مجتمع

الكونفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بجهة الدار البيضاء–سطات تدق ناقوس الخطر: اختلالات بنيوية تهدد المدرسة العمومية

عزيز الحنبلي -متابعة

  الدار البيضاء – 20 غشت 2025: أعلنت فروع الكونفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بجهة الدار البيضاء–سطات قلقها البالغ من تفاقم مظاهر الاختلال والارتباك داخل المنظومة التعليمية الجهوية، معتبرة أن التعليم العمومي ينبغي أن يظل حقًا مضمونًا وجسرًا للتنمية لا عائقًا أمامها. وتوقفت عند تراجع الخدمات التربوية داخل مؤسسات التعليم العمومي، ومست نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا برسم الموسم 2024/2025 التي وصفتها بـ“غير المشرّفة” للجهة، بما يكشف اختلالات بنيوية في التدبير التربوي والإداري والتأطير وآليات التخطيط والحوكمة والمواكبة، وهي مؤشرات دالّة على ضرورة مراجعة جادة للتدابير المتخذة قصد الارتقاء بجودة التعليم وضمان تكافؤ الفرص داخل الجهة.

وتحذّر الفروع من خصاص مهول في الأطر التربوية والإدارية وهيئة التفتيش وما يخلّفه من أثر مباشر على سير العملية التعليمية، ومن تفشي الاكتظاظ الذي يتجاوز في أحيان كثيرة خمسةً وأربعين تلميذًا بالقسم، فضلًا عن هشاشة البنيات التحتية من أقسام مفككة وانعدام الماء والكهرباء ونقص المرافق الصحية والأسوار وتردي خدمات النظافة والحراسة وغياب الأمن بمحيط المدارس. كما تسجل بقلق بالغ ضعف أداء التعليم الأولي بعد إسناد تدبيره في الغالب إلى جمعيات يغلب عليها الطابع الخدماتي أكثر من التربوي، ما كرس هشاشته وغياب التأطير البيداغوجي السليم وأفرغ هذا الورش الوطني من أهدافه الاستراتيجية في بناء قاعدة متينة للمنظومة؛ وإزاء ذلك تعلن رفضها الصريح لخوصصة التعليم الأولي ومطالبتها بإدماجه الكامل ضمن التعليم العمومي بوصفه مدخلًا أساسيا لأي إصلاح تربوي جاد.

وفي سياق الحلول العملية المستعجلة، تدعو الفروع إلى التعويض الفوري للأساتذة المنتقلين وللغيابات القانونية كرخص المرض والولادة حفاظًا على الزمن المدرسي، والتعويض الفوري للمديرين والمفتشين الذين غادروا مؤسساتهم أو مصالحهم عبر الحركات الانتقالية ضمانًا لاستمرارية المرفق التربوي، وإلغاء الأقسام المفككة وتعويضها ببناء صلب وتوسعة المؤسسات القائمة وبناء أخرى جديدة للتقليص من الاكتظاظ، ودعم النقل المدرسي وتحسين خدماته ومراقبته من حيث العدد والجودة والسلامة، وتعميم الدعم التربوي الرسمي لمحاربة الهدر والتعثر، والحد من الدروس الخصوصية التي تستنزف الأسر وتكرّس اللامساواة، وتشديد الرقابة على التعليم الخصوصي ضمانًا لتكافؤ الفرص مع المدرسة العمومية، مع تفعيل خلايا اليقظة والإنصات داخل المؤسسات التعليمية.

وتؤكد الفروع مركزية قضايا الإنصاف والعدالة التربوية وترفض التمييز في التوقيت الدراسي بين الوسطين القروي والحضري مطالبة بتعميم التوقيت الأنسب، كما تشدد على تعميم تدريس اللغة الأمازيغية بمؤسسات الريادة، وتوسيع التربية الدامجة عبر توفير الأطر المتخصصة وقاعات الموارد للتأهيل والدعم، وإنهاء ممارسات الضم التي تقود إلى تخفيض الحصص الزمنية وتقليص البنية بما يهدد جودة التعلمات.

وفي ما يتعلق بإشراك الأسر، تندد الفروع بممارسات التضييق التي تتعرض لها جمعيات الأمهات والآباء داخل عدد من المؤسسات التعليمية والمديريات الإقليمية، وتطالب بتفعيل المذكرات الوزارية الخاصة بمكانة هذه الجمعيات وتوفير فضاءات مناسبة لعملها داخل المؤسسات. وتأسف لأن المساهمات المالية الكبيرة التي تقدّمها هذه الجمعيات في تأهيل المؤسسات ودعم الأنشطة المدرسية لا تجد أي اعتراف أو تثمين لدى الوزارة أو الأكاديمية أو المديريات، حيث يجري تغييبها في التقارير الرسمية بشكل يثير الانشغال، وهو ما تعتبره إجحافًا وتهميشًا غير مبرر لدورها الحيوي.

وترى الفروع أن دعم المدرسة العمومية يمر عبر خطة جهوية متكاملة للدعم المؤسساتي تشمل توفير الموارد البشرية والتجهيزات والبنيات الضرورية، وتعميم رقمنة المعطيات الصحية للتلاميذ، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمرتفقين سواء داخل المؤسسات التعليمية أو على مستوى الأكاديمية الجهوية والمديريات الإقليمية. وتعلن أنها أعدت تقريرًا شاملًا ومفصلًا حول الوضعية التعليمية بالجهة يتضمن المعطيات والتوصيات، وسيتم توجيهه إلى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووالي جهة الدار البيضاء–سطات والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين وعمال العمالات والأقاليم والمديريات الإقليمية، في إطار احترام الحق في التتبع والمساءلة وتفعيل الشراكة المؤسساتية من أجل إصلاح المنظومة التعليمية.

وتجدّد الفروع موقفها المنسجم مع ما جاء في الخطاب الملكي الأخير الرافض لمغرب يسير بسرعتين، مؤكدة أن استمرار تعثر المدرسة العمومية تفريط في مستقبل الوطن كله، وأن إصلاح التعليم ليس قضية مؤجلة بل أولوية وطنية عاجلة، وأن أي تهاون في دعمه هو مساس بجوهر المشروع التنموي. كما تشدد على أن المسؤولية جماعية تتقاسمها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والأكاديمية الجهوية والمديريات الإقليمية والنقابات التعليمية وممثلو جمعيات الأمهات والآباء والسلطات المحلية والإعلام وجمعيات المجتمع المدني والمنتخبون، وأن الإصلاح لن يتحقق إلا بتكامل الجهود.

وتدعو الفروع النقابات التعليمية إلى الانخراط في البحث عن بدائل عملية للإضرابات بما يضمن الاستمرار في النضال المشروع لهيئة التعليم ويحمي في الوقت نفسه الزمن المدرسي وصون حق التلميذات والتلاميذ في التمدرس المنتظم والجيد والمساهمة الفعلية في إنجاح الدخول المدرسي باعتباره محطة مفصلية. وفي السياق ذاته تطالب الأكاديمية الجهوية بتمكين عموم الفاعلين والهيئات من الاطلاع على مخرجات وقرارات مجالسها الإدارية وتوضيح مدى الالتزام بتنفيذ البرامج والمشاريع المصادق عليها وتقديم بيانات دقيقة حول مستوى تقدم المنجز منها وكشف أسباب تعثر ما تبقى، مع الرفع من تمثيلية جمعيات الأمهات والآباء داخل المجلس الإداري للأكاديمية بما يتناسب مع حجم الجهة التي تضم ست عشرة مديرية إقليمية، وضمان أن تكون هذه التمثيلية فعلية وذات مضمون حقيقي لا مجرد حضور صوري، وتمكين ممثلي الجمعيات داخل المجلس من كل الوسائل الضرورية للقيام بمهامهم على الوجه الأمثل.

وتشدد الفروع على أن دعم وتقوية دور جمعيات الأمهات والآباء يشكل رافعة أساسية لترسيخ قيم المواطنة والحوار والانتماء والوقاية من مظاهر التطرف والانحراف الإجرامي داخل الوسط المدرسي ومحيطه، كما تجدد تشبثها بأهمية إدراج قضية الصحراء المغربية بشكل يومي في أنشطة الحياة المدرسية باعتبارها قضية وطنية مصيرية وترسيخًا لقيم الوحدة الترابية في وجدان الناشئة، خاصة وأن جزءًا واسعًا من هذا الجيل يجهل تفاصيلها وأهميتها وارتباطها بالثوابت الوطنية. وتختم بالتأكيد على أنها ستظل وفية لحق أبناء المغرب في تعليم عمومي مجاني وجيد ومنصف، وستبقى في قلب الميدان مدافعة عن هذا الحق، ولن تتردد في سلوك كل الأشكال النضالية المشروعة من أجل إصلاح حقيقي يعيد الاعتبار للمدرسة العمومية، مع التشديد على أن أي إصلاح جاد يقتضي فتح قنوات حوار مسؤول مع ممثلي الأسر باعتبارهم شريكًا فعليًا في العملية التربوية وقوة اقتراحية فاعلة في صناعة القرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى