خاطرة على هامش دينامية جيل زد 212

بقلم: الأستاذ مصطفى المنوزي
مما لا شك فيه أن كل واحد منا انتابته الحيرة والتردد وهو يتلقى حدث ميلاد مبادرة جيل زد 212 ، فلا علامة سوى إشارة 212 التي ترمز إلى رمز الإتصال الدولي يخص المغرب، وما عداه علينا أن ننبش عن رمز التواصل التاريخي بين الأجيال.
فأيّ رياح تهبُّ اليوم في فضائنا العمومي؟ وفي أي سياق؟ هل نحن إزاء يقظة جيلٍ يطرق أبواب التاريخ، أم أمام صدى عابر يذوب في ضجيج المنصات؟
من هم هؤلاء الذين يملؤون الشوارع والفضاءات الافتراضية؟
أأصحاب المبادرة الحقيقية الذين يحملون نار السؤال وشغف التغيير، أم ظلٌّ آخر يتقدّم باسمهم لاحتكار المشهد وإقصاء من يشاركهم العمر والمصير؟ وهل يحقّ لنا أن نغضّ الطرف عن هذا الاستفهام، أم أنّه المفتاح لفهم ما يجري، داخل الأسرة والجامعة، في قلب المجتمع المدني والأحزاب، بين الدولة وخصومها، وبين المعتقلين والأحرار على السواء؟
كيف نقترب من هذه الدينامية دون أن نحرق أصابعنا أو نُطفئ جذوتها؟
هل يكفي أن نعلن تضامننا من بعيد، نحمل راية الدعم الأخلاقي ونكتفي بالتصفيق على عتبة التاريخ؟
أم نغامر بالانخراط المباشر، نشاركهم رسم المطالب وصياغة الأفق، فنصير جزءًا من السؤال وجزءًا من الجواب؟
أم نتوسّط بين الضفتين، فنلعب دور الجسر الذي يقي الشباب من اليأس والدولة من العمى، ونحوّل الغضب الخام إلى خطابٍ مؤسَّس يمكن أن يسمع ؟ أليس الاقتصار على بديل واحد شبيهًا بالسير في ممرّ ضيّق قد يفضي إلى انسداد؟
ربما يكون الأجدى أن نمزج الأدوار في وصفةٍ متوازنة: تضامنٌ صريح، لا يشوبه غموض، مع المطالب العادلة.
وساطةٌ حقوقية واجتماعية تصوغ لغة مشتركة وتخفّف من حدّة التوتر.
انخراطٌ مشروط، يتدرّج بقدر ما تتقدّم النواة الجادة داخل الدينامية نحو النضج والمسؤولية.
هل نحن أمام شرارة قد تُشعل أفقًا جديدًا، أم أمام ومضة تخبو في أول اختبار؟ كيف نُمسك بالخيط الرفيع بين الحذر والانفتاح، بين النقد والتعاطف؟ كيف نتجنّب فخّ الوصاية دون أن نسقط في سلبيّة المتفرّج؟
ربما يكمن الجواب في أن نصغي أكثر مما نتكلم، أن نرافق أكثر مما نوجّه، وأن نؤمن بأن الوضوح في الأسئلة والمرونة في الخيارات هما الشرطان الأوّلان لبناء أفقٍ مشترك.
لكن… هل نحن مستعدّون حقًا لهذا الرهان؟ أم أنّنا، مثلهم، ما زلنا نتلمّس الطريق بين الخوف والرجاء؟
حاولت أن اتفاعل مع هذه التساؤلات ولم أشف غليلي فكتبت مقالاتي ولم انصرف!