شباب
حركة الشباب الأخضر : حول الجدل بخصوص وضع مقاعد بمدار “عين قطيوط” بطنجة

في طنجة، احتدم النقاش حول وضع مقاعد داخل بعض المدارات الحضرية، وعلى رأسها مدار “عين قطيوط”. بين من يرى الفكرة “غير مناسبة” أو “خطرًا على السلامة”، ومن يعتبرها تطويرًا إنسانيًا للفضاء العام، تضيع أحيانًا البوصلة: في حركة الشباب الأخضر (Green Youth Movement) المسألة ذوقية خالصة، بل أمام خيارٍ عمراني ينبغي تقييمه بمنطق سياسات المدينة والهندسة المرورية والمنظرية، لا بمنطق الانطباع الأول.
المدار الحضري ليس مجرد أداةٍ لتنظيم الحركة. في تجارب عديدة، تحوّل “قلبُ” المدار إلى فضاء عام صغير متعدد الوظائف: تشجير، نوافير، قطع فنية، ومقاعد قصيرة المكوث. أمثلة مثل Plaza de América في فيغو وPlaza España في قرطبة تُظهر أن التعايش بين الوظيفة المرورية والوظيفة الاجتماعية ممكنٌ حين تُصمَّم التفاصيل بحِرفية وتُدار بسرعة سيرٍ مناسبة.
طنجة نفسها جرّبت في السنوات الأخيرة إعادة تهيئة مدارات لتكون أكثر “إنسانية” عبر توسيع الخضرة وتخصيص نقاط جلوس محسوبة، كما في مداري “دار التونسي” و“20 غشت”. هذا النهج لا يُقزِّم وظيفة السير، بل يُعيد وصل الفضاء العمومي بحياة الناس بدل الاكتفاء بوظيفة العبور الميكانيكي.
وضعُ مقاعد داخل مدار لا يُقرَّر اعتباطًا. هناك أسئلة تقنية ينبغي أن يجيب عنها التصميم قبل أول مسمار:
-
ما سرعة السير الفعلية حول المدار؟ وما أقطار الدوران ومسافات التوقف الآمن؟
-
هل هناك فواصل نباتية/مادية (مصدّات منخفضة، أحواض خضراء، درابزونات مرنة) تفصل منطقة الجلوس عن المركبات؟
-
كيف تُرسَمُ ممرات وصولٍ محمية للمشاة مع إنارة كافية ورؤية جانبية واضحة؟
-
هل تتيح الأرضيات والمنحدرات ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة؟
-
ما خطة الصيانة والمراقبة بعد التنفيذ للتأكد من استمرار شروط الأمان؟
حين تُحترم هذه الاشتراطات، يتحول “القلق” إلى إدارة مخاطر عقلانية، لا إلى حظرٍ شامل يعطّل إمكان تحسين جودة العيش.
جزءٌ من الاعتراض مشروع: كثير من المدارات في مدننا صُمِّمت تاريخيًا كـ“أرخبيل سيارات”، بلا أي معابر واضحة إلى قلبها، وبلا تهدئة مرورية متسقة، وبلا شفافية حول الدراسات التقنية. لذلك يصبح أي عنصر اجتماعي جديد (مقعد، عمل فني…) كبشَ فداءٍ لنقائص منظومةٍ كاملة.
بدل تبادل الاتهامات، فلنذهب إلى حلول قابلة للتطبيق:
-
ممرات راجلين محمية ومقروءة بصريًا تصل إلى قلب المدار حيثما تسمح الهندسة والسرعات، وربطها بأكتافٍ مؤمَّنة.
-
تهدئة المرور حول المدارات السكنية (مطبات لطيفة، تضييق بصري للحارات، تنظيم السرعات)، ومع السرعات الأعلى يمكن اعتماد إشارات ضوئية قصيرة المدى لعبور المشاة.
-
فواصل نباتية/مادية ذكية تعزل منطقة الجلوس من دون حجب الرؤية أو خلق نقاط صدم.
-
معايير ولوج شامل (منحدرات، أرضيات مانعة للانزلاق، تباينات لمسية، إضاءة ليلية كافية).
-
شفافية وحوكمة: نشر الملخصات التقنية ودراسات السلامة للرأي العام قبل التنفيذ وبعده، وتحديد جهة مسؤولة عن الصيانة ومؤشرات تقييمٍ دورية.
-
نهج تجريبي (Pilot) بمدة زمنية محددة وتقييم ميداني: إن أثبتت البيانات أن التدخل آمن ومفيد، يُعمَّم؛ وإن أظهر اختلالات، يُعدّل أو يُلغى.