صحة

من أحداث الريف إلى هيمنة أكديطال: جريمة بنكيران والوردي في حق صحة المغاربة

بقلم: عزيز الدروش
حين نعود إلى سنوات حكومة عبد الإله بنكيران (2012\2016)، لا يمكننا أن نمر مرور الكرام على التصدعات الكبرى التي أصابت البنية الإجتماعية والإقتصادية للمغرب، وفي القلب منها تدمير المنظومة الصحية العمومية وفتح الباب أمام جشع المستثمرين *موالين الشكارة* في قطاع يُفترض أنه عمومي وإنساني و حق من حقوق الإنسان : *صحة المواطن المغربي.*
في تلك الفترة، كان عبد الإله بنكيران يتحدث باسم *الإصلاح* و *محاربة الفساد والإستبدادوالظلم* ، بينما كان على أرض الواقع يُشرف على واحدة من أخطر عمليات تفكيك الدولة الإجتماعية في تاريخ المغرب المعاصر. وبشراكة كاملة مع وزير الصحة آنذاك الحسين الوردي المنتميلحزبالتقدم والإشتراكية *حزب الطبقة العاملةوالفلاحين الصغاروعموم الكادحين والمفكرين المتنورين*، تم تحويل الصحة من حق دستوري و حقوقي إلى سلعة في يد التجار، تُملى أسعارها من طرف أصحاب الشكارة ولوبيات رأس المال.
الوردي الوزير التقدمي و*خصخصة الألم* …
الحسين الوردي، الذي قدّمه البعض وقتها على أنه *وزير شجاع*، لم يكن سوى أداة في يد السياسات النيوليبرالية المتوحشة التي فرضها بنكيران. بدل تعزيز الصحة العمومية، تم تسريع وتيرة الترخيص للمصحات الخاصة، وتسهيل شروط الإستثمار في قطاع الأدوية والمختبرات، وتوسيع دائرة نفوذ لوبيات التأمين الصحي الخاص.
النتيجة؟ هشاشة غير مسبوقة في المستشفيات العمومية، نقص في الموارد البشرية ، تراجع مخيف في مستوى الخدمات، وإرتفاع في معدلات الهجرة المهنية للأطر الصحية. ومن جهة أخرى، إزدهار غير مسبوق للمصحات الخاصة، وعلى رأسها إمبراطورية “أكديطال” التي تحولت اليوم إلى دولة داخل الدولة، تفرض أسعارها، وتوجه السياسات، وتتوسع بشكل مقلق.
بنكيران: *شعبوية تخفي الجريمة الإجتماعية*
بنكيران الذي خرج مؤخرًا ليتباكى على تغول المصحات الخاصة وإنتشار “أكديطال” في كل أرجاء المغرب، هو نفسه من فتح لها الأبواب مشرعة. تناسى أنه هو من أجهز على صندوق المقاصة، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، وبدأ مسلسل سحق الطبقة الوسطى وإغراق الفقراء في بحر السوق الحرة المتوحشة.
بل إنه، وبجرة قلم، مرّر قوانين قاتلة باسم *الإصلاح*، قضت على فرص العدالة الإجتماعية في التعليم، والصحة، والسكن و أجهز على كل المكتسبات التيحققهاالشعبالمغربيعبرمسلسل من النضالات. وهو اليوم يلبس جلباب *الزعيم المصلح*، بينما الحصيلة الإجتماعية لعهده لا تزال قائمة: شباب محبط، مناطق منكوبة *الريف نموذجًا*، ونظام صحي يُفرز المغاربة حسب قدرتهم على الدفع.
أحداث الريف: *الصحة كانت الشرارة*
من ينسى مشاهد الإحتجاجات في الحسيمة؟ حين خرج أبناء الريف يطالبون بـ*مستشفى للسرطان*، وبأبسط شروط العيش الكريم. ما الذي وأجهوه؟ صمت الدولة، وعنف القمع، وإستهزاء المسؤولين. والسبب العميق؟ أن نموذج بنكيران-الوردي أنهى فكرة الصحة العمومية المجانية، وإعتبر أن الريف ليس سوقًا مربحة للمستثمرين.
كانت مطالب الريف الصحية مجرد مرآة تعكس فشل الفاعل السياسي الفاشل و الفاسد في حماية مواطنيه، بعد أن أصبحت الصحة مجالًا للربح لا للرحمة.
الخلاصة: *بنكيران العدالة والتنمية والوردي التقدموالإشتراكية… ثم العثماني خادما النيوليبرالية المتوحشة*
بعيدًا عن لغة التجميل، عبد الإله بنكيران والحسين الوردي كانا خادمين أوفياء لمشروع نيوليبرالي متوحش، سحق الفقراء، دمر الطبقة المتوسطة، وفتح المغرب أمام شركات الصحة، والمحروقات، والعقار، والأدوية، و الموادالإستهلاكية الحساسية. *الفراقشية*
واليوم، حين يتحدث بنكيران عن “أكديطال” كأنها وُجدت من فراغ، فنحن نذكره: أنتم من زرعتم البذور، وها نحن نحصد الكارثة.
نقول لبنكيران و الحسين الوردي *لن تفلتوا من عقاب الله سبحان و تعالي*
*من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى