95 ٪ من المغاربة لايثقون في الأحزاب و91 ٪ منهم غير منخرطين حسب استطلاع للرأي

محمد جرو/تنوير
أنجز المركز المغربي للمواطنة استطلاعا للرأي ودراسة حول الأحزاب السياسية بالمغرب ،على مرمى حجر من انتخابات 2026، دراسة تدق ناقوس الخطر الذي يهدد الممارسة السياسية ودور الأحزاب المغربية التي لم تعد فاعلا أساسيا داخل المجتمع، والأخطر اتساع دائرة العزوف وبالتحديد وسط مستقبل المغرب الذي تضمنه شريحة كبيرة من شبابه الذين وجدوا ضالتهم بحزب يكبر ويستقطب منخرطين جددا كل دقيقة وعبر امتداد الوطن وهو الحزب الإفتراضي داخل منظومة “السوشل ميديا”.
منـذ إقـرار دسـتور2011 دخـل المغـرب إلى مرحلـة جديـدة فـي مسـار ترسـيخ الديمقراطيـة التمثيليـة وتعزيـز دولـةالمؤسسـات.
فـي هـذاالسـياق، بـرزت أزمـةالأحـزاب السياسـية كأزمـة بنيويـة متعـددة الأبعـاد، تجلـت فـي ضعـف التأطيـر السياسـي، والقصـور مع مرور الوقـت، ازدادت هـذه الأزمـةحـدة، فانعكسـت عـزوفا واسـعا عـن المشـاركة، خاصـةفـي صفـوف الشـباب، عزوفا فـي تصاعـد لأن
الأنتظـارات الكبـرى لـم تجـد طريقهـا إلـى تفعيـل حزبـي مؤسـس، ممـا أدى إلـى اتسـاع تدريجـي للفجـوة بيـن المغاربة وأحزابهم وبدأوا يبحـثون عـن بدائـل احتجاجيـة وظرفيـة خـارج الإطارات الحزبية. هـذاالتحـول يهـدد مستقبل السياسة، والأحزاب فبدأ “حـزب افتراضـي”يسـتقطب النقـاش العمومـي ويوجـه الـرأي العـام. وفـي المقابـل، لـم تنجـح الأحـزاب فـي استقطاب المغاربة وحتى الكثير من المنخرطين سابقا، بحسب الإستطلاع، فسخوا عقدتهم مع أحزابهم السابقة، نتيجة عدة عوامل وأسباب، وأصبح خطـاب فقـدان الثقـة بالمؤسسـات المنتخبـة وتـآكل الشـرعية الإجتماعيـة للألحـزاب هو السائد مقابل الدعوة لصالـح نخـبة تكنوقراطيـة أومصلحيـة.
أن تضطلـع الأحـزاب السياسـية بـدور محـوري فـي قيـادة هـذاالتحـول وتجسـيده فـي الواقع وبممارسـة ديمقراطيـة فعليـة هو الحل، غيـر أن الواقـع العملـي للأحـزاب يقف منتصبا أمام أية محاولة من تحقيق التـوازن المؤسسـي والإسـتقرار السياسـي والإجتماعـي، وقـد سـاهم التحـول الرقمـي فـي مفاقمـة هـذاالتراجـع، حيـث بـرزت شـبكات التواصـل الإجتماعـي كفاعـل سياسـي بديل.
إن الأزمـة الراهنـة تقتصـرعلـى فقـدان الثقـة، بـل تتجاوزهـا إلـى بـروز شـكل جديـد مـن العزلـة السياسـية، حيـث أصبـح المواطـن نتـاج نخـب، هشة وعالقـة بالمجتمـع، وعجـزت الأحزاب عـن بلـورة مشـاريــــع سياسـية جماعيـة ذات رؤيـة استشـرافية.
وفي الإستطلاع تعبير عن قتامة ولكنها واقعية، فقدأكد حوالي 95% من المشاركين أنهم لا يثقون بالأحزاب السياسية، ومستوى الثقة يتآكل، كما أن 91,2% غير منخرطين حاليا في أي حزب سياسي، 71,6% منهم لم يسبق لهم الانخراط، في حين انسحب الآخرون بسبب غياب الديمقراطية الداخلية وعدم تعبير الحزب عن التطلعات والتهميش والإقصاء. ويؤكد 76,2% عدم رغبتهم في الانخراط مستقبلا.
وفي ما يتعلق باحترام مبادئ الديمقراطية الداخلية، أوضح 97,9% من المشاركين أن الأحزاب السياسية لا تحترم هذه المبادئ، ويرى 98.2% أن الأحزاب لا تتواصل بشكل مستمر، ويرى 98.2% من المشاركين أن الأحزاب لا تعتمد على الكفاءة لاختيار مرشحيها، بما في ذلك النساء، و أجاب 85.8% من المشاركين أن الأحزاب غير قادرة على تجديد قيادييها.
وأبرز المشاركون أن أهم مفتاح للصعود والترقي داخل الأحزاب السياسية هو التوفر على المال، ثم العلاقات الشخصية والقرابة والزبونية، يليها الولاء والتملق للقيادة الحزبية. وبخصوص تعيين الكفاءات الضرورية في المناصب العليا لتدبير الشأن العام، أشار 90,4% إلى أن الأحزاب لا تقوم بهذا الدور كما يجب.
وفي ما يخص الممارسات التي تساهم في فقدان الثقة في الأحزاب السياسية، فقد اعتبر 83,3% من المستجوبين أن تضارب المصالح واستغلال النفوذ هما العاملان الأساسيان، يليهما الفساد المالي أو الإداري بنسبة %64,7، ثم استغلال المال العام للمصالح الخاصة بنسبة 60,7.
كما أشار 59.6% إلى أن الوعود الكاذبة والتسويق الإعلامي المخادع تقوض الثقة، مقابل 45.7 رأوا أن الظهور فقط في الحملات الانتخابية أو الانشغال بالمصالح الشخصية بدل المصلحة العامة من بين أهم الأسباب. أما تغيير الخطاب بعد الوصول إلى السلطة فاعتبره 43% عاملا إضافيا.
وبخصوص الدوافع التي تقف وراء خوض السياسيين غمار الانتخابات، أظهرت النتائج أن 92% من المستجوبين يعتبرون تحقيق مصالح مادية أو امتيازات شخصية هو السبب الأساسي، يليه السعي وراء السلطة والنفوذ بنسبة 91,5%، ثم ضمان الحصانة أو الحماية بنسبة 75,1، أما خدمة المواطنين والصالح العام فقد حصلت على نسبة %6,4، في حين لم تتجاوز نسبة الذين ربطوا المشاركة بالإيمان بمشروع مجتمعي %4,3.
وفي الجهة المقابلة، تبين أن العوامل التي تدفع المغاربة للتصويت لمرشح ما يأتي في مقدمتها المقابل المالي المحصل عليه بنسبة 77,7%، ثم الانتماء القبلي أو الجهوي بنسبة 55.4%، تلي ذلك توجيهات الأسرة والمحيط الاجتماعي بنسبة %37,8. كما رأى 26% أن قرب المرشح من المواطن عامل مؤثر، وحظيت سمعة ونزاهة المرشح بنسبة 22%، وقوة الحملة الانتخابية فقط ب %9,4، والبرنامج الانتخابي بـ8.6% والمرجعية الايديولوجية للمرشح بـ%6.2.
وأكد 89.9% من المشاركين في الاستطلاع على ضرورة مراجعة القوانين لتقوية دور الأحزاب كمؤسسات، وعبر 88,1 من المشاركين أنهم يؤيدون تحديد مدة المسؤولية داخل الأحزاب في ولايتين فقط.
وسجلت نتائج الاستطلاع أن 70,6% من المشاركين سبق لهم التصويت في الانتخابات التشريعية أو الجماعية، مقابل 29,4% لم يسبق لهم التصويت. كما صرح 84.8% بأنهم لم يسبق لهم الترشح للانتخابات، وأكد %60.9 أنهم لم يشاركوا قط في أي نشاط حزبي. ويرى42% أن الانخراط في الأحزاب غير متاح وصعب.
واعتبر 85,8% من المشاركين أن ضعف المشاركة في الانتخابات يؤدي إلى صعود ممثلين لا يعبرون عن الإرادة الشعبية، و أوضح 93.5% من المشاركين أن النظام الانتخابي الحالي لا يساعد على تمثيل الإرادة الشعبية.