يلاحظ المتتبعون للشأن الأدبي بالمغرب، أن القصة القصيرة تمر بحالة انتعاشة واضحة، إبداعا ونقدا وتلقيّا، إذ ظهرت أسماء شبابية واعدة، أعادت الاهتمام للقصة القصيرة من خلال نصوص سردية قوّية من حيث أسلوب الخطاب الحديث وكذا قضايا القصة الراهنة والجديدة.
حسن كشاف إحدى تلك الأصوات القصصية التي تمتلك، بدون مبالغات المراجعين للأعمال الأدبية، خيطا سرديا منسابا بشكل ممتع، يضع القارئ مباشرة في خضم الأحداث، ويمنح الوصف الدقيق، للمخيلة، فسحة المشاركة في المشاهد، كما في السينما.
إن اللافت أيضا أن اختيار الشخصيات، دوما، وطوال النصوص موفق، فلا يحس القارئ أبدا أن هناك شخصيات دخيلة فضفاضة، غير ذات جدوى.
تبدو النهايات، في بعض القصص، مبتورة، لأن النص انتهى فجأة، قبل اكتمال صورة الحبكة في ذهن القارئ، كما يحدث مع لاعب كرة قدم رائع لم ينه هجمة جميلة قام فيها بكل شيء، خاصة نصيْ بناية الشياطين والحافلة 143.
على النقيض إن توظيف قوة الأوصاف، وذكاء الربط بين شخصيات القصص وشخصيات الواقع، تجعل القارئ يدرك ما يقصده الكاتب في عدد قليل من الكلمات، هذا ما يدعى حقيقة بالبلاغة: قول الكثير في أقل ما يمكن من الكلمات. وهي ضرورة سردية أساسية في القص.
من جهة أخرى فإن التعامل مع الزمن، كان عفويا، إذ تم التغاضي عنه في نصوص عدة، متى لم يكن عنصرا مؤثرا، ومع ذلك لم تفقد تلك النصوص أصالتها، بل بالعكس تخففت من الرطانة والحشو الزائد. فصارت بحق نصوصا رشيقة.
إن أبرز سمات النص القصصي عند حسن كشاف على الإطلاق. القدرة الخلاقة على منح اللغة أبعادا سردية جديدة، نا يجعل القصة تتجمل بإبداع حقيقي، وقدرة بديعة على منح اللغة استعمالات جديدة، في سياقات غير مطروقة.