عزم الحكومة على المصادقة على مشروع مرسوم التعويضات عن الساعات الإضافية يؤجح غضب الأساتذة

أحمد رباص – تنوير
يجتاز حاليا أساتذة التعليم العمومي، والدخول المدرسي على الأبواب، من مرحلة مطبوعة بالتوتر والاستياء، بسبب الوثيقة الرسمية التي يعتزم المجلس الحكومي المرتقب انعقاده يوم الخميس 28 غشت الجاري إدراجها ضمن جدول أعماله، وبالتالي المصادقة النهائية عليها، وطرتها ليست شيئا آخر غير مشروع المرسوم رقم 2.25.539، المعدّل للمرسوم رقم 2.05.1012، والمتعلق بتحديد مقادير التعويضات عن الساعات الإضافية الممنوحة للمدرسين.
في علاقة بهذا الموضوع، أكدت النقابات التعليمية الأكثر تمثيلاً مرارا وتكرارا، أن تنفيذ ما تبقّى من اتفاق 26 دجنبر 2023، وعلى رأسه تخفيض ساعات العمل، أصبح مطلباً مستعجلاً، على اعتبار أن أي إصلاح حقيقي يجب أن يبدأ بالرفع من قيمة التعويضات ومراجعة زمن العمل قبل اعتماد التعديلات الجديدة.
في هذا السياق، عبر مهنيو التعليم عن رغبة الحكومة وإصرارها على معاكسة مطالبهم عبر فرض تعويضات لا تسمن ولا تغني من جوع، خاصة بعد أن تُقتطع منها الضريبة، ما يفضي إلى إثقال كاهل هيئة التدريس بمهام إضافية، وإلى الحد من جودة العملية التعليمية-التعلمية في المدرسة العمومية.
كثيرون هم المدرسون الذين أدركوا بفطنتهم وحدسهم الذي لا يخطئ أن المرسوم الجديد قد ينضاف إلى ترسانة القوانين والمراسيم التي تكون الغاية منها إدامة وتأبيد تلك النظرة التمييزية بين الأسلاك التعليمية عبر التعامل بسخاء مع الأساتذة العاملين في سلك التعليم الثانوي التأهيلي وما فوقه، وببخل شديد مع الأساتذة العاملين في سلكي التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي الإعدادي. على أي أساس ترسي الوزارة الوصية هذا التمييز؟ فقد ذهب إلى غير رجعة الزمن الذي كان فيه بعض أساتذة السلكين المغبونيين أقل كفاءة وثقافة من زملائهم في الثانوي التاهيلي؛ حيث لا نعدم حملة الإجازة والماستر وحتى الدكتوراه بين معلمي السلكين “المحتقرين”.
يتأجج التوتر ويتفاقم القلق بين أوساط نساء ورجال التعليم بإيعاز من رغبة الحكومة في الالتفاف على اتفاق 26 دجنبر 2023 والتنكر لمقتضياته، كما تنكرت لاتفاق 26 أبريل 2011 الذي ظل ما جاء به لفائدة نزلاء الزنزانة 11 من معلمي الطورين الابتدائي والإعدادي حبرا على ورق. وللتذكير، تضمن الاتفاق الموقع بين الحكومة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلا في نهاية الحراك التعليمي الأخير بنوداً تهدف إلى تطوير النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية، ومن أبرزها تخفيض ساعات العمل وتحسين الدخل وإدماج فئات متعددة بطريقة عادلة ومنصفة.
من جهتها، تشير النقابات إلى أن من أبرز مطالبها الإفراج عن قرار تقليص ساعات العمل في أسلاك التدريس، خاصة أساتذة الابتدائي والإعدادي، وصرف التعويضات بأثر رجعي.
وحسب المرسوم المنشور في الجريدة الرسمية (فبراير 2024)، تبلغ قيمة التعويض عن كل ساعة إضافية (سيقتطع منه أزيد من 30 في المئة كضريبة) 91 درهماً لأساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، و156 درهماً لأساتذة الثانوي التأهيلي، و 234 درهماً لفئة “الأساتذة المبرزين للتربية والتكوين” في الأقسام التحضيرية أو التقنية أو المعاهد العليا، إلا أن هذه المبالغ لا تبدو كافية لمواكبة تكاليف الحياة ولا تعكس الجهد الإضافي للمدرس، ما يدفع النقابات إلى المطالبة بإعادة النظر فيها وتحسينها.
ويرى المتتبعون لهذا الملف الاجتماعي أن المصادقة على المرسوم، إن تمت، قد لا تمثل إصلاحاً حقيقياً بقدر ما ستكون تأجيلاً للمطالب الحقيقية للقطاع، ما يلزم الحكومة بضرورة فتح باب الحوار مجدداً، بهدف توضيح آليات توزيع التعويضات، وكذا مراجعة أيام وساعات العمل الأسبوعية، والعمل على تسريع تنفيذ بنود اتفاق 26 دجنبر 2023 لضمان استقرار القطاع وحماية جودة التعليم.
ومع اقتراب الدخول المدرسي المقرر بداية شهر شتنبر المقبل، لوّح أطر هيئة التدريس بخوض أشكال نضالية احتجاجية إذا استمرت الحكومة في تجاهل مطالبهم الأساسية، من قبيل تخفيض ساعات العمل وتحسين التعويضات عن الساعات الإضافية. ويعتبر هؤلاء أن عدم الاستجابة لمطالبهم سيجعل من الخريف القادم مرحلة حادة من الاحتجاجات داخل القطاع، تهدف إلى الدفاع عن حقوقهم وضمان بيئة تعليمية عادلة ومستقرة، مؤكدين أن صبرهم يكاد ينفذ، وأنهم مستعدون لخوض كل أشكال الاحتجاج المشروعة لإسماع صوتهم قبل أن يتحول الوضع إلى أزمة أكبر تؤثر على جودة التعليم وسير الدروس.