أخبار وطنية

حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي يقدم مذكرة لإصلاح الإطار المنظم للإنتخابات التشريعية 2026

  أحمد رباص – تنوير

نظمت فيدرالية اليسار الديمقراطي ندوة صحفية يومه الأربعاء 3 شتنبر 2025 بمقر الحزب الكائن بشارع البوزيدي بالدار البيضاء؛ وذلك بهدف تقديم مذكرة الحزب حول الإطار المنظم للانتخابات التشريعية لسنة 2026.
انطلقت الندوة على الساعة الحادية عشر والنصف صباحا بكلمة القاها لعزيز عبد السلام، الامين العام للحزب، أعلن في بدايتها أن مذكرتهم ليست مجرد اقتراحات تقنية، بل هي مبنية على تصور سياسي، وجاءت ضمن سياق من التراجعات والنكوصات على عدة مستويات.
وفي شأن منظومة الانتخابات المغربية، قال لعزيز عبد السلام إنها عرفت تاريخيا أعطابا واختلالات، مؤكدا أنه إذا أردنا أن تكون المشاركة إيجابية ومهمة يجب مصالحة المغاربة مع وطنهم بقرارات كبرى وحاسمة، وعلى رأسها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم معتقلو الريف الذين هم شباب ناضلوا من أجل قضايا اجتماعية بسيطة.
وراهن المتحدث على إشارات من الدولة في اتجاه محاربة الفساد الذي لاحظ أنه تم تعميمه في كل المجالات ومناحي الحياة الوطنية. وبذلك أصبح الفساد بنيويا، ما يفرض على الدولة المغربية أن تبرهن عن جديتها في مجال محاربة الفساد من خلال إشارات قوية.

وتطرق لعزيز عبد السلام إلى ما يصعب الحياة اليومية للمواطنين والمواطنات من غلاء وجشع التجار. لهذا، يتابع المتحدث، قدم حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي مقترح قانون لإعادة تنظيم وتسعير المواد الأساسية.
بخصوص التطبيع مع الكيان الصهيوني، اعترف الأمين العام بأنه خلق حالة من الانقسام بين فئتين، واحدة ضيقة اصطفت إلى جانبه، وأخرى واسعة مثلت الشعب المغربي المضاد للتطبيع.
وإلى جانب صدمة التطبيع، رصد المتحدث صدمة اخرى وصفها بالديمقراطية وجسدها في ما شاب المنظومة الانتخابية من اختلالات، خاصة انتخابات شتنبر 2021 التي حمل مسؤولية فسادها لوزارة الداخلية، بينما تتبنى نسبة 79٪ من دول العالم مؤسسات مستقلة للإشراف على الانتخابات، وقد سبق للحزب أن قال نفس الشيء لوزارة الداخلية.
بعد ذلك، انتقل الزعيم عبد السلام إلى الحديث عن اللوائح الانتخابية التي ارتبطت بواقعة مؤسفة وهي أنها تحصر عدد المصوتين في 27 مليون نسمة، بينما لا يتجاوز عدد الأصوات المعبر عنها نسبة 5٪.
وأكد الأمين العام لفيدرالية اليسار الديمقراطي أن الدول الديمقراطية العريقة وتلك التي شهدت الانتقال الديمقراطي تبنت التسجيل التلقائي اعتمادا على البطاقة الوطنية، مقترحا على الدولة المغربية تبنيه حتى لا يقع إفساد العملية الانتخابية في بعض الدوائر. وخلص المتحدث إلى أن التصويت بالبطاقة الوطنية يحتاج إلى إرادة سياسية إذا ارادت اادولة أن يشارك المغاربة بأصواتهم في الانتخابات.
وفي ما يخص نمط الاقتراع، اقترح حزب الفيدرالية، على لسان أمينه العام، اعتماد لوائح وطنية وجهوية من أجل الحد من الفساد الذي يقترفه أصحاب “الشكارة”. ومن إيجابيات اللائحة الوطنية أنها تسمح بتقليص عدد أعضاء البرلمان. وشدد المتحدث على توفر شرط المناصفة بين الرجال والنساء في المؤسسة التشريعية، خاصة وأنها (المناصفة) دستورية وأن مجريات الحياة السياسية ببلادنا أبانت عن كون الفاسدين كلهم من جنس الرجال.
وفي ختام كلمته، نبه عبد السلام الحاضرين إلى أن حزبه ضمن مذكرته المرفوعة إلى وزارة الداخلية 110 اقتراحا تراهن كلها على القطيعة مع الفساد، ومن بينها الاقتراح الذي يفيد بمعاقبة كل حزب ثبت تورط أحد منتخبيه في قضية فساد بخصم 5٪ من الدعم المالي الذي يتلقاه من الدولة نظير مشاركته في الانتخابات.
وختم المتحدث كلمته باقتراح إجراء مناظرات بين الأحزاب لمناقشة السبل المؤدية إلى إصلاح المنظومة الانتخابية حتى تفضي إلى انتخابات نزيهة وشفافة، وحتى يترسخ عندنا كون الكفاح الانتخابي في بلادنا ضرورة ملحة، وليس مجرد خيار ظرفي معزول، وذلك لغاية بناء مؤسسات قوية وقادرة على تجاوز التحديات التي تواجه بلادنا.
بعد أنهاء لعزيز عبد السلام لكلمته، تدخلت فاطمة الزهراء التامني، النائبة البرلمانية عن الحزب، لتعرض أمام الحضور مضامين التصريح الصحفي المعد خصيصا لهذه المناسبة، مشيرة منذ البداية إلى أن مطلبهم يتوخى إصلاحا جوهريا للإطار المنظم للانتخابات التشريعية لسنة 2026. وصرحت بأنه
في سياق تاريخي دقيق نمر به في بلدنا، يتسم باشتداد ا الانحباس السياسي وتصاعد الاحتقان الاجتماعي، وفي ظل حاجتنا لبناء ديمقراطية حقيقية مبنية على الإرادة الشعبية، كضمانة أساسية لتحصين وحدتنا الترابية وتحقيق التنمية الشاملة، نعلن في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي عن تقديم مذكرتنا الشاملة والمفصلة حول إصلاح الإطار القانوني والمؤسساتي للانتخابات التشريعية المقبلة.
واصلت النائبة البرلمانية المحترمة قائلة إن مبادرتهم هاته، التي أعدوها وفق منهجية تشاركية واسعة، تأتي كاستجابة مسؤولة منهم لضرورة التأسيس للثقة المفقودة بين المواطن والمؤسسات، وكتعبير عن إرادتهم السياسية لتحقيق انتقال المغرب نحو ديمقراطية فعلية تربط القرار بصناديق الاقتراع، وتؤسس لربط المسؤولية بالمحاسبة.
في المحور الأول، تمت المطالبة بتصفية الأجواء السياسية كمدخل إلزامي لاستعادة الثقة، وأكدت فدرالية اليسار الديمقراطي أن أي إصلاح تقني للمنظومة الانتخابية سيبقى عديم الجدوى وغير محفز على المشاركة. وعليه، فإن الفيدرالية تضع تصفية الأجواء السياسية والحقوقية كشرط أولي ومسبق، وتدعو إلى اتخاذ إجراءات ملموسة وفورية لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية، تشمل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف، والصحفيون، والمدونون، والنشطاء، ووضع حد للمتابعات القضائية القائمة على تهم فضفاضة.
ورأى الحزب انه لا بد من صيانة وحماية الحريات العامة والفردية، ووقف تمرير القوانين المقيدة للحقوق، وتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.
وأكد الحزب على محاربة الفساد والريع والقطع مع الإفلات من العقاب عن الجرائم الاقتصادية، وحماية مؤسسات الحكامة من محاولات الإضعاف.
كما طالب الحزب بالاستجابة للمطالب المشروعة للحركات الاجتماعية، واتخاذ إجراءات عاجلة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين في مواجهة غلاء الأسعار.
إن هذه الإجراءات التي ندعو إليها هذه الهيئة السياسية ليست مجرد مطالب حزبية، بل تعتبرها ضرورات وطنية لإعادة الاعتبار للعمل السياسي الجاد وبناء عقد اجتماعي جديد قائم على الثقة والتمثيلية والعدالة.
وفي المحور الثاني، جرى التركيز على تشخيص الاختلالات البنيوية للمنظومة الانتخابية الحالية. لهذا قدم الحزب في مذكرته هذه تحليلا نقديًا معمقًا للاختلالات التي تشوب المنظومة الانتخابية، والتي يرى أنها أدت إلى تآكل مصداقية العمليات الانتخابية وتعميق أزمة الثقة. ومن أبرز هذه الاختلالات التي رصدها هناك هيمنة وزارة الداخلية على العملية الانتخابية؛ إذ يعتبر أن استمرار إشراف جهاز تنفيذي على تنظيم الانتخابات يتعارض مع الممارسات الديمقراطية الدولية التي تعتمد هيئات مستقلة، مما يفتح الباب أمام شبهات التدخل وغياب الحياد.
وعن ضعف التسجيل في اللوائح الانتخابية، لاحظ الحزب أن ما لا يقل عن 7.5 مليون مواطن في سن التصويت غير مسجلين، مما يضعف الشرعية الشعبية للمؤسسات المنتخبة ويمنعها من أن تعكس إرادة الأغلبية.
وفي موضوع الخروقات الجسيمة التي شابت انتخابات 2021 والتي تمثلت، حسب ما وثقه الحزب ورصدته تقارير وطنية ودولية كالمجلس الوطني لحقوق اإلنسان، والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، في الشراء المعمم والواسع للأصوات، بالإضافة إلى تدخل أعوان الإدارة لتوجيه الناخبين، واستغلال النفوذ.
أما عن نمط الاقتراع، فقد وصفه الحزب بأنه هجين، ويعزز الطابع الفردي على حساب البرامج السياسية، ويساهم في إفساد المشهد السياسي عبر هيمنة الأعيان وذوي النفوذ المالي.
إن هذه الاختلالات، وغيرها، هي ما حول، في تقدير الحزب، الانتخابات من آلية ديمقراطية للتعبير عن الإرادة الشعبية إلى مسار تقني يفتقر إلى المصداقية، مما يغذي اليأس والعزوف، ويهدد شرعية المؤسسات المنتخبة.
المحور الثالث: مقترحات عملية من أجل انتخابات حرة ونزيهة لمواجهة هذه التحديات، تطرح فدرالية اليسار الديمقراطي رؤيتها الإصلاحية المتكاملة التي تهدف من خلالها إلى ضمان النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص. ومن أهم مقترحاتها، على المستوى المؤسساتى، إحداث هيئة وطنية مستقلة ودائمة للإشراف على الانتخابات، حيث تطالب بأن تتشكل من شخصيات وطنية مستقلة وممثلي الأحزاب والهيئات المهنية، وأن تتولى تدبير كافة مراحل العملية الانتخابية، من إعداد اللوائح إلى إعلان النتائج، لضملن الحياد التام وقطع الطريق على أي تدخل إداري.
في هذا الإطار، دعا الحزب إلى إعادة تحديد الاختصاص القضائي؛ وذلك عبر تخويل القضاء الإداري صلاحية الحسم في المنازعات المتعلقة باللوائح والترشيحات، وحصر دور المحكمة الدستورية في الطعون المتعلقة بالنتائج النهائية.
على مستوى نمط االقتراع والتمثيلية، طالب الحزب باعتماد دائرة انتخابية وطنية واحدة كخيار استراتيجي يراه ضروريًا لتعزيز التصويت على البرامج السياسية والمشاريع الفكرية بدلا من الأشخاص، ولتحقيق المناصفة الكاملة، والحد من الفساد الانتخابي. وعلى سبيل الاحتياط، يقترح اعتماد الجهة كدائرة انتخابية.
كما أكد على ضرورة تمكين مغاربة العالم من التمثيلية البرلمانية؛ وذلك عبر إحداث دوائر انتخابية خاصة بهم في الخارج، وضمان حقهم الدستوري الكامل في التصويت والترشيح.
وعلى مستوى اللوائح الانتخابية والمشاركة، اقترح اعتماد التسجيل التلقائي في اللوائح الانتخابية حتى يشارك كل مواطن ومواطنة حاصل على بطاقة التعريف الوطنية، لضمان حق التصويت للجميع وإزلة العوائق الإدارية.
ويدعوىالحزب إلى تبسيط ورقمنة المساطر المتعلقة بالحصول على اللوائح والطعون فيها، مع مطالبتهم بفرض عقوبات زجرية على كل من يعرقل هذا الحق.
على مستوى الحملة الانتخابية ومحاربة الفساد، طالب بعقلنة تمويل الأحزاب والحملة الانتخابية، داعيا إلى مراجعة معايير الدعم العمومي عساه يرتبط بالفعالية والتأطير وليس فقط بالنتائج الانتخابية، مع وضع سقف للنفقات، وتشديد الرقابة على مصادر التمويل.
وطالب حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي بضمان الولوج العادل للإعلام العمومي لكل الأحزاب دون تمييز قائم على التمثيلية السابقة، ويدعو إلى تنظيم مناظرات حقيقية.
كما شدد على ضرورة تجريم كافة أشكال الفساد الانتخابي، داعيا إلى الرفع من العقوبات المتعلقة بشراء الأصوات، واستغلال برامج الدعم العمومي لأغراض انتخابية، واستعمال وسائل الدولة في الحملة.
إن مذكرة الحزب، تؤكد التامني، ليست مجرد قائمة مطالب، بل هي مشروع سياسي متكامل ومسؤول، وخارطة طريق واضحة للخروج من حالة الجمود السياسي. ويؤمن الحزب بأن بناء مغرب قوي ومزدهر يبدأ من بناء ديمقراطية حقيقية تكون فيها المؤسسات معبرة عن إرادة الشعب ومسؤولة أمامه، داعيا كافة القوى الوطنية الحية، من أحزاب سياسية ومجتمع مدني ونقابات، إلى الانخراط في حوار وطني جاد حول هذه المقترحات، من أجل التوافق على عقد ديمقراطي جديد يؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ بلادنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى