حزب التقدم والاشتراكية يحدد موقفه مما يجري على الصعيدين الوطني والدولي في بلاغ صحفي

متابعة: تنوير
عقد المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية اجتماعه، يوم الثلاثاء 16 شتنبر 2025، وتداول في عددٍ من القضايا المرتبطة بالأوضاع على الصعيديْن الوطني والدولي وبالحياة الداخلية للحزب.
احتجاجات أكادير المشروعة: مؤشر على أوضاع المستشفى العمومي في ظل هذه الحكومة
في مستهل اجتماعه، تطرق المكتبُ السياسي لحزب والتقدم والاشتراكية إلى التعبيرات الاحتجاجية السلمية القوية للمواطنات والمواطنين بمدينة أكادير، بسبب تردِّي الخدمات الصحية بالمستشفى الجهوي، وقلة الموارد والتجهيزات، وما أدى إليه ذلك من تداعياتٍ وخيمة على حياة وسلامة المرضى، وعلى حقهم في العلاج.
وإذ يُعربُ الحزبُ عن تضامنه مع المطالب العادلة والمشروعة لساكنة أكادير وكافة أقاليم جهة سوس ماسة، المتعلقة بالحق في التوفر على خدماتٍ صحية عمومية ذات جودة؛ فإنه يؤكد على أن هذا الواقع الــــمُــــزْري يُعاني منه عددٌ كبير من المستشفيات والمراكز الصحية العمومية ببلادنا، في ظل إعطاءِ الحكومة الحالية الأسبقيةَ للقطاع الصحي الخصوصي على حسابِ المستشفى العمومي الذي يتعينُ الاعتمادُ عليه، بالأحرى أولوياًّ، لضمان الحق الإنساني والدستوري في الولوج الفعلي للعلاج.
خطابٌ حكومي في وادٍ والواقع المعيشي للناس في وادٍ آخر
إن تصاعُد الاحتجاجات الاجتماعية، بسبب الأوضاع الاجتماعية، في أوساط مجتمعية مختلفة وفي مجالات ترابية عديدة، لَهُوَ تأكيدٌ على كل ما دأب حزبُ التقدم والاشتراكية على تنبيه هذه الحكومة إليه، على مدى أربع سنوات، دون أن تكون لها لا الجرأة التواصلية، ولا الحسُّ السياسي، ولا التواضع اللازم، ولا الكفاءة الضرورية، من أجل الإنصات والاستيعاب، وبالأحرى تغيير المقاربات والسياسات التي ثبتَ فشلُها الذريع اقتصاديا واجتماعيا وديمقراطيا.
في هذا الإطار، يُحذِّرُ حزبُ التقدم والاشتراكية الحكومةَ من تداعيات إمعانها في إنكار غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية لمعظم الأسر المغربية. ويدعوها، مرة أخرى، إلى تجنُّبِ استفزاز الرأي العام عبر ادِّعاءِ إنجاز كل شيء وبشكلٍ غير مسبوق، والحقيقة أن حصيلتها فاشلة ومُحبِطَة على مُجمل المستويات، بما في ذلك في مجال الحكامة، حيثُ السِّمة الكبرى لهذه الحكومة، وخاصة رئيسها وحزبها الأغلبي، هي تضارُبُ المصالح.
وفي هذا السياق، يسجل حزبُ التقدم والاشتراكية أسفه إزاء الخروج الإعلامي، الباهت والمُخَيِّب والرَّتيب، لرئيس الحكومة، مؤخراً. ويُعربُ عن استغرابه لكون هذا الخروج لم يأتِ بأيِّ جديد فيما يتعلق بالحلول المنتظرة لأيِّ معضلة من المعضلات التي تُواجِهُ المواطنات والمواطنين، بقدر ما كرَّسَ خطاب التبرير، والتعالي، والارتياح الزائد، والرضى المفرط عن الذات، وادعاء تحقيق إنجازات خارقة يُفَنِّدُها الواقع. ولذلك فإنه خروجٌ إعلاميٌّ بلا أي قيمةٍ مُضافة، لكونه بَرهَنَ فعلاً على أنَّ تصريحاتِ رئيس الحكومة في وادٍ والواقع المعيشي للناس في وادٍ آخر.
التعليم العالي: ضرورة الحوار وإنتاج الحلول والالتزام بها
أما على صعيد التطورات في ساحة التعليم العالي، فقد سجل المكتبُ السياسي إيجاباً استئنافَ الحوار القطاعي. ويُعربُ عن تطلعه إلى أن يُسفر هذا الحوار، الذي يتعين أن يكون جاداًّ ومسؤولاً، عن حلولٍ ناجعة حول القضايا المطروحة، وعلى رأسها مشروع القانون المنظِّم للتعليم العالي قبل إحالته على المسطرة التشريعية، مع ضرورة الالتزام بتنفيذ أيِّ مخرجات لهذا الحوار فعلياًّ، لتفادي أيِّ احتقان وتجنُّب الدفع بالسنة الجامعية نحو المجهول.
في هذا السياق، فإن حزبَ التقدم والاشتراكية يؤكد على أن نجاح إصلاحٍ لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي، على أساس استقلالية الجامعة وديمقراطيتها ووحدتها ومجانيتها، لن يتحقق سوى من خلال الإشراك الحقيقي لكافة الفرقاء والأجهزة الجامعية، بهدف ضمان انخراط وتعبئة الجميع.
وصِلَةً بذلك، يُنوِّهُ المكتبُ السياسي بالأدوار التي يضطلعُ بها قطاعُ التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية، على واجهات النضال والاقتراح معاً، حيثُ عقد القطاعُ في هذا الإطار لقاءيْن وطنيين خلال الشهر الجاري، في أفق تنظيم ندوة وطنية حول إصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي.
التحضير لانتخابات 2026: التخليق أولاً… لاستعادة الثقة والمصداقية
وفيما يتعلق بالمشاورات السياسية الجارية بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية في شأن مراجعة المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، فإن حزبَ التقدم والاشتراكية يُجدد الإعرابَ عن تطلُّعِه نحو أن تُـــسْــــفِــــرَ المراحلُ المقبلة من هذه المشاورات على تبني إصلاحاتٍ عميقة ومتقدمة، بما يُسهِمُ في توفير الظروف الملائمة لإجراء انتخابات ديمقراطية، نزيهة وشفافة، وخالية من الفساد ومن الاستعمال غير المشروع للمال، وبما يُعيد الثقة والمصداقية.
على هذا الأساس، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية حرصه على الدفاع عن مقترحاته الواردة في مذكرته، وفي مقدمتها تلك المتعلقة بتخليق العملية الانتخابية، لتحفيز المشاركة، ولإفرازِ تمثيلية برلمانية في مستوى تطلعات وانتظارات المغرب والمغاربة، وفي مستوى التحديات الحالية والمستقبلية.
على وجه التحديد، يُنَبِّهُ حزبُ التقدم والاشتراكية الحكومةَ، وأغلبيتها، من مَغَبَّةِ استغلال البرامج والمشاريع والأموال العمومية في حملاتٍ انتخابية غير مشروعة وقبل أوانها، بما يمسُّ في العُمق بمبدأ التنافس الديمقراطي الشريف. وسيعملُ حزبُ التقدم والاشتراكية على ممارسة واجبه في متابعة ومراقبة هذا الموضوع، بما في ذلك مدى التقيُّد بمعايير الإنصاف والمساواة والموضوعية والمهنية في تعامُل الحكومة، وتحديداً وزارة الفلاحة، مع طلبات عروض المشاريع المعلنة مؤخراً لتشغيل الشباب في الوسط القروي عبر قطاع تربية الماشية.
إدانة شديدة للهجوم البري على غزة من طرف كيان صهيوني مجرم ومارق يمارس إرهاب الدولة بشكلٍ صريح
من جانبٍ آخر، تداول المكتبُ السياسي في تطورات الوضع بفلسطين. وأعرب عن إدانته الشديدة للهجوم البري الذي بدأ شنَّهُ الكيان الصهيوني المجرم على غزة، وما يُرافقه من مذابح شنيعة في حق الشعب الفلسطيني، بما يشكل احتلالاً لغزة، وتصعيداً أخطر سيزيدُ من كارثية الأوضاع الإنسانية بالقطاع الفلسطيني.
كما أكد الحزبُ إدانته الشديدة لحرب الإبادة الــــمُرَوِّعَة التي يُواصل اقترافَهَا، في حق الشعب الفلسطيني، الكيانُ الصهيوني المجرِم، بحكومته اليمينية المتطرفة، المهووسة بأوهام وأطماعِ التوسُّع، وبنهجِ القتل والبطش والتجويع والتطهير العرقي ومنع المساعدات الإنسانية، بدرجةٍ لا تَــــقِلُّ وحشيةً وبشاعةً عن ممارساتِ النازية والفاشية.
كما يُدينُ حزبُ التقدم والاشتراكية التهديدَات الصريحة والعلنية التي تَــــجَرَّأ الكيانُ الصهيوني على إطلاقها إزاء كافة دول المنطقة وكل العالم، في إعلانٍ صريح عن ممارسة “إرهاب الدولة”، بما يؤكد أنَّ هذا الكيان يمضي قُدُماً، خارج أيِّ سيطرة، وبتواطؤ أمريكي مكشوف، نحو جرِّ السلم الإقليمي والعالمي نحو الكارثة والهاوية، ما لمْ يتم وضعُ حدٍّ لجنونه من طرف المنتظم الدولي.
في هذا السياق، يُحَيِّي حزبُ التقدم والاشتراكية كافة المبادرات التضامنية مع فلسطين عبر العالم، وفي طليعتها مبادرة أسطول الصمود. ويُسجِّل الحزبُ التقدُّم المتصاعد في مواقف عددٍ من الدول بخصوص دعم القضية الفلسطينية ومساندة الاعتراف بدولة فلسطين. كما يسجل الحزبُ مخرجات القمة العربية الإسلامية بالدوحة. ويَعتبرُ أنَّ الأوضاعَ الكارثية بغزة، وأيضاً بالضفة، والوقوفَ الممنهج للكيان الصهيوني المارق ضد إرادة المجتمع الدولي، صارا يستلزمان اللجوء إلى إجراءاتٍ ملموسة وأكثر صرامة وحزم، لردع الكيان الصهيوني، لا سيما من خلال قراراتٍ ضاغطة وحاسمةٍ، بما فيها وقف جميع أشكال التطبيع معه، بما يُــعَمِّقُ العزلة الدولية لهذا الكيان البشع، ويَفرضُ عليه إيقافَ حرب الإبادة الجماعية، والتوقف عن تشكيل خطرٍ داهِــــمٍ على السلم بالمنطقة والعالم، وإقرار الحقوق الفلسطينية المشروعة، مع تقديم مُجرمي الحرب، وفي مقدمتهم نتنياهو، للمحاكمة أمام القضاء الجنائي الدولي، إعمالاً لمبدأ عدم الإفلات من العقاب.
العلاقات الدولية للحزب: زيارتان ناجحتان بفرنسا وليبيا
على مستوى العلاقات الدولية للحزب، أشاد المكتبُ السياسي بالزيارة الناجحة والمتميزة التي قامَ بها، مؤخراً، وفدُ الحزب برئاسة الأمين العام، إلى ليبيا الشقيقة، بدعوة كريمةٍ من الدكتور عبد الهادي الحويج، رئيس حركة المستقبل ووزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي.
وبهذا الصدد، نَوَّهَ المكتبُ السياسي بسلسلة اللقاءات الهامة والأنشطة الإشعاعية التي تخللت هذه الزيارة، ولا سيما منها الندوة المنظمة من طرف معهد بنغازي للدراسات الديبلوماسية، في موضوع “الحُكم الذاتي كأفق لحل النزاع بالصحراء” التي أطرها الرفيق الأمين العام. وقد قرر المكتبُ السياسي مواصلة تتبع مخرجات هذه الزيارة المثمرة، تعزيزاً للعلاقات بين الهيئتيْن السياسيتين، لما فيه خيرُ ومصلحةُ البلدين والشعبيْن الشقيقين، الليبي والمغربي.
في الوقت نفسه، نَوَّهَ المكتبُ السياسي بالمشاركة الناجحة لِوفدٍ عن الحزب في حفل “لومانيتي” fête de humanité بالعاصمة الفرنسية باريس، من 12 إلى 15 من هذا الشهر، حيثُ تميزت هذه المشاركةُ بعقد وفد الحزب سلسلةً من اللقاءات المثمرة مع قياداتٍ يسارية ومسؤولين من أحزاب شيوعية وتقدمية عبر العالم، لتوطيد العلاقات الثنائية والجماعية، بما يخدم قضايا الشعوب وتطلعاتها نحو العدالة الاجتماعية والتحرر والديمقراطية.
الحياة الداخلية للحزب: تدابير قوية لرفع وتيرة العمل
أما على صعيد الحياة الداخلية للحزب، فقد خصص المكتبُ السياسي جزءً كبيراً من هذا الاجتماع لاستعراض وتدارُسِ برامج عمل اللجان الوظيفية وفرق العمل الموضوعاتية، والفروع الإقليمية. وأقر عدداً من الخطوات العملية، التي سيتم اتخاذها وتنفيذُها خلال الفترة المقبلة، بهدف الرفع من وتيرة ودينامية عمل كافة الهياكل الحزبية، واستثمار الإشعاع التواصلي والسياسي للحزب، من أجل توسيع صفوفه وتحسين مكانته الانتخابية وامتداده التنظيمي.
وفي هذا الإطار، اتخذ المكتبُ السياسي التدابير اللازمة لإنجاح اللقاء الوطني لكُــــتَّاب الفروع المحلية والإقليمية، يوم السبت المقبل 20 شتنبر الجاري بالمقر الوطني للحزب في الرباط، وإعطاء الانطلاقة في نفس اليوم لمبادرة “مغربنا في 2030”. كما أقر تنظيم ندوة حول الرياضة والتنمية، يوم الاثنين المقبل، بالرباط.