اخبار دولية
هل تقف الجزائر وراء التحركات العسكرية في باماكو؟ قراءة سريعة في الوقائع والسيناريوهات

عزيز الحنبلي -متابعة
شهدت العاصمة المالية خلال الساعات الأخيرة موجة اعتقالات طالت عشرات الضباط، بينهم جنرالان، وسط حديث عن “محاولة انقلابية” جرى إحباطها، بينما التزمت سلطات المرحلة الانتقالية الصمت أو أصدرت بيانات مقتضبة عن “محاولات لزعزعة الاستقرار”. هذه المعطيات ما زالت قيد التحقق، لكن المؤكد أن الاعتقالات كشفت تصدعات داخل المؤسسة العسكرية الحاكمة في مالي.
لم تهبط التطورات في باماكو على فراغ. فمنذ مطلع 2025 تبادلت الجزائر ومالي اتهامات علنية بالتدخل، وبلغت الأزمة ذروتها مع إسقاط الجزائر لطائرة مُسيّرة مالية قرب تينزواتين مطلع أبريل، ثم إغلاق الأجواء أمام الطيران المالي وتصاعد الاحتجاجات أمام السفارة الجزائرية في باماكو. كما شهد مايو سجالاً حاداً بين وفدَي البلدين في مؤتمر الاتحاد البرلماني للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. هذه الوقائع تُظهِر أزمة ثقة غير مسبوقة بين الجارين.
حتى لحظة كتابة هذه السطور، لا توجد أدلة علنية تثبت وقوف الجزائر وراء الاعتقالات أو التحركات العسكرية داخل العاصمة المالية. ما يتوفر هو سياق إقليمي متوتر: الجزائر دفعت في الربيع الماضي بمشروع قانون لتعبئة حربية مبسطة وسط توترات مع جيرانها، من بينهم مالي، فيما تتبادل باماكو والجزائر الاتهامات حول الملف الأمني شمال مالي وانهيار مسار “اتفاق الجزائر” لعام 2015. لكن الربط السببي المباشر بين الجزائر والتحركات الأخيرة يظل في خانة الفرضيات غير المؤكدة.
-
تضارب الرؤى حول شمال مالي: الجزائر تمسّكت لسنوات بوساطة “اتفاق الجزائر”، بينما اتجهت باماكو إلى مقاربة أمنية صِرفة بعد انهيار الاتفاق عملياً، ما غذّى الشكوك المتبادلة
-
حوادث حدودية غير مسبوقة: إسقاط المُسيّرة وإغلاق الأجواء خلقا سابقة خطيرة رفعت منسوب الارتياب السياسي والأمني.
-
إشارات تعبئة داخل الجزائر: طرح مشروع قانون تعبئة يعكس استعداداً داخلياً لمواجهة سيناريوهات إقليمية متدهورة، ما يجعل أي ارتباك في باماكو موضوع تأويلات سريعة.
-
تشظّي داخلي واضح: موجة الاعتقالات نفسها توحي بصراع مراكز نفوذ داخل المؤسسة العسكرية المالية، وهو تفسير أقرب إلى الوقائع المتاحة من فرضية التدخل الخارجي المباشر
-
كلفة التصعيد: أي انخراط جزائري مباشر في “هندسة” تحركات داخل باماكو سيرفع مخاطر الانزلاق الإقليمي على جبهة حدودية هشّة أصلاً، وهو ما لا تُظهر الجزائر مؤشرات علنية على تحمّله حتى الآن.