عبد السلام باهي
رغم مرور أسبوعين على العثور على الرفيق سيون أسيدون وهو في حالة غيبوبة ، لا زالت الأخبار المتعلقة به غير واضحة بما فيه الكفاية ، ولا زالت التساؤلات مطروحة حول حقيقة وضعيته الصحية ، وحول حقيقة ما تعرض له وأسبابه .
وعلاقة بما يروج في هذا الشان ، في وسائل التواصل الاجتماعي ، أصدر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بلاغا ، كشف فيه على مجموعة من الوقائع والبيانات ، وأكد على أن الأبحاث لا زالت جارية .
فما هي أهم الوقائع التي جاءت في بلاغ النيابة العامة ؟ وما هي التساؤلات المطروحة بشأنها ؟
1/ أفاد بلاغ السيد الوكيل العام ، بأنه بتاريخ 11 غشت 2025 ، تقدم شخصان أمام مصالح الشرطة وأفادا بأن مشغلهما تغيب عن العمل وانقطع الاتصال به هاتفياً . ولما توجها إلى منزله ، تعذر عليهما ربط الاتصال به ، ولاحظا أن سيارته مركونة أمام باب المنزل .
2/ انه على إثر ذلك ، انتقلت عناصر الشرطة القضائية إلى منزل المعني بالأمر ، فتبين أن بابه مقفل . وبعد فتحه بالاستعانة بمختص ، تمت معاينة مجموعة من الأدوات بحديقة مسكنه عبارة عن: سلم ، ومنشار ، ومعول ، ومقص، مع وجود بقايا أعشاب مقصوصة وآثار تشذيب على الأشجار .
3/ أن المعني بالأمر وجد مغمى عليه فوق أريكة ، بالطابق الأرضي من مسكنه ، وتبين أنه لا يزال على قيد الحياة من خلال حركات تنفسه .
4/ وأنه تم نقل المعني بالأمر على الفور إلى المستشفى .
5/ وانه بعد إجراء تحريات داخل المنزل ومحيطه ، عثر على مجموعة من أغراضه الشخصية ، من بينها هاتفه وزوج نعل عليه آثار عشب ، إضافة إلى مفاتيح وحاسوبين محمولين ، فضلاً عن مجموعة من الأغراض والكتب الموضوعة بشكل مرتب ، دون أن تظهر أي آثار اقتحام أو بعثرة .
لكن من وجهة نظر قانونية ، وفي ما يخص هذه النقطة ، أي التحريات وما تم العثور عليه بمسكن المعني بالأمرالمغمى عليه ، فإن السؤال المطروح هو هل تم حجز بعض ممتلكات سيون أسيدون ، وأغراضه الشخصية ، خاصة هاتفه وحاسوبيه . وهل الحجز الذي قد يكون تم ، جاء وفق المقتضيات القانونية ، التي تنص على أن حجز الممتلكات لا يتم إلا في حالة وجود شبهة جريمة .
وبالتالي فالتساؤل المطروح كذلك هو هل هناك شبهة جريمة ؟ وما هو نوع الجريمة المشتبه في ارتكابها ؟ وما علاقتها باستعمال الممتلكات الإلكترونية الخاصة بسيون أسيدون . وكونها ذات طايع شخصي ، ولها حرمتها بحكم أنها ممتلكات خاصة به وجدت معه بمسكنه ؟
6/ وحسب نفس البلاغ الصادر عن السيد الوكيل العام ، فقد تمت معاينة كاميرا مراقبة مثبتة بالمنزل المتواجد في نهاية الزقاق ، الذي يبعد بحوالي 300 متر عن منزل المعني بالأمر . وبعد استقراء تسجيلاتها ، تبين انه بتاريخ 09/08/2025 على الساعة العاشرة و36 دقيقة صباحاً ، حضر المعني بالأمر على متن سيارته ، وبعد أن ركنها بالجهة المقابلة لباب منزله ، ترجل منها بمفرده ، وتوجه مباشرة إلى الباب ، وهو يرتدي نفس الملابس التي كان يرتديها خلال واقعة العثور عليه مغمى عليه داخل مسكنه .
7/ وأنه بتتبع تسجيلات الكاميرا زمنياً إلى غاية حضور المبلغين وعناصر الشرطة بتاريخ 11 غشت 2025 ، فقد تبين أيضا ، أن السيارة ظلت مركونة بمكانها ، ولم يتم رصد أي استعمال لها منذ ساعة ركنها .
