عزيز الحنبلي -متابعة
في إنجاز أكاديمي يؤكد صعود البحث العلمي المغربي على الساحة الدولية، حافظت جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء على مكانتها ضمن أفضل ألف جامعة في العالم بحسب التصنيف الأكاديمي العالمي للجامعات (ARWU) لسنة 2025، المعروف بتصنيف شنغهاي، وذلك للعام الثاني على التوالي. وقد نُشرت نسخة 2025 يوم الجمعة 15 غشت 2025، وشملت أفضل 1000 مؤسسة بعد تدقيق بيانات أكثر من 2500 جامعة حول العالم، وهو ما يمنح هذا التتويج وزنًا خاصًا بالنظر إلى شدة المنافسة والمعايير الصارمة المعتمدة.
وبحسب النتائج المنشورة، جاءت جامعة الحسن الثاني ضمن الفئة 901–1000 عالميًا، لتظل الممثل المغربي الوحيد في هذا التصنيف المرجعي هذه السنة، وهو ما يعكس استمرارية الأداء الأكاديمي والبحثي للجامعة في محيط دولي شديد التنافسية. وقد أكد ذلك عدد من التقارير الصحفية الوطنية والدولية التي أشارت صراحةً إلى تموقع الجامعة في هذه الفئة وإلى كونها الممثّل الوحيد للمغرب ضمن قائمة 2025.
وتدعم هذه المعطيات وثيقةٌ كاملة للّائحة المنشورة تُظهر إدراج “جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء” في شريحة 901–1000، وهو توثيق رقمي يضيف دقةً ووضوحًا للترتيب التفصيلي.
ولا يتوقف التميّز عند الحضور في اللائحة العامة؛ إذ سجّلت الجامعة أداءً لافتًا في مجال “العلوم البيولوجية البشرية”، حيث جاءت ضمن الفئة 301–400 عالميًا، وهو مجال يتقاطع مباشرة مع الأولويات الصحية والحياتية ويُظهر نجاعة فرقها البحثية وقدرتها على إنتاج معرفة ذات تأثير.
يُذكر أن تصنيف شنغهاي يعتمد منهجية مبنية على ستة مؤشرات موضوعية، من أبرزها عدد خريجي وأساتذة الجامعة الحاصلين على جوائز نوبل وميداليات فيلدز، وعدد الباحثين ذوي الاستشهادات المرتفعة (Clarivate)، وعدد المنشورات في مجلتي Nature وScience، إضافة إلى حجم وجودة المقالات المفهرسة في قواعد بيانات Web of Science، والأداء البحثي للفرد. هذه المقاربة الصارمة القائمة على بيانات طرف ثالث تمنح التصنيف مصداقية واسعة وتجعل التقدم فيه نتاجًا لتراكم علمي حقيقي.
إن استمرار إدراج جامعة الحسن الثاني للعام الثاني تواليًا يؤشر إلى دينامية هيكلية داخل المؤسسة: توسّع الشراكات، تشجيع النشر العلمي في مجلات مُحكَّمة، استقطاب الكفاءات، وتحسين بيئة البحث والتأطير. كما يرسل رسالةً إيجابية إلى طلبة المغرب وباحثيه وإلى شركاء الجامعة الدوليين بأن الاستثمار في البحث والابتكار بدأ يُترجم إلى حضور ثابت في خرائط التصنيفات الكبرى. ومع أن الطريق نحو مراتب أعلى يستلزم مضاعفة الجهود في مجالات مثل الاستشهادات العلمية والتميّز في تخصّصات إضافية، فإن ما تحقق في نسخة 2025 يضع الجامعة على مسارٍ صاعد ويعطي لصنّاع القرار في التعليم العالي بالمغرب مؤشرًا عمليًا على جدوى السياسات الداعمة للبحث العلمي.
بهذا الإنجاز، تُثبت جامعة الحسن الثاني أن التراكم البحثي الرصين، والتخطيط المؤسسي المبني على مؤشرات قابلة للقياس، كفيلان بوضع الجامعة المغربية في مصافّ المؤسسات ذات الإشعاع العالمي، وأن الحفاظ على وتيرة التحسين المستمر سيحوّل “الحضور” إلى “تموقع متقدم” في السنوات المقبلة.