افتتاحية

العالم يترقّب الردَّ الخليجي على قصف الدوحة… هل يتحرّك «درع الجزيرة»؟

 الحنبلي عزيز

تشهد العواصم الخليجية والعربية حراكاً سياسياً مكثّفاً بعد الضربة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت الدوحة يوم الثلاثاء 9 شتنبر 2025، وأسفرت –وفق تقارير دولية– عن سقوط قتلى بينهم عناصر من حركة حماس وعنصر أمن قطري، بينما نجا كبار قادة الحركة المستهدفين بالضربة. الحادث غير المسبوق أدخل الأزمة الإقليمية طوراً جديداً، وفتح باب التساؤلات حول شكل الرد الخليجي وحدوده، واحتمالات اللجوء إلى مظلة «درع الجزيرة».

تقول مصادر متعددة إن الغارة وقعت داخل العاصمة القطرية واستهدفت وفداً مرتبطاً بحماس. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوّح لاحقاً بإمكانية تكرار الضربات، في وقت قال فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن هجمات أخرى على الأراضي القطرية «لن تحدث»، ما يعكس تبايناً في الإشارات بين تل أبيب وواشنطن ويزيد ضغط المواقف على العواصم الخليجية.

تتجه الأنظار إلى الدوحة حيث يجري التحضير لاجتماعات عربية/إسلامية طارئة للتنديد بالهجوم ومناقشة خيارات الرد، مع دعوات قطرية إلى «استجابة جماعية» تعيد الاعتبار لقواعد الأمن الإقليمي. مثل هذا الحراك السياسي يهدف إلى صياغة موقف موحّد، ويؤشر إلى أن الملف تجاوز إطار العلاقات الثنائية إلى اختبار شامل لمعادلة الردع في الخليج.

يُعيد الحدث طرح السؤال القديم–الجديد: هل يتحرّك «درع الجزيرة»؟ هذه القوة المشتركة لمجلس التعاون أنشئت عام 1984 كأداة ردع جماعي ضد أي عدوان على دولة عضو، وتطوّرت قيادتها ضمن إطار القيادة العسكرية الموحدة للمجلس. ورغم محدودية تدخلاتها تاريخياً، فقد استُدعي جزءٌ منها في محطات مفصلية (1991، 2011). أي تفعيلٍ اليوم –حتى لو اتخذ شكل انتشار دفاعي أو دوريات مشتركة أو تعزيزٍ لمنظومات الإنذار الجوي– ستكون له دلالات سياسية وعسكرية كبرى.

سيناريوهات الرد الخليجي المحتملة

  1. مسار دبلوماسي–قانوني: توسيع مظلة الإدانة الدولية، ودفع مجلس الأمن لاجتماع عاجل، مع مسارات مساءلة قانونية حول خرق السيادة. (تدعمه الدعوة القطرية إلى «استجابة جماعية»).

  2. مسار أمني–عسكري محدود: رفع الجاهزية وتنسيق دفاعات الجو والإنذار المبكر، وتفعيل تدريبات مشتركة تحت سقف «درع الجزيرة» دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة. (يستند إلى ولايات «الدرع» وواقع التنسيق العسكري الخليجي).

  3. مسار اقتصادي–مالي: مراجعة مستويات التطبيع/التبادل، وإشارات ضغط عبر القنوات التجارية والمالية، مع الحفاظ على استقرار أسواق الطاقة. (مطروح في نقاشات الإعلام الإقليمي عقب الضربة).

قيود ومعادلات معقّدة

ثمة محددات لا يمكن تجاهلها: وجود أكبر قاعدة أميركية في المنطقة على الأراضي القطرية (العديد)، الحاجة لتجنّب اتساع رقعة الحرب، وتباينات داخلية بين دول المجلس حول الإيقاع والوسائل. بالتوازي، يربط الوسطاء مصير مفاوضات غزة ومبادلات الأسرى بتداعيات هذا الهجوم، ما يجعل أي قرار خليجي محسوباً بدقة كي لا يُضعف مسار التهدئة.

الضربة على الدوحة كسرت «خطاً أحمر» إقليمياً، وجعلت وحدة الموقف الخليجي على المحك. وبين ردٍّ دبلوماسي قوي وتفعيلٍ مدروس لأطر الدفاع المشترك، تحاول العواصم الخليجية صياغة مخرج يوازن بين ردع الاعتداء وصون الاستقرار. الساعات والأيام المقبلة ستكشف إن كان «درع الجزيرة» سيظهر كقوة ردع عملية أم سيبقى ورقة ضغط سياسية بامتياز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى