أخبار وطنية

هل يوجد حقا منجم ذهب في كلميم؟ شركة قصر أولاه تعتذر عن وجود خطإ مطبعي في بياناتها التواصلية

أحمد رباص – تنوير
ضجت مؤخرا مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار اكتشاف الذهب في كلميم، واصفة هذا الاكتشاف بالضخم بحيث ذهب البعض إلى حدّ الادعاء بأن المغرب سيغرق في الذهب. لكن الواقع أكثر تعقيدا.
منذ الإعلان عن نتائج التنقيب عن قصر أولاه بكلميم، غمرت مواقع التواصل الاجتماعي مئات المنشورات وآلاف التعليقات حول الموضوع.
أدرك معظم مستخدمي الإنترنت أن هذا الاكتشاف للذهب كبير، لكن في الواقع، من المبكر جدًا الحديث عن مثل هذا الاكتشاف، وذلك لعدة أسباب.
إذا كانت الإعلانات الصادرة عن شركات التعدين أو التنقيب عن النفط يمكن تفسيرها بسهولة من قبل الخبراء، فإن استخدام المصطلحات التقنية قد يكون مربكا للجمهور.
تفاقم الوضع بسبب خطإ في التواصل من جانب الشركة، التي أعلنت عن نسبة 300 گرام في الطن بدلاً من 30 گرام في الطن. كان هذا كل ما يتطلبه الأمر لإشعال فتيل ضجة على الإنترنت: توافرت جميع مقومات هذه الضجة – كلمات جذابة (مثل “اكتشاف”، “ذهب”، “300 غرام”) وسوء فهم لصناعة التعدين ومصطلحاتها.
ما الذي يجب فهمه من البيانات الصحفية الصادرة عن شركة قصر أولاه؟
يأتي اكتشاف هذه الشركة نتيجة حملة أخذ عينات من البنيات المعدنية.
تم تحديد 34 عرق كوارتز، يتراوح سمكها بين 30 إلى 100 سنتيمتر، على عمق لا يتجاوز 100 متر.
وأظهر تحليل العينات المأخوذة وجود نسبة من الذهب تتراوح بين 6 إلى 30 گرام في كل طن.
بعد نشر بيان صحفي أولي يُعلن عن نسبة تصل إلى 300 گرام في الطن، أفادت الشركة في بيان صحفي ثانٍ أن الخطأ كان مطبعيا. وأوضحت أن الرقم الصحيح هو 30 گرام في الطن، وطلبت بالتالي تصحيح هذا الخطإ. ومع ذلك، لا تزال المعلومات الخاطئة حول اكتشاف الذهب بنسبة 300 گرام في الطن قائمةً حتى يومنا هذا، نظرا للأهمية الاستراتيجية للذهب.
وحتى لو افترضنا وجود 300 غرام في كل طن، فإن ذلك لن يكون سوى عينة واحدة، وهو ما لا يكفي لإثبات وجود حجم كاف لتبرير فتح المنجم .
ما هي قيمة محتوى 30 گرام/طن؟
حتى نسبة 30 غرامًا للطن تُشكّل أساسا ممتازا لبدء برنامج استكشاف أعمق، يهدف إلى تحديد الاحتياطيات الفعلية. لا يمكن اتخاذ هذه الخطوة إلا من خلال حملة حفر (تذكر دائما مبدأ “احفر لتعرف” ).
بالنسبة إلى لشركة، تظل هذه النتائج إيجابية، خاصة عند مقارنتها بأعمال التطوير التي قام بها المشغل السابق، والذي وجد درجة قصوى تبلغ 8.47 گرام في كل طن بناءً على عينة بلغت 2800 طن وحملة حفر أولية على عمق 12900 متر .
وبناء على أعمال سابقة، تقدر شركة قصر أولاه وجود إمكانات تتراوح بين 3 و5 ملايين أوقية داخل ترخيص التعدين الخاص بها.
في هذه المرحلة المبكرة، يجب أن يُصاحب هذا التقدير الأولي لقصر أولاه حملة استكشاف أكثر تعمقًا، بما في ذلك الحفر. سيسمح لنا ذلك بالانتقال من تقدير أولي (لا يعكس الواقع بالكامل) إلى تقييم أدق للموارد القابلة للاستغلال اقتصاديا.
إمكانات ذهبية كبيرة في منطقة كلميم
من المؤكد أن منطقة گلميم تزخر بإمكانيات ذهبية هائلة. وتُعد أعمال الاستكشاف ضرورية لتحديد ما إذا كانت هذه الكميات من الذهب قابلة للاستغلال الاقتصادي أم مجرد آثار عرضية متناثرة في الصخور.
في مقال سابق، قدمت جريدة رقمية مغربية ناطقة بالفرنسية ​​نشاطًا حرفيًا معينًا في گلميم حيث يتمكن المنقبون من استعادة قطع صغيرة من الذهب بعد فترات طويلة من التنقيب.
كما يتم عرض العديد من العينات المعدنية من الذهب، خاصة من منطقة عوينات إگومان، في مواقع بيع المعادن.
بخلاف التنقيب عن الذهب ، يُعدّ التعدين الصناعي أكثر تعقيدا. إذ يتطلب الأمر أولًا ضمان وجود احتياطيات كافية ومربحة قبل اتخاذ قرار الاستثمار في منجم، وبناء مصنع معالجة لاستخلاص الذهب.
في منطقة درعة السفلى، تواصل شركة “گريت كويست” الكندية استكشاف إمكاناتها من الذهب. وقد كشفت حملة تحليل عينات عن نسب تتراوح بين 0.5 و 12.73 گرام/طن، بالإضافة إلى إمكانات للنحاس والزنك.
وجود الذهب في المغرب
حتى الآن، يقتصر إنتاج الذهب في المغرب على منجم تيويت، الذي يعتمد على إعادة معالجة مكبات النفايات فقط. وبدون آفاق تعدينية جديدة، لن ينتج المنجم سوى كميات ضئيلة.
أما منجم أقا، وهو جوهرة إنتاج الذهب المغربي سابقاً، فقد تحول إلى إنتاج النحاس بعد استنفاد احتياطياته من الذهب، وذلك من أجل الحفاظ على النشاط في الموقع.
تتجسد إمكانات الذهب في المغرب من خلال عشرات المؤشرات التي تتطلب استثمارات للتحقق من وجود كميات قابلة للاستغلال ومربحة.
إلى جانب الأشغال بقصر أولاه ومشروع البحث الكبير بمنطقة كلميم، هناك مشروعان آخران للتنقيب عن الذهب قيد الإنجاز.
يقع المنجم الأول في تيشكا، حيث حددت شركة ستيلار جولد الكندية مستوياتٍ مثيرة للاهتمام، تتراوح بين 1.15 و 4.15 گرام/طن. وخلال الصيف، استكملت ستيلار حملة حفر استراتيجية، وهي الآن تنتظر نتائج التحليلات التي من المتوقع أن تكشف عن إمكانات هذا المنجم على العمق.
بالقرب من مراكش، تستعد شركة Mx2mining، الوافدة الجديدة، لاستئناف استكشاف منجم أمزميز. ووفقا للتقديرات الأولية، قد يحتوي الموقع على 819,769 طنا من الخام، بمتوسط ​​تركيز يبلغ 12.98 گرام/طن من الذهب، ما يمثل احتياطيا محتملا يبلغ حوالي 340,000 أونصة (حوالي 10.6 أطنان ).
ما هي إمكانات الذهب في المغرب؟
ينتج المغرب حاليا كمية متواضعة من الذهب من منجم تيويت الواقع في إقليم تنغير.
من المعروف منذ زمن طويل وجود رواسب الذهب في منطقة گلميم، لكن لم يتم اكتشاف أي منجم قابل للاستغلال اقتصاديا حتى الآن.
ويعتبر مشروع قصر أولاه في مرحلة مبكرة من التطوير ويتطلب برنامجا متقدما للحفر والاستكشاف لتقييم الاحتياطيات وجدواه الاقتصادية.
الحد الأقصى للمحتوى الموجود في العينات التي تم تحليلها هو 30 گرام/طن وليس 300 گرام/طن .
وفي هذه المرحلة من التطوير ، توفر درجة 30 گرام في الطن أساسا جيدا لبدء أشغال الاستكشاف المتقدمة التي ستمكن من تقدير احتياطيات الوديعة.
بالمقارنة مع أنشطة التعدين الأخرى، يُعدّ استكشاف الذهب عمليةً معقدةً للغاية نظرا لسلوكه الخامل، مما يُفسر جزئيا ندرة تعدينه. يُعدّ الاستثمار في أعمال التنقيب عن الذهب محفوفا بالمخاطر، إذ ما تزال احتمالات عدم اكتشاف كميات كافية أو مجدية اقتصاديا من الذهب مرتفعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى