العراق: جماعة شيعية جديدة تحرض الشباب على الانتحار ليكونوا “قربانا” للإمام علي

أحمد رباص/تنوير
تشن السلطات العراقية حملة قمعية على جماعة شيعية تقوم بممارسات مروعة، حيث أقدم عدد من أتباعها على الانتحار من خلال قرعة مروعة. ويُعتقد أيضا أن هذه الجماعة ارتكبت عمليات قتل طقوسي.
يعتقد العراقيون أنهم رأوا كل شيء منذ الإطاحة بصدام حسين سنة 2003. الأزمة الاقتصادية، الإرهاب، الفساد المستشري، والعنف من كل الأنواع… ومع ذلك، حتى المواطنين الأكثر تحملا مذهولون من الكشف الأخير عن طائفة شيعية تسمى “العلاهية”، أو بشكل أكثر وضوحا، “القربان”.
اتفق أتباع هذه الحركة، التي تأسست مطلع عشرينيات القرن الحالي في محافظتي البصرة وذي قار، والبالغ عددهم نحو 2500 شخص، على الولاء لعلي بن أبي طالب، ابن عم النبي محمد وصهره، الذي يعتبره الشيعة الإمام الأول، والذي تُخصص له طائفة القربان مذهبا خاصا. وهم على استعداد للانتحار، بل وحتى للقتل، من أجله.
في البداية، لم تحظَ الجماعة باهتمام يُذكر: إذ كان المصلون يتجمعون ببساطة للغناء والرقص على أنغام موسيقى إلكترونية آسرة تكريما لعلي (كرم الله وجهه). لكن مع مرور الشهور، استرعت سمعتها السيئة انتباه كبار رجال الدين الشيعة في العراق، الذين تبرأوا من جماعة “القربان”، واصفين إياها بـ”المتطرفة” و”المنحرفة”. كما حذّروا الشباب العراقيين، الذين يشكلون غالبية المنضمين إليها في بلدٍ 60% من سكانه دون سن الخامسة والعشرين، ويعاني من البطالة والفقر والكسل وسط حالة من اليأس.
اختيار المرشحين للانتحار عشوائيً
في محافظة ذي قار، منذ عام 2022، عُثر على عدة أشخاص، بينهم فتى في الخامسة عشرة من عمره، مشنوقين في حسينيات شيعية. في البداية، لم تكن هناك أي صلة بين حالات الانتحار. ثم أثار تقارب التواريخ وتشابه أماكن اكتشاف الجثث شكوك السكان والسلطات المحلية، مما جعل فرضية الانتحار لأسباب دينية مؤكدة.
لكن لم يتضح مدى الجنون السائد في الجماعة إلا بعد أن تحدث أحد أتباع الطائفة، دون الكشف عن هويته، إلى إحدى الجرائد الرقمية قائلا: “نؤمن بأن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام هو الإله المتجسد في الأرض، وأنه لا بد من تقديم القرابين له لنيل رضاه ومغفرته”. قبل أن يحدد شروط هذه القرابين، وهي قرعة رهيبة: “ننظم قرعة بين أعضاء الجماعة، ومن يُسحب اسمه يحظى بشرف التضحية للإمام علي، وهو أسمى غاية في الوجود”، يوضح.
الموتى كقرابين
مع ذلك، يُصرّ المريد على أن حركته لم ترتكب أي جرائم قتل. وهذه كذبة لا غبار عليها. في 16 يونيو 2024، اعتقلت قوات الأمن مسؤولا كبيرا في جماعة “القربان” في ذي قار. وعند استجوابه، اعترف في النهاية بقتل اثنين من أفراد عائلته “باعتبارهم قرابين”.
منذ ذلك الحين، تضاعفت المداهمات: أُلقي القبض على ستة أعضاء آخرين من الجماعة بعد إقناع ثلاثة من أتباعها الشباب بالانتحار. كما خططت الجماعة لتعطيل زيارة الأربعين، وهو تجمع شعبي يحتفل بأحد أهم المناسبات لدى الشيعة. في يوليوز ما قبل الأخير، أُلقي القبض على حوالي خمسين شخصا آخر.
زعيم الجماعة يعيش في إيران
مع ذلك، لم يتعرض الزعيم الديني للحركة، عبد العلي منعم الحسني، لأي مضايقات: فهو يقيم حاليا في مدينة مشهد في إيران، وهي دولة لا يبدو أن سلطاتها عازمة على قمعها بعد.
ومع ذلك، تذكر فاطمة البهادلي، مديرة جمعية “فردوس” غير الحكومية، نقلاً عن موقع إخباري، أن البيئة الحاضنة التي تزدهر فيها هذه الطائفة أكثر خصوبة من أي وقت مضى: “عندما يشعر العديد من الشباب باليأس وعدم وجود عمل يشغلون به أنفسهم أو عائلات ترافقهم، يمكنهم الانضمام إلى جماعات مثل ‘القربان'”، كما أوضحت، مؤكدةً أن هذه هي الأسباب نفسها التي غذّت داعش.
في إشارة تعكس بشكل خطير خطط الجماعة، أسر أحد أتباعها لجريدة دولية أنها تريد نشر رسالتها “في المدارس والجامعات” وحتى “خارج الحدود العراقية”.