مجتمع

رحيل الإعلامي علي حسن.. صوت «سينما الخميس» الذي صنع ذاكرة التلفزيون المغربي

 عزيز الحنبلي 

رحل الإعلامي المغربي علي حسن صباح الاثنين 25 غشت 2025 في الرباط، بعد مسار مهني طويل ارتبط في ذاكرة المغاربة ببرنامج «سينما الخميس». وبغيابه يفقد المشهد السمعي البصري صوتاً مميّزاً رافق أجيالاً من المشاهدين والمستمعين وفتح لهم نافذة أسبوعية على عوالم الفن السابع.

بدأ علي حسن مسيرته في الإذاعة والتلفزة المغربية سنة 1964، حيث قدّم نشراتٍ إذاعية وتلفزيونية وراكم تجربة تحريرية وميدانية مكّنته لاحقاً من الانتقال إلى البرامج المتخصصة. ومع مطلع التسعينيات سيبصم اسمه في الذاكرة الجماعية عبر «سينما الخميس» (1991–2003)، وهو الموعد الذي حوّل شاشة التلفزيون إلى قاعة عرض منزلية تجمع بين الفيلم وتقديم سياقه الفني والتاريخي في لغة سلسة وشارحة.

واصل الراحل النهج ذاته في برنامج «نادي السينما» (2003–2014)، مؤكداً إيمانه برسالة التثقيف البصري وبقدرة التلفزيون العمومي على توسيع الذائقة الفنية وإشراك الجمهور في نقاشات السينما. ولم يقتصر حضوره على الشاشة الصغيرة؛ فقد وقّع صوته أيضاً عبر الأثير في برنامج «Entr’Acte»، فصار مرجعاً إذاعياً للمستمعين الباحثين عن تبسيطٍ رصين للشأن السينمائي.

شارك كصحفي من 1980 إلى 1981 في إطلاق راديو ميدي 1، وفي الفترة من سنة 1987 إلى سنة 1989 عمل مسؤولا مكلفا بالدراسات بشركة “أونا” أومنيوم شمال إفريقيا من أجل إحداث القناة التلفزيونية الثانية 2M.

شارك كممثل في عدد من الأفلام السينمائية المغربية منها “ابن السبيل” لمحمد عبد الرحمان التازي، “أفغانستان لماذا؟” لعبد الله المصباحي، “الحاج المختار الصولدي” لمصطفى الدرقاوي، و ” الأحرار” لإسماعيل فروخي، وفي فيلمين قصيرين للمخرج الفرنسي الجزائري محمود الزموري … كما قام بدبلجة العديد من المسلسلات والأفلام إلى اللغة الفرنسية، وقام بالتعليق على أفلام وثائقية، منها على الخصوص مجلة الأنباء المصورة من إنتاج المركز السينمائي المغربي خلال الفترة من 1973 إلى 1982.

عمل أيضا مستشارا لدى وزير الاتصال خلال الفترة من 1998 إلى 2000، كما ترأس لجنة تحكيم الصحافة في مهرجان السينما الفرنكوفونية بآسفي سنة 2004، وعضوا في لجنة دعم الإنتاج السينمائي الوطني خلال الفترة من 2012 إلى 2014، وعضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة في مهرجان السينما المغاربية بالجزائر العاصمة سنة 2013.

تميّز علي حسن بقدرةٍ استثنائية على تقديم الفيلم كحكاية متكاملة: يبدأ من بطاقةٍ تقنية موجزة، ثم ينتقل إلى خلفيات الإنتاج والمدارس والتيارات، وصولاً إلى عناصر الصورة من إخراج ومونتاج وموسيقى وأداء، قبل أن يترك للمشاهد مساحةً للتأمل دون وصاية أو ادّعاء. بهذه المقاربة، ساهم في تكوين حسّ نقدي لدى الجمهور، وربط بين السينما وحياة الناس اليومية، وجعل الفنون السمعية البصرية جزءاً من حديث البيوت المغربية مساء كل خميس.

عرفه الجمهور باسمٍ فني هو «علي حسن»، فيما يحمل في وثائقه الرسمية اسم «محمد الوالي». هذا الاختيار لم يكن مجرد اسمٍ للشاشة، بل علامةً مهنية ارتبطت بأسلوب تقديمٍ هادئ، وصوتٍ إذاعي دافئ، وحرصٍ على الدقة والاحترام في مخاطبة المتلقي.

برحيل علي حسن، يخسر الإعلام المغربي أحد روّاده الذين منحوا التلفزيون وظيفةً تربوية وجمالية في آن. وسيبقى أثره ممتداً في ذاكرة الذين تعلّموا بفضله كيف يشاهدون الأفلام لا كمجرد تسلية عابرة، بل كنصوصٍ بصرية تستحق الإصغاء والتحليل. رحم الله الفقيد، وخالص العزاء لأسرته وأحبّته ورفاق المهنة، مع الأمل في حفظ إرثه عبر أرشفة برامجه وإتاحتها للأجيال المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى