مجتمع

الطاهر بن جلون: المغرب باهظ جدا! (2/1)

ترجمة: أحمد رباص
سبق لي أن تناولت هذا الموضوع. لكن خطاب صاحب الجلالة الأخير دفعني للعودة إليه.
الجميع يتحدث عن ذلك. يتحدث الجميع عن تكلفة الخروج مع أطفالهم لتناول وجبة خفيفة في أحد هذه المقاهي العصرية. ناهيك عن المطاعم التي تفرض أسعارا أوروبية دون خجل. الأساسي هو جمع أكبر قدر ممكن من المال. الأسوأ هو أنها مصيدة. الجميع يتدخلون فيها، باستثناء سائقي سيارات الأجرة الصغيرة التعساء. إنهم يرغبون في زيادة رحلاتهم ببضعة دراهم، لكنهم لا يستطيعون ذلك.
وجدت تقارير إعلامية أن عدد المغاربة المقيمين بالخارج العائدين إلى بلدانهم لقضاء الإجازة قد انخفض مقارنة بالسنوات الأخرى. الأرقام تقول العكس. ومع ذلك، هناك عدد كبير من مغاربة العالم قرروا عدم الذهاب إلى أجمل بلد في العالم، مفضلين إسبانيا أو تركيا. السبب: أصبح المغرب باهظ الثمن. سعر تذاكر الطائرة؛ سعر العبارة بين الجزيرة الخضراء وميناء البحر المتوسط؛ أسعار الفنادق (مع سوء الخدمة)؛ الأثمنة التي تفرضها المطاعم. الإضافات في مستوى المطاعم الباريسية مطروحا منها الجودة والخدمة الجيدة.
هناك ثابت واحد: رواتب العاملين في هذه المقاهي والمطاعم منخفضة جداً. وهي لا تتبع ارتفاع الأسعار المفروضة.
إنه التهافت على الذهب! السباق الذي لا يرحم.
الليبرالية المتوحشة، الافتقار إلى الحس المدني. يتعرض الزبون للسرقة سواء في سوق بلسمك أو في عيادة. المغربي يريد الفوز سريعا وكثيرا. إنه متعطش للمال. لا قيم، لا مبادئ. إنه قانون الغاب.
يباع التين الذي لا يتجاوز عادة 10 دراهم بسعر يصل إلى 50 درهم للكيلو الواحد. ارتفع سعر كيلو السردين، وهو سمكة صحية وشعبية للغاية، من 10 درهم إلى 25 أو حتى 30 درهم.
هذه السياسة القائمة على إغراء الربح، على الجشع الجديد، وعلى ازدراء المواطنين المتواضعين ذوي القوة الشرائية المحدودة، سياسة خاطئة. وكانت أيضا ضربة قاتلة للسياحة التي ظهرت بصحة جيدة. تنقل شبكات التواصل الاجتماعي شهادات السائحين الذين لن يعودوا. سوف يذهبون إلى اليونان أو تركيا أو كرواتيا.
يجب على الدولة التدخل. مراقبة الأسعار (كما فعلت للتو بالنسبة إلى بعض الأدوية)، تحديد أسعار خاصة للرحلات الجوية إلى أجمل بلد في العالم، مراجعة سياسة التسعير التي لا تأخذ في الاعتبار بأي حال من الأحوال حالة القوة الشرائية لغالبية المواطنين.
هذا الانحراف الذي ترسخ إلى الأبد له عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة.
“لا لمغرب ذي سرعتين” كما قال جلالته في خطاب العرش. ومن الملح أن الاستماع إليه وتطبيق سياسة مواطنة، حتى لو كان ذلك يعني موافقة الكبار على التنازل عن جزء صغير من هامش ربحهم.
المثال الأكثر مباشرة هو سعر لتر البنزين: 13.09 درهم (1.30 أورو). أعلم أن الأمر معقد. لكن خفض هامش الربح لن يدمر أي منتج أو صناعي كبير. نحن ننسخ النظام الفرنسي المتعفن بعدد الوسطاء.
هناك أشياء كثيرة يجب القيام بها، ولكن يبدو أن هذه هي الحرية. نعم، ولكن من سيدافع عن الفقير، عن الأسرة التي تعيش في الهشاشة؟ من سيتصرف نيابة عنهم؟ وهذا يولد عنفا يصبح شائعا. الإحباطات، خاصة بين الشباب، الذين تغريهم اللاشرعية.
أصبحت المدرسة الخاصة مكسبا غير متوقع يحلم به الجميع. السعر الشهري يتراوح بين 800 إلى 5000 درهم للتلميذ الواحد. وقام بعض المالكين بزيادة عدد المدارس، كما فعل مؤسس عيادات أكديتال (مجموعة أنشأها طبيب الإنعاش رشدي طالب). مبادرة جيدة، وخاصة لأولئك الذين لديهم الإمكانيات.
لا أحد يجبرك على تسجيل طفلك في مدرسة خاصة أو الذهاب إلى عيادة خاصة. تعاني حالة المدرسة العمومية والمستشفى العمومي من سمعة سيئة. وهذا يدفع الناس إلى القطاع الخاص، بينما يتحسن التعليم العمومي وتتغير المنظومة الصحية نحو الأفضل.
بقي المواطن أعزل. يتمتع الموظفون بالضمان الاجتماعي. لكن الآخرين، القطاع غير الرسمي بأكمله؟
هنا يوجد المغرب بسرعتين. إنها مسألة أخلاقية قبل أن تكون اقتصادية. انتصرت الأنانية كما انتصرت الفردية، والغريب أننا في مجتمع لا يعترف بالفرد. لا توجد حرية ضمير، لكننا نسمح بقيام اليبرالية الاقتصادية التي تسحق الصغار وتغني الأكثر غنى.
كل ذلك غريب جدا! كتبت “غريب”، كم هو غريب! وهكذا، نحن في “دراما مضحكة” الفيلم وليس الواقع الذي هو مرير.
(يتبع)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى