النائبة البرلمانية منيب تسائل كتابيا الوزير الميداوي عن مشروع القانون المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي

أحمد رباص – تنوير
وجهت النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد سؤالا كتابيا إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار مناطه مشروع قانون 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي والذي يتوجس منه مغبة ضرب الاستقلالية والديمقراطية في ظل عدم إشراك الأساتذة والطلبة والإداريين في مشروع مرشح للإجهاز على ما تبقى من الجامعة العمومية.
أول ما يطالعنا من صدارة السؤال الكتابي ذلك الاستنكار للسرعة التي تحاول بها الوزارة الوصية تمرير هذا المشروع التراجعي، والخاضع لمنطق الليبرالية الكاسحة، والقائم على نسف الديمقراطية، والمعيب بعدم إشراك الفاعلين الأساسيين في الميدان من نقابات وأساتذة وإداريين وطلبة.
إلى جانب هذه المآلات الرهيبة التي تحذر منها طارحة السؤال، تنذر بأن هذا المشروع يرمي إلى التفكيك والانفتاح على أصناف جديدة من المؤسسات، بما فيها الأجنبية والخاصة، ويجهز على ما تبقى من الجامعة العمومية المغربية، عوض النهوض بأوضاعها وتشجيع البحث العلمي.
وأشارت السيدة النائبة البرلمانية، في ثنايا كتابها، إلى ما أثارته مقتضيات مشروع القانون من نقاش حول استقلالية الجامعة العمومية ودور مكوناتها المنتخبة، مؤكدة أن سياسة الدولة المعبر عنها في مذكرة التقديم جاءت لتكرس منطق السوق وربط التكوين بالشغل، من خلال “هيكلة متجددة”، و إحداث أصناف جديدة من مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، وترسيخ دور القطاع الخاص، والترخيص للمؤسسات الأحنبية بفتح فروع، واستحداث سوق التعليم العالي، عبر فتح الباب أمام الدولة كي تنسحب من تمويل الجامعة العمومية، وتوسيع هامش تدخل القطاع الخاص، بما يهدد مجانية التعليم ويخضع الجامعة لمنطق المقاولة والمهننة على حساب دورها الأصيل في البحث العلمي والإنتاج المعرفي والابتكار، ويعرقل المضي قدما نحو بناء مجتمع العلم والمعرفة كبديل عن التسليع والتفاهة والاستهلاك.
وأشارت طارحة السؤال إلى أن المشروع يخلق جامعة برأسين: “مجلس الأمناء” المعين والساهر على مشروع الاستراتيجية المتعددة السنوات لتطوير الجامعة، والذي لا يحضره رئيس الجامعة إلا بصفة استشارية، حيث تعلو سلطته على سلطة مجلس الجامعة المنتخب، ليصبح الأخير عبارة عن جهاز شكلي بدون صلاحيات. وهكذا تم تقييد صلاحيات الهياكل الجامعية المنتخبة (مجالس الجامعات ومجالس الكليات، تمثيلية الطلبة والأساتذة)، وتعززت في المقابل مركزية سلطة التعيين والوصاية الإدارية، مما يرسخ منطق التوجيه الفوقي على حساب المشاركة الديمقراطية، ويضعف حقوق الطلبة في التنظيم والدفاع عن مكتسباتهم، ويقلص من تمثيلية الأساتذة، ويسحب قرار المنتخبين من أساتذة وإداريين وطلبة.
بموازاة هذه المتوالية من التراجعات، لم يتم فتح حوار وطني حول مشروع القانون، وما يمكن أن يترتب عنه من مساوئ ترخي بظلالها على مستقبل التعليم العالي والبحث العلمي ببلادنا. كما لم يستجب المشروع لتوصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي التي شددت على استقلالية الجامعة كمؤسسة عمومية تؤدي أدوارا تنموية واستراتيجية، وعلى ضرورة تمكين الطلبة والأساتذة من المشاركة الفعلية في اتخاذ القرار داخل الجامعة.
كل هذا التشخيص للسلبيات التي ينطوي عليها المشروع، لم يكن سوى تمهيد لطرح مجموعة من الأسئلة انصب أولها على الداعي إلى الاستنكاف عن فتح حوار وطني حول مقتضياته وأهدافه، فيما رام الثاني معرفة مصير مبدإ استقلالية الجامعة في ظل المقتضيات التراجعية التي يحبل بها المشروع، أما الثالث فيعكس الحرص على حقوق الطلبة في التنظيم الجامعي والدفاع عن قضاياهم، ويتوخى معرفة القرار المفترض من الوزارة اتخاذه لحماية تلك الحقوق.
وفي السؤال الرابع، أرادت السيدة النائبة المحترمة أن نعرف كيف تتصور الوزارة المعنية دور الأساتذة الباحثين وجودة التدريس والبحث، أخذا بعين الاعتبار المادة 22 التي تلزم الأساتذة بالتدريس في المؤسسات الخاصة. وفي السؤال الخامس، توخت صاحبة السؤال الكتابي إطلاع الرأي العام الوطني على الضمانات التي تلتزم بها الوزارة الوصية من أجل الحفاظ على مجانية التعليم العالي العمومي وعدم إخضاعه لمنطق السوق والتمويل الذاتي. ومن خلال السؤال السادس والأخير، ابتغت الأستاذة منيب أن توضح لنا الوزارة كيف ستعمل على تعزيز دور البحث العلمي والابتكار، وتجنب منطق المهننة والبعد المقاولاتي الذي يحصر دور الجامعة في تلبية حاجيات السوق الضيقة.