عاجل ورسمياً: منير بودشيش يتنازل عن المشيخة لأخيه معاد بودشيش

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِنا محمّدٍ وآلهِ وصحبِه، ومن اهتدى بهديِهم إلى يومِ الدِّين
بيان هام إلى فقيرات و فقراء الزاوية القادرية البودشيشية
السادةُ المريدونَ والسيداتُ المريدات، والفقرَاءُ والفقيراتُ، والذاكرونَ والذاكراتُ، حفظكمُ الله.
أُخاطبُ قلوبَكم قبل أسماعِكم، وأنا أعلمُ أنّ هذه الدار ما قامَت قطُّ إلا على معنى الجمعِ لا التفرقة، وعلى الأدبِ قبل العلم، وعلى الصدقِ قبل القول. وقد شهد الله عليَّ أنّي ما حملني على هذه الكلماتِ إلا خوفُ التشرذم، وحرصُ المحبِّ على سلامةِ السفينة، وما كان مقصدي يومًا إلا وجهَ الله وخدمةَ هذه الزاوية الذي توارثناها عن مشايخِنا العظام، سيدي حمزة وسيدي جمال الدين، قدّس الله أسرارهما.
إنّ المشيخةَ عندَنا تكليفٌ لا تشريف، وميزانُها الإخلاصُ والعبءُ فيها ثقيل، وما كان لله دام واتّصل، وما كان لغيرِ الله انقطعَ وانفصل. وقد رأيتُ – بعد توكّلي على الله وإستخارته ومناجاته – أنّ حفظَ وحدةِ الأسرةِ والطريقةِ أوجبُ عندي من كلِّ اعتبارٍ آخر.
لذلك أعلنُ لكم – محبّةً واحتسابًا – أنّي قد عزمتُ عزْمًا قاطعًا على التخلّي عن المشيخة، وأن أضعَ يدي في يدِ أخي معاذ القادري بودشيش ، مُفَوِّضًا إليه أمرَ القيادةِ الظاهرة، راجيًا منكم أن تلتفّوا حوله التفافَ المحبّين الصادقين، وأن تُظهِروا من الأدبِ وحسنِ الظنّ عند اجتماعِكم على من حُمِّل الأمانة.
يا إخواني وأخواتي، إنّ الَعهد الراسخ في هذه الدار باقٍ بإذنِ الله، لا يَضيعُ ولا يَغيب، لأنّه وُدِع في القلوبِ التي عرَفتِ الصحبةَ والذكرَ والصدقَ، ولأنّه وُصِل بسندٍ من النور لا تنقطعُ حلقاتُه. وإنّي لأُشهِدُ الله أنّ هذا القرارَ ما هو إلا سترٌ للبيت، وجمعٌ للشمل، وردٌّ للأمورِ إلى مقاصدِها الأولى: صفاءُ القصد، وصحّةُ التوجّه، وخدمةُ العبادِ والبلاد.
أوصيكم – معشرَ الفقراءِ و الفقيرات – أن تكفّوا الألسنَ عن الجدال، وأن تُغلِقوا أبوابَ التأويلاتِ والظنون، وألّا تُدخِلوا إلى هذا البيتِ الطاهر حديثًا في الأشخاصِ ولا ذكرًا للعوائدِ والأهواءِ؛ فطريقُنا أدبٌ وسترٌ ووفاء، «واعتصِموا بحبلِ الله جميعًا ولا تفرّقوا».
ونحن – أهلَ هذا البيت – في خدمةِ العرشِ العلويِّ المجيد، نستنيرُ بنورِ إمارةِ المؤمنين، ونُجدّدُ العهدَ على أن تبقى الزاويةُ خادمةً للدينِ والإنسانِ والوطن، مُلتزمةً بثوابتِ المملكةِ الشريفة، حريصةً على وحدةِ الصفِّ وتماسكِ المجتمع، عاملةً على نشرِ مكارمِ الأخلاقِ والتزكيةِ والتعاونِ على البرِّ والتقوى. وإنّي لأرجو من الجميع أن يتلقّوا هذا القرارَ بقلوبٍ راضيةٍ محتسبةٍ، وأن يجعلوا همَّهم واحدًا: دوامُ السندِ الروحيِّ واستمرارُ العملِ النافع، “فـإنّ الله لا يضيعُ أجرَ المحسنين”.
أضعُ اليومَ أمانتي بين يدَي أخي معاذ، وأضعُ نفسي بين يدَي الله خادمًا لهذا السرِّ، مُعاونًا على ما يُقيمُ أمرَ الطريق، مُقِلًّا من القولِ مُكثِرًا من الدعاءِ والعمل، مُوقنًا أنّ الفضلَ لله يؤتيه من يشاء، وأنّ من تخلّى عن حظِّ نفسِه زادَه الله تمكينًا في قلوبِ عبادِه. أسألُ الله أن يُوَفِّقَ أخي لما يُحِبُّ ويرضى، وأن يجعلَنا جميعًا مفاتيحَ خيرٍ مغاليقَ شرّ، وأن يحفظَ هذه الدارَ وأهلَها ومريديها، وأن يديمَ على بلدِنا نعمةَ الأمنِ والإيمان، وأن يُسدِّدَ خُطى أميرِ المؤمنين جلالةِ الملكِ محمدٍ السادس نصره الله وأيّده.
اللهمّ كما جمعتَ قلوبَنا على المحبّةِ، فأدمْ علينا نعمةَ الجمع، ولا تكلْنا إلى أنفسِنا طرفةَ عين، واجعلْ عملَنا خالصًا لوجهِك الكريم. وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على سيّدِنا محمّدٍ وعلى آله وصحبِه وسلّم تسليمًا كثيرًا.
حرِّر بمداغ يومه الثلاثاء 18 صفر 1447هـ 12الموافق ل12 أغسطس 2025م.
الفقير لله مُنيرُ القادري بودشيش