لافتًا في هرم الأعمار بالمغرب وتأثيره المباشر على استدامة الصناديق: فقد انخفضت حصة من هم دون 15 سنة من 31% سنة 2004 إلى 26.5% سنة 2024، في حين ارتفعت نسبة البالغين 60 سنة فأكثر من 8% إلى 13.8% خلال الفترة نفسها. ويؤكد معدّو التقرير أن هذا التطور الديموغرافي يضاعف إلحاحية الإصلاح.
على المستوى المالي، سجّلت قيمة التعويضات المؤدّاة من أنظمة التقاعد ارتفاعًا بـ5.8% لتصل إلى 71.1 مليار درهم، فيما نمت الاحتياطات المجمّعة بـ4.6% إلى حوالي 327 مليار درهم. ورغم هذه المؤشرات، ما تزال بعض الأنظمة تُواجه اختلالات هيكلية:
-
الصندوق المغربي للتقاعد – نظام المعاشات المدنية (CMR-RPC): ارتفعت المساهمات بـ10.6% ارتباطًا بالشطر الأول من زيادة الأجور الناتجة عن حوار أبريل 2024، غير أنّ النظام يسجّل عجزًا تقنيًا بقيمة 7.2 مليارات درهم، رغم تحسّنٍ مقارنة بالسنة السابقة.
-
النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد – النظام العام (RCAR-RG): حقّق نموًا في المساهمات بـ6.9%، لكنه يظلّ بدوره في وضعية عجز تقني.
-
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي – فرع التقاعد طويل الأمد: سجّل فائضًا إجماليًا قدره 4 مليارات درهم سنة 2024، بزيادة 273 مليون درهم عن 2023، مدفوعًا بارتفاع المساهمات المحصّلة إلى 19.3 مليار درهم (+6.7%).
-
الصندوق المهني المغربي للتقاعد (CIMR): ارتفعت المساهمات بـ8.8% لتبلغ 12 مليار درهم، مع فائض تقني يُتوقّع استقراره على مدى الأفق الذي تغطيه التوقعات.
وفي سياقٍ مواكب، أعلنت هيئة المتقاعدين المدنيين بالمغرب تنظيم وقفة احتجاجية سلمية يوم الأربعاء 1 أكتوبر 2025 أمام مقر البرلمان بالرباط، تزامنًا مع اليوم العالمي للمسنين، رفضًا لما تعتبره “سياسات تهميش وتجاهل حكومي” لأوضاع المتقاعدين. وتأتي الخطوة في إطار برنامج نضالي تصعيدي تُنسّقه الهيئة مع جمعيات معنية، للمطالبة بتحسين الدخل والخدمات الاجتماعية والصحية لفئة قدّمت سنواتٍ طويلة من الخدمة العمومية.
ويخلص التقرير إلى أنّ نجاح ورش الإصلاح يمرّ عبر مقاربة متكاملة تجمع بين ضمان التوازنات المالية للصناديق، وتوسيع قاعدة المنخرطين، وتدقيق معايير سن الإحالة على التقاعد ومعدل الاحتساب، مع مواصلة الحوار الاجتماعي لضمان عدالةٍ بين الأجيال واستدامةٍ فعلية لمنظومة التقاعد في المغرب.