لكن في هذه النقطة ، يبدو ان هناك سؤالا آخر مطروحا حول معاينة الكاميرا ، وحول قراءة وقائعها حسب ترتيبها الزمني . والسؤال هو لماذا اقتصر الحديث على السيارة فقط ؟ وهل طيلة يومين لم تسجل الكاميرا أي شيء غير ما يتعلق بالسيارة المركونة ؟
هل الكاميرا لم ترصد وجود أشخاص أخرين ، أو أية وقائع أخرى قد تكون لها علاقة بما حدث ؟ كل ذلك يبقى علمه عند رجال الشرطة . والبحث القانوني يقتضي كل ما ذكر .
8/ لقدد أشار البلاغ كذلك ، إلى أنه تم رفع عدة عينات وآثار بيولوجية من مختلف الأدوات التي وجدت بمسكن سيون أسيدون ، وكذا من مرافق وتجهيزات المنزل ، بغية استغلال البصمات والعينات البيولوجية العالقة غير المرئية بالعين المجردة . وأن النتائج أظهرت وجود بصمات المعني بالأمر فقط .
9/ وأنه تم الاستماع إلى شخص يشتغل بناء بالمنزل المجاور ، حيث أفاد أنه شاهد المعني بالأمر يوم السبت حوالي الساعة الثانية بعد الزوال وهو فوق سلم بصدد تشذيب وتقليم أغصان الأشجار ، وأنه غادر حوالي الساعة الخامسة مساءً تاركا إياه منهمكا في العملية . وأضاف أنه عند التحاقه بعمله صباح اليوم الموالي ، أي يوم الأحد 10/08/2025، شاهد السلم فوق قصاصات الأعشاب .
10/ كما تم الاستماع إلى مالك المنزل المجاور لمسكن المعني بالأمر . حيث أفاد بأنه سبق أن طلب منه تشذيب نبات حديقته ، فتم الاتفاق على إنجاز ذلك يوم السبت . وأكد أنه فعلاً شاهده يقوم بذلك العمل في اليوم المذكور .
لكن ما يمكن ملاحظته والتساؤل بشأنه فيما يخص جواب مالك المنزل المجاور لمسكن سيون أسيدون ، هو أن هناك نوعا من الغموض وعدم الكفاية في جوابه . خاصة أنه هو آخر من تحدث مع سيون أسيدون ، واتفق معه على قص الأشجار وتشذيب الاعشاب . وعلى التوقيت الذي تم تحديده في يوم السبت .
فهذه الوقائع لها اهميتها ، من زاوية أن مالك المنزل هو آخر من تحدث مع سيون أسيدون ، وهو الذي تحدث معه على وقائع جرت قبل غيبوبته مباشرة ، أي عملية قص الأشجار وتشذيب الأعشاب ، وتوقيتها . ولذلك ، فإن هذه الوقائع لها أهميتها في عملية البحث ومعرفة ما حدث .
11/ لقد أكد الوكيل العام بأن الأبحاث جارية في هذه القضية ، وأنه سيتم ترتيب الآثار القانونية المناسبة فور انتهائها . وهذا تأكيد مطمئن . لكن سيكون من المفيد والمطلوب فيما يبدو ، الإستعانة بالخبراء والاطباء لمعرفة الحقيقة والوصول إلى العدالة .
12/ وهناك وجه آخر للقضية . وجانب مهم من الحقيقة المطلوبة . وهو المتعلق بالوضعية الصحية لسيون أسيدون . خاصة ما يتعلق بالإصابات التي أدت إلى غيبوبته . أو أسباب الغيبوبة.
فماهي طبيعة الإصابات ؟ وهل هي من الإصابات التي يمكن ان تنتج عن سقوط من سلم الحديقة . وعلى الخصوص ، إصابة الرأس وإصابة الصدر وحالة الغيبوبة .
الوضعية تقتضي تشخيصا سليما ، وبالتالي معرفة طبيعة الإصابات ، ومعرفة أسبابها واحتمالات تطوراتها . وهل هي ناتجة عن حادث عارض وتلقائي أم عن فعل فاعل ، وبدوافع جرمية ؟ وما هي حظوظ نجاة سيون أسيدون منها ، واسترجاعه لصحته وعافيته .
وكما تمت إلإشارة إلى ذلك ، فمن أجل الوصول إلى الحقيقة ومعرفة أسباب ما تعرض له سيون أسيدون من إصابات ، ومعرفة أسباب غيبوبته ، سيكون من المفيد الإستعانة بالأطباء المختصين والخبراء . خاصة أن المادتين 57 و 149 من قانون المسطرة الجنائية المغربي تسعف النيابة العامة وتعطيها الحق في الإستعانة بالخبراء والاطباء لتشخيص الوضع الصحي ومعرفة أسباب الإصابات أو الضرر . ويمكن لذوي المعني بالأمر والمحامين المكلفين من طرفهم بالقضية ، أن يطلبوا ذلك من النيابة العامة .