أخبار وطنية

أكادير تغلي… وهل تكون لمياء شاكري “كبش الفداء” لتهدئة الغضب؟

عزيز الحنبلي 

لم تأتِ الوقفة الحاشدة أمام المركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني بأكادير من فراغ. حين يختزل الناس تجربتهم المؤلمة مع منظومة الصحة في عبارة صادمة مثل “مستشفى الموت”، فذلك يعني أن فجوة الثقة بلغت حدًّا لا يرمّمه بيان ولا زيارة بروتوكولية. السؤال الذي يطفو اليوم: هل سيختار الوزير الوصي، التهراوي، “تضحيةً” سريعة بزميلته في الحزب، المديرة الجهوية لمياء شاكري، لامتصاص الغضب؟ أم أننا أمام أزمة أعمق من تغيير الأسماء؟

لماذا يغضب الناس؟ لأن الألم ملموس: ممرّات مكتظة، مواعيد مؤجلة، تجهيزات تتعطّل، ووجوه مرهقة لأطباء وممرضين يقاتلون بموارد محدودة. أمام باب المستشفى يصطدم المواطن بحاجته الأولى: كرامة العلاج. وهنا يتقدّم الشعور بالظلم على كل خطاب مطمئن.

بين “كبش الفداء” والإصلاح الحقيقي الإعفاء السريع قرار سهل ومغرٍ سياسيًّا، لكنه لا يُصلح عطبًا بنيويًّا عمره سنوات. قد يوفّر شعورًا عابرًا بالعدالة، لكنه يترك الأسئلة على حالها: أين الموارد البشرية؟ أين الصيانة الوقائية للتجهيزات الحيوية؟ أين مسارات الفرز في الاستعجالات؟ أين الشفافية في نشر المؤشرات؟

إذا كانت المديرة الجهوية أخطأت، فليُقدَّم ذلك بحججه أمام الرأي العام. وإذا كانت المنظومة بأكملها مختنقة، فالمطلوب “خطة علاج” لا “مسكّنًا سياسيًّا”. لا نريد أن ننتهي إلى مشهد كلاسيكي: إقالةٌ تُصفّق لها الصفحات لساعات، ثم تعود غرفة الانتظار كما كانت.

ما الذي يمكن فعله خلال 100 يوم؟

  1. تدبير الاستعجالات بالعقلانية لا بالبطولة: مسار فرز (Triage) واضح، ومسارات سريعة للحالات الخفيفة، وطاقم إضافي ليلي، بهدف خفض زمن الانتظار إلى أقل من 60 دقيقة.

  2. شفافية أسبوعية: نشر لوحة مؤشرات علنية (الولادات، العمليات، زمن الانتظار، الأعطال، نسب الوفيات داخل المستشفى) لردم فجوة الثقة.

  3. صيانة قبل أن يتوقف القلب: برنامج صيانة وقائية للتصوير والجراحة والمخبر، مع آجال إصلاح محدّدة ومعروفة.

  4. توزيع الأعباء جهوياً: بروتوكولات إحالة فعّالة بين مستشفى الحسن الثاني وباقي مستشفيات الجهة لتخفيف الضغط بدل تركه يتراكم في نقطة واحدة.

  5. واجهة إنسانية: أمن وولوج وتنظيم تدفق المرافقين، مسارات واضحة للحالات الحرجة، وتعزيز الاستقبال النفسي والاجتماعي.

  6. مساءلة منصفة: إن كانت هناك أخطاء تدبيرية، فلتُعرض على لجنة مستقلة مع خلاصة علنية؛ وإن كانت المشكلة هي قلة الإمكانات، فليُعلن ما سيصل إلى أكادير ومتى، بالأرقام لا بالشعارات.

ان إقالة مسؤولة أو تعيين أخرى لن يطمئن أمًّا تنتظر نتيجة سكانير لطفلها، ولن يخفّف وجع مريض على سرير في الممر. ما يطمئن هو أن يرى الناس أثر القرار في حياتهم: انتظار أقصر، رعاية أمثل، وأجهزة تعمل.
وللساكنة أقول: قوّة احتجاجكم في مطالبه العملية. لتكن بوصلتنا مشتركة: حقّ في الصحة، وحقّ في المعلومة، وحقّ في محاسبة عادلة لا انتقامية.

قد يربح “الحل السريع” عناوين اليوم، لكنه يخسر معركة الغد. ما نحتاجه في أكادير ليس “رأسًا” جديدًا فوق نفس الجسد المريض، بل علاجًا يلامس العظام: إدارة، موارد، صيانة، وشفافية. عندها فقط، سيصبح وصف “مستشفى الموت” مجرّد ذكرى سيّئة… لا واقعًا يوجع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى