وجهة نظر

كيف ولماذا دخل الوزير الميداوي عنق الزجاجة ؟ وما هو الحل ؟ عبد الحق غريب

عندما تم تعيينه على رأس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، توهم السيد عز الدين الميداوي أن النقابة الوطنية للتعليم العالي، ونقابات موظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية، والاتحاد الوطني لطلبة المغرب قد انتهوا.

هذا الوهم دفعه للتعامل مع القطاع كما لو انه ضيعة خاصة، يتخذ بشأنه قرارات انفرادية متى يشاء وكيف يشاء، متجاهلا المنهجية التشاركية التي تفرضها الحكامة الجيدة والممارسات الديمقراطية.. دون مراعاة لخصوصية المرحلة وحساسية الظرفية التي تمر بها البلاد.

لكن فجأة، وجد نفسه في عنق الزجاجة، بعد أن انتفض الأساتذة الباحثون والموظفون والطلبة، وأعلنوا عن دخول جامعي ساخن وغير مسبوق..

هذا الأخير دشنته النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية (CDT) بإضرابات متتالية ووقفات احتجاجية طيلة شهر شتنبر.. في انتظار قرار اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي يوم 14 شتنبر.. أما الاتحاد الوطني لطلبة المغرب فقد اعلن عن استعداده لخوض إضرابات واحتجاجات ميدانية مع بداية الدخول الجامعي.

ماذا فعل الوزير بعد أن وجد نفسه في عنق الزجاجة ؟
سارع، تحت ضغط الوضع، إلى توجيه دعوة عاجلة للنقابة الوطنية للتعليم العالي ولنقابة موظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية (CDT) من أجل عقد اجتماع طارئ يوم الخميس الماضي.. إلا أن النقابة الوطنية للتعليم العالي ونقابة CDT رفضتا الاستجابة، متمسكتين بسحب مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي قبل أي لقاء.

وفي نفس اليوم، أي الخميس، استنفر الوزير جميع مسؤولي الجامعات من رؤساء وعمداء ومديرين ونوابهم…
لقد وصل مستوى العبث بالوزارة إلى حد هدر الزمن واستنزاف المال العام، حيث انتقل رؤساء الجامعات والعمداء والمديرون ونوابهم من مختلف المدن المغربية (العيون، الداخلة، أكادير، وجدة، بني ملال…) إلى الرباط ليتكدسوا في قاعة، فقط ليقدم لهم الكاتب العام عرضا يقارن فيه القانون 00-01 بالقانون 59.24، وعندما انتهي العرض وسُئل الحاضرون إن كانت لهم ملاحظات أو اقتراحات، لم يجب أحد !!

كل ذلك في محاولة من الوزير للبحث عن مخرج للأزمة التي تسبب فيها نتيجة تعاليه في التعامل وانفراده باتخاذ القرارات وتجاهله للمقاربة التشاركية، بالإضافة إلى استهانته بالقوى النقابية والطلابية التي أثبتت أنها لم تمت كما كان يظن.. بل إنها اليوم قادرة على أن تعصف بمنصبه في أي لحظة.

ماذا عليه القيام به للخروج من عنق الزجاجة؟
لا خيار أمام الوزير سوى :
سحب مشروع القانون المنظم للتعليم العالي (59.24) وإعادته إلى طاولة الحوار.
إلغاء نظام التوقيت الميسر المؤدى عنه، وضمان حق جميع أبناء وبنات الشعب المغربي في تعليم عمومي مجاني وجيد، سواء كانوا طلبة او موظفين.
طي صفحة تصفية تركة الوزير السابق عبد اللطيف ميراوي، واعتماد معايير الشفافية وتكافؤ الفرص في التعيينات، عندما تكون الحاجة إليها وبما يخدم مصلحة البلاد.
احترام المنهجية التشاركية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتنفيذ جميع الالتزامات السابقة مع النقابات.

تقديم اعتذار رسمي للذين ترشحوا لمباراة رئاسة جامعة ابن زهر، وللأستاذ المصطفى رقيب، وللذين ترشحوا لمباراة مدير المدرسة العليا للأساتذة بمكناس… وآخرين.

جدير بالذكر أن الأستاذ المصطفى رقيب كان قد توصل بقرار تعيينه رئيسا بالنيابة لجامعة السلطان مولاي سليمان بتاريخ 19 أكتوبر 2024، موقعا من طرف الوزير عبد اللطيف ميراوي..

وبعد تعيين الوزير عز الدين الميداوي في 23 أكتوبر 2024، تم تعيين الأستاذ خالد المهدي رئيسا بالنيابة لنفس الجامعة خلفا للأستاذ المصطفى رقيب، دون أن يمارس هذا الأخير مهامه، ودون أن يتوصل، إلى حدود اليوم، بأي قرار رسمي بإعفائه أو برسالة اعتذار من الوزارة، ودون تقديم أي مبرر يُذكر… وذلك رغم ما يشهد به مساره المهني والإداري من كفاءة وعطاء، ورغم التقدير الذي يحظى به لدى الرأي العام الجامعي والمحلي بالمدينة.

أليس هذا نموذجا صارخا للعبث والاستهتار في تسيير الشأن الجامعي ؟

ما يجري اليوم في قطاع التعليم العالي يضع الوزير أمام مسؤولية جسيمة عن الوضع الراهن والمستقبلي، داخل الجامعة وخارجها…
فهل ستتمكن الجهات المسؤولة من احتواء هذه الأزمة غير المسبوقة… أم أن عنق الزجاجة سيضيق أكثر، حتى ينفجر ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى