افتتاحية

GENZ212.. حين يرفع جيل Z صوته-الحنبلي عزيز

   ظهرت حركة GENZ212 كإحدى أبرز التعبيرات الاحتجاجية للشباب المغربي المنتمي إلى ما يُعرف بجيل “Z”، حيث اتخذت من الفضاء الرقمي، ولا سيما منصات التواصل الاجتماعي، مجالًا للتنسيق والتعبئة. هي مجموعة رقمية ظهرت فجأة على تطبيق “ديسكورد” تحت اسم “جيل Z.. صوت شباب المغرب”، يقدم أعضاؤها أنفسهم باعتبارهم من جيل زاد (Génération Z). خلال أيام قليلة، استقطبت هذه المجموعة آلاف المتابعين، ورفعت شعارات اجتماعية صرفة: تحسين التعليم العمومي، تجويد الصحة، فتح آفاق التشغيل.

ما إن تجمّعت هذه الأصوات في الفضاء الافتراضي حتى قررت الانتقال إلى الشارع عبر وقفات ومسيرات احتجاجية متفرقة في عدة مدن. اختيار رمز “212” لم يكن مجرد تفصيل تقني، بل كان إعلانًا صريحًا عن بعدها الوطني وشمولية خطابها.

أهداف الحركة واضحة ومباشرة: تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشباب، توفير التشغيل، إنقاذ التعليم، صون الكرامة، ومحاربة الفساد والريع. الملف المطلبي الذي طرحته لم يتجاوز أبسط الحقوق:

  • الحق في الشغل الكريم وضمان العدالة في التوظيف.

  • تحسين خدمات الصحة والتعليم العمومي.

  • ضمان حرية التعبير ووقف التضييق على الصحفيين والنشطاء.

  • مراجعة السياسات العمومية المتعلقة بالشباب والمجال الرقمي.

هل هذه مطالب مستحيلة؟ بالعكس، هي مطالب بديهية في أي دولة تسعى إلى التنمية المستدامة.

اعتمدت الحركة على شبكات التواصل الاجتماعي كوسيلة رئيسية للتعبئة، وأطلقت نداءات واسعة للنزول إلى الشارع أيام 27 و28 شتنبر 2025. كان المشهد مؤثرًا: شباب وشابات بأعداد كبيرة، من مختلف المدن الكبرى، خرجوا في شكل سلمي وهم يرددون شعارات: “حرية، كرامة، عدالة اجتماعية” و”الشعب يريد إسقاط الفساد”. إنها نفس الشعارات التي هزّت شوارع المغرب والعالم العربي قبل عقد من الزمن، لكنها عادت الآن بصوت جيل جديد.

غير أن الدولة، متوجسة من تكرار سيناريو 20 فبراير 2011، قررت مسبقًا منع كل التظاهرات، بل دفعت بجمعيات وهيئات موالية لها لمحاصرة هذه الدينامية. وما إن بدأت الاحتجاجات حتى وُوجهت بتدخلات أمنية قوية: تفريق بالقوة، اعتقالات بالجملة، وتقارير حقوقية تتحدث عن “استعمال مفرط” للقوة. وهنا يطرح السؤال نفسه: أليس التظاهر السلمي حقًا يكفله الدستور قبل أن تكفله المواثيق الدولية؟

أما الأحزاب، فقد انكشفت مواقفها:

  • أحزاب المعارضة اكتفت بتصريحات تفهم حذرة، ودعت إلى حوار جاد، لكنها لم تتجاوز حدود البلاغات.

  • الأحزاب الحكومية اختارت خطاب التخوين، ووصفت الاحتجاجات بالمؤدلجة والمسرحية المبتذلة، بل ذهبت حد القول إنها مناورة يقودها طامحون للسلطة، يستعملون الشباب كوقود مجاني لمعركة خاسرة.

  • الأحزاب اليسارية وحدها أبدت تضامنًا مطلقًا وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين، لكنها تفتقر للوزن السياسي القادر على التأثير.

في النهاية، ورغم القمع والاعتقالات، فإن هذه الحركة مرشحة للتوسع. لأن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي فجّرت غضب جيل Z ما زالت قائمة، بل مرشحة للتفاقم. لهذا أرى أن GENZ212 ليست مجرد موجة احتجاجية عابرة، بل هي جرس إنذار يفرض على الدولة والأحزاب أن تراجع نفسها بعمق. فجيل اليوم لم يعد يرضى بالوعود ولا بالخطابات الفضفاضة. إنه جيل يطالب بالكرامة هنا والآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى