أمريكا تهدد بغزو فنزويلا ومادورو يقوم بتعزيز الجبهة الداخلية

أحمد رباص – تنوير
من الواضح أن سيناريو غزو العراق سيتكرر مجددا، لكن هذه المرة فوق أراضي أمريكا اللاتينية، في فنزويلا تحديدا.
اليوم، نعاين تصعيدا عسكريا خطيرا جدا بين فنزويلا وأمريكا. رفع ترامب سقف التهديدات، ووصف نيكولاس مادورو بكونه “زعيم عصابة إرهابية”، راصدا 50 مليون دولار لمن يسلم رأسه، وأرسل مدمرات بحرية والآلاف من قوات مشاة البحرية (المارينز) إلى المنطقة.
كل ذلك تحت غطاء محاربة المخدرات. لكن، هل يتعلق الأمر فعلا بالمخدرات؟ أم أن هناك أهدافا أكبر وأعمق، مثل النفط والجغرافيا والصراع مع الصين وروسيا وإيران؟
لماذا أصبحت فنزويلا بمثابة كابوس يهدد مصالح فنزويلا؟ لماذا يهدد مادورو بتحويل بلاده إلى مقبرة للغزاة الأمريكيين؟
إن هذا السيناريو سوف يتكرر بنفس الطريقة، لكن في فنزويلا هذه المرة. وقد نجد في ذلك تشابها مع ما حدث في ليبيا وسوريا وأفغانستان. هناك أهداف متشابهة حد التماثل. هناك ذرائع تتحدث عنها أمريكا وهي الأخرى متشابهة مع تلك التي سبقتها.
تعتبر فنزويلا بالنسبة إلى أمريكا حليفا قويا لروسيا والصين وإيران، وهي تشكل خطرا على أمريكا. فنزويلا دولة غنية بالبترول حيث تملك أكبر احتياطي من النفط على مستوى العالم أجمع. وهي، فضلا عن ذلك، دولة ذات أهمية جيوستراتيجية كبيرة جدا. فمنذ زمن القائد هوغو تشافيز، وفنزويلا تتمرد على النظام العالمي الذي تفرضه أمريكا بقوة الحديد والنار. لذلك، فرضت عليها مجموعة من العقوبات منذ سنة 2010. كانت هناك محاولات لقلب النظام عبر تقديم الدعم لزعيم المعارضة خوان غوايدو، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل بفضل قوة وحنكة الرئيس الحالي نيكولاس مادورو.
اليوم، جاء ترامب بمخططات جديدة، وبمستجدات موحية للجميع بأن هناك غزوا أمريكيا قادما. ما يدل على ذلك إطلاق الولايات المتحدة لعملية واسعة النطاق بدعوى مكافحة المخدرات، وقامت بنشر قوات بحرية وجوية في منطقة البحر الكاريبي. وستتمركز ثلاث مدمرات قبالة سواحل فنزويلا، في المياه الدولية. ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية، يعتزم الرئيس دونالد ترامب أيضا إرسال 4000 جندي من مشاة البحرية (المارينز).
في وقت سابق، رفعت واشنطن المكافأة إلى 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، المتهم ب”تهريب المخدرات”.
في إطار الرد على التهديدات والاستفزازات الأمريكية، قال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يوم الجمعة (22 غشت) خلال احتفال أقيم تحت شعار”دفاعا عن السيادة والسلام” إن الانتشار العسكري الأميركي في منطقة البحر الكاريبي كان جزءا من خطة “غير أخلاقية وإجرامية وغير قانونية”.
واوضح مادورو للجمعية الوطنية: أن “ما يهددون به ضد فنزويلا، من تغيير النظام وهجوم إرهابي عسكري، هو أمر غير أخلاقي وإجرامي وغير قانوني”. وأضاف: “هذه مسألة سلام، وقانون دولي، وأمر يخص أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. من يهاجم دولة واحدة في أمريكا اللاتينية يهاجم جميع الدول الأخرى، ومن يهدد دولة واحدة يهدد جميع الدول الأخرى”.
واختتم الرئيس الفنزويلي حديثه قائلاً: “هذه لحظة شجاعة، وقت لتوحيد الجهود، وتوحيد الإرادة الوطنية، وتنحية الخلافات الصغيرة أو الداخلية جانباً. لقد حان الوقت لفنزويلا لتتحدث بصوت واحد، صوت الحقيقة، صوت الوطن، صوت حقنا في السلام والتنمية والوئام”.
وتم إنشاء مراكز التجنيد في جميع أنحاء البلاد، في الثكنات، ولكن أيضا في المباني العامة وحتى في القصر الرئاسي في ميرافلوريس في كاراكاس. ففي ثكنات الجبل، الموقع التاريخي المطل على كاراكاس، حيث دُفنت رفات تشافيز (1999-2013)، يصطف الناس. قال أوسكار ماثيوس، البالغ من العمر 66 عاما، لوكالة فرانس برس، وهو ينتظر بصبرٍ التسجيل مع أحد أفراد الميليشيات بزيّ مموه: “أنا هنا لخدمة وطننا. لا نعلم ما قد يحدث، لكن علينا أن نستعد ونواصل المقاومة”.
بعد اكتمال التسجيل، يدخل المتطوعون قاعةً تُعرض فيها أفلام وثائقية عن حصار فنزويلا الذي فرضته الدول الأوروبية عامي 1902 و1903، بسبب رفض الرئيس آنذاك سيبريانو كاسترو سداد الديون الخارجية. يعرض الفيلم، الذي أُنتج عام 2017، لقطات أرشيفية لفلاحين يحملون أسلحة أو يحللون خرائط. وتظهر سفن حربية في الأفق.