ثقافة و فن

رحيل الروائي والمفكّر المصري صنع الله إبراهيم “أحد أعمدة السرد العربي المعاصر” عن 88 عاماً

عزيز الحنبلي -متابعة

غاب عن الساحة الثقافية العربية اليوم الأربعاء 13 غشت 2025 الروائي والمفكّر المصري صنع الله إبراهيم، عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد أسابيع من وعكة صحية نُقل على إثرها إلى أحد مستشفيات القاهرة بسبب التهاب رئوي حاد، وفق ما أكدته مصادر صحافية رسمية ومصرية. وقد نعى وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو الراحل بوصفه “أحد أعمدة السرد العربي المعاصر”.

وأُعلن أن صلاة الجنازة ستُقام بعد عصر اليوم في مسجد آل رشدان بمدينة نصر، قبل تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير، بحسب ما أفاد به شعراء ومصادر صحافية محلية.

وُلد صنع الله إبراهيم في القاهرة سنة 1937، ويُنسب إلى جيل الستينيات الذي أحدث تحوّلات لافتة في بنية الرواية العربية. عُرف بأسلوب سردي يجمع بين الوثيقة والتخييل، بإقحام قصاصات الصحف والتقارير داخل المتن الروائي لمساءلة الواقع السياسي والاجتماعي. ومن أبرز أعماله: «تلك الرائحة» (1966)، «اللجنة» (1981)، «ذات» (1992)، «شرف» (1997)، «وردة» (2000)، «التلصّص» (2007)، «الجليد» (2011)، و«أمريكانلي» وغيرها.

طبعت التجربة الشخصية والخيارات الفكرية مسيرة إبراهيم بوضوح؛ فقد سُجن خمس سنوات (1959–1964) على خلفية نشاطه السياسي، وهو ما انعكس مبكراً في «تلك الرائحة» و«يوميات الواحات». كما رسّخ سمعته ككاتب مستقل حين رفض عام 2003 تسلّم «جائزة ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي» لأسباب سياسية، في موقفٍ صار علامةً فارقة في علاقته بالمؤسسة الرسمية.

لم تقتصر مكانة الراحل على منجزه الجمالي، بل ارتبط اسمه أيضاً بالدفاع عن قضايا الإنسان والعدالة والحرية. وقد رأت وزارة الثقافة المصرية ومتابعون أن مشروعه السردي مزج بين الحسّ الإبداعي والوعي النقدي، فحوّل الرواية إلى أداة لقراءة تحوّلات الدولة والمجتمع في مصر والعالم العربي، من البيروقراطية والفساد إلى آثار السياسات الاقتصادية والحروب.

ويترك صنع الله إبراهيم وراءه إرثاً روائياً سيظل مرجعاً لقرّاء العربية ولمدارس النقد والبحث، بما قدّمه من تجريبٍ لغوي وبنائي، وبما جسّده من استقلاليةٍ أخلاقية نادرة في المجال الثقافي. ومع توديع جثمانه اليوم، تتقاطع شهادات محبّيه وتلامذته على أن صاحـب «اللجنة» و«ذات» رحل جسداً، لكن أثره سيبقى حيّاً في ذاكرة الأدب العربي الحديث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى