البحرية الإيرانية أطلقت أول مناورات عسكرية منذ الحرب مع إسرائيل وسماء إيران ظلت مغلقة ساعات بعد انتهاء التدريبات

أحمد رباص – تنوير
جرت تدريبات في المحيط الهندي وخليج عمان، حيث أطلقت الزوارق البحرية صواريخ على أهداف محددة، في محاولة من طهران إظهار قوتها بعد حرب استمرت 12 يوما وهزيمة وكلائها.
بالفعل، بدأت إيران أول مناورات عسكرية لها منذ نهاية حربها التي استمرت 12 يوما مع إسرائيل، حيث أطلقت السفن البحرية صواريخ على أهداف بحرية في كل من خليج عمان والمحيط الهندي.
وإذا كانت مثل هذه التدريبات روتينية في الجمهورية الإسلامية، فإن تدريبات “الطاقة المستدامة 1404” تأتي في الوقت الذي تحاول فيه السلطات الإيرانية إظهار القوة في أعقاب الحرب التي شهدت قيام إسرائيل بتدمير أنظمة الدفاع الجوي وقصف المنشآت النووية ومواقع أخرى، كما عرفت بالمقابل سقوط صواريخ أيران على مدن إسرائيل ما أجبر السكان على ترك منازلهم واللجوء إما إلى الخلاء أو إلى الملاجئ التي امتلأت بهم حد الاكتظاظ.
وأفادت التحديثات الإعلامية أن السفن الحربية أطلقت صواريخ كروز على بعض الأهداف، مستخدم طائرات مسيرة فوق المياه الإقليمية. ولم يُبثّ على شاشات التلفزيون أي لقطات حية من المناورات العسكرية الإيرانية.
يبدو أن البحرية الإيرانية، التي يقدر عدد أفرادها بنحو 18 ألف جندي، تجنبت أي هجوم كبير خلال حرب يونيو.
وتتولى البحرية الإيرانية، المتمركزة في مدينة بندر عباس الساحلية، دوريات في خليج عمان والمحيط الهندي وبحر قزوين، وتترك بشكل عام الخليج الفارسي وفمه الضيق، مضيق هرمز، للحرس الثوري الإيراني شبه العسكري.
وقد اشتهرت القوات البحرية التابعة للحرس الثوري بمصادرة السفن الغربية أثناء انهيار الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران عام 2015 مع القوى العالمية، فضلاً عن مراقبة السفن البحرية الأمريكية المارة أثناء دخولها المنطقة.
ومنذ نهاية الحرب، أصرت إيران بشكل متزايد على أنها مستعدة لمواجهة أي هجوم إسرائيلي مستقبلي.
في هذا الصدد، قال وزير الدفاع الإيراني العميد عزيز نصير زاده، إن البلاد زودت قواتها بصواريخ جديدة؛ وذلك في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) الرسمية، يوم أمس الأربعاء.
وقال نصير زاده: “الصواريخ التي استُخدمت في حرب الاثني عشر يوما صُنعت… قبل بضع سنوات. واليوم، صنعنا ونمتلك صواريخ بقدرات تفوق بكثير ما كانت عليه الصواريخ السابقة، وإذا أقدم العدو الصهيوني على هذه المغامرة مجددا، فسنستخدمها بلا شك”.
بدأ الصراع الذي استمر 12 يوما بين إسرائيل وإيران في 13 يونيو بهجوم إسرائيلي مفاجئ.
وقالت إسرائيل إن هجومها الشامل على كبار القادة العسكريين الإيرانيين والعلماء النوويين ومواقع تخصيب اليورانيوم وبرنامج الصواريخ الباليستية كان ضروريا لمنع الجمهورية الإسلامية من تحقيق خطتها المعلنة لتدمير الدولة اليهودية.
نفت إيران باستمرار سعيها لامتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، قامت بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات غير قابلة للاستخدام السلمي، ومنعت المفتشين الدوليين من تفتيش منشآتها النووية، ووسّعت قدراتها الصاروخية الباليستية. وصرحت إسرائيل بأن إيران اتخذت مؤخرا خطوات نحو التسلح. مع أن إيران من حقها امتلاك وسيلة ردع نووي لضمان أمنها القومي على غرار إسرائيل والهند وباكستان وروسيا، حتى لا نذكر الدول الأبعد عنها مسافة. أم أن مقولة “حلال علينا، حرام عليكم” أصبحت ثابتا من ثوابت القانون الدولي؟
ردّت إيران على الهجمات الإسرائيلية بإطلاق أكثر من 500 صاروخ باليستي ونحو 1100 طائرة مُسيّرة على إسرائيل. وأسفرت الهجمات عن مقتل 31 شخصًا وإصابة أكثر من 3000 آخرين في إسرائيل، وفقًا لمسؤولي الصحة والمستشفيات، ناهيكم عن الخسائر المادية المتمثلة في انهيار عدة مبان وظيفية وإسكانية.
في هذه الأثناء، علقت إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي كانت تراقب مواقعها النووية في الوقت الذي قامت فيه طهران بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات تقترب من مستويات الأسلحة وسط التوترات.
من جهتها، حذرت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي الإيراني، من أنه إذا لم تتوصل طهران إلى “حل مرض” لنزاعها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحلول 31 غشت الجاري، فإنها ستفعّل آلية “إعادة فرض” جميع عقوبات الأمم المتحدة عليها، تلك التي تم رفعها سابقا بموجب الاتفاق.
وإذا كانت إيران تعاني بالفعل من عقوبات أمريكية منذ عام 2018، يحذر المحللون من أن تجدد العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة قد يؤدي إلى إضعاف اقتصاد البلاد المتعثر بشكل أكبر.
لكن المثير للخوف والدهشة كليهما أن سماء إيران ظلت مغلقة في وجه الطيران المدني بعد مرور أكثر من سبع ساعات على الانتهاء من التدريبات العسكرية. وهكذا لم تستطع طائرة عراقية وأخرى إيرانية الإقلاع من مطار بغداد في اتجاه طهران. كما اضطرت طائرة تركية للعودة من الأجواء إلى المطار التركي الذي أقلعت منه مباشرة بعد إخطار طاقمها بأن سماء إيران مغلقة بالكامل.