افتتاحية

الأغلبية الحكومية تبيع الوهم للشباب وتختبئ وراء شعارات الحوار -الحنبلي عزيز

عزيز الحنبلي

مرة أخرى، تُفاجأ الأغلبية الحكومية المغربