أخبار وطنية

هل يعيد اكتشاف الذهب شمال شرق إقليم طانطان وبجهة گليميم واد نون رسم خريطة المعادن النفيسة؟

محمد جرو/تنوير
سبق ل”تنوير” أن نشرت مقالا حول تحركات لمنقبين عن معدن الذهب النفيس بمنطقة في نواحي تيليليت وبوعلاكة التابعة لجماعة تلمزون، بإقليم طانطان، التي تعرف نشاطا مكثفا “لمافيا” التنقيب عن الذهب، يتم في غياب تام لأي ترخيص قانوني، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول دور وتواطؤ بعض الجهات المسؤولة.
ففي هذه المناطق، بات من الاعتيادي رؤية آليات ومعدات متطورة تعمل ليل نهار لفرز الذهب، دون أن يردعها قانون أو متابعة من طرف السلطات.
هذا الوضع لا يمكن تفسيره سوى بـصمت وتواطؤ الجهات المعنية، التي إما غضت الطرف عمداً أو أصبحت طرفاً مستفيداً من هذا النشاط غير المشروع.
المعطيات المحلية تؤكد أن العصابات الناشطة معروفة في الإقليم، ومع ذلك لم تُسجَّل أي تدخلات حازمة لإيقافها أو الحد من استنزاف الثروات المعدنية التي تعود ملكيتها إلى الدولة، والتي كان من الممكن، عوض تهريبها، أن تساهم في تنمية المنطقة.
أمام هذا الواقع، تبرز دعوات من الساكنة والفعاليات المحلية لفتح تحقيق عاجل من طرف الجهات المركزية، ومحاسبة كل من ثبت تواطؤه أو تساهله مع هذا الاستغلال العشوائي الذي يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية بسبب الحفر العشوائي.
ففي السنوات الأخيرة، وبحسب فاعلين مدنيين بالمنطقة، تغيرت قواعد اللعبة بشكل احترافي داخل بعض المقالع الرملية أو ما يعرف بـ”الكاريانات”، حيث لم تعد تقتصر أنشطتها على استخراج الرمال فقط، بل تحولت تدريجيا إلى مواقع تنقيب غير مباشر عن الذهب.
هذا التحول يتم بحرفية وتحت غطاء قانوني ظاهري إذ تستعمل تصاريح استغلال المقالع كواجهة لإخفاء أنشطة التقيب عن المعادن النفيسة في ظل غياب مراقبة صارمة أو تواطؤ محتمل.
وبينما تبدو الأمور على الورق قانونية إلا أن الواقع يكشف عن استغلال فاضح للثروات الطبيعية بطرق ملتوية تمس بمبدإ العدالة المجالية وتفتح الباب أمام ما عبروا عنه ب”مافيات”، التعدين غير المشروع في لباس قانوني، ما يفسر ماحدث مؤخرا بأحد المقالع. وسرعان ما انتشر بمختلف المواقع والصحافة الوطنية خبر تمكن خبراء التعدين بجهة گليميم واد نون من اكتشاف نوعي “لأبي المعادن” في عمق الأطلس الصغير، حيث عُثر على شبكة تضم 34 عرقا من كوارتز الذهب الغني تمتد على أعماق تتجاوز 100 متر، تركيزات قياسية تجعل الموقع عالميا، إذ أظهرت التحاليل الاقتصادية أن تركيزات الذهب المكتشفة تتراوح بين 6 و300 غرام في الطن الواحد، وهي نسب استثنائية تضع هذا الموقع ضمن أعلى الاكتشافات العالمية جودة.
وبهذه المعطيات، يعتبر الاكتشاف من أبرز الاكتشافات في شمال إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، خاصة وأن إنتاج المغرب من الذهب لم يتجاوز 6.8 أطنان في 2022.
تشير الدراسات إلى أن هذه الرواسب نتجت عن نشاطات هيدروحرارية قديمة في صخور الأطلس الصغير، حيث ساعدت التشققات الجيولوجية على ترسيب الذهب. ويقع الامتياز المنجمي في منطقة تاريخية كانت جزءً من مجرى وادي درعة القديم، المعروف بترسب الذهب في روافده، ما يمنح الاكتشاف بعدا جيولوجيا وتاريخيا مهما.
يرى الخبراء أن التوزيع المنتظم للذهب في هذه العروق يعكس وجود نظام جيولوجي متكامل، ما يفتح الباب أمام مشاريع استكشاف وتطوير طويلة الأمد بدلًا من استغلال محدود.
فهل هذا الاكتشاف الجديد سيزيد من جاذبية المغرب للاستثمارات الأجنبية في قطاع التعدين، ويؤكد أن ثروات المملكة المعدنية تتجاوز الفوسفاط لتشمل معادن نفيسة ذات قيمة استراتيجية؟ وهل سيعيد رسم خريطة صناعة المعادن النفيسة في المغرب؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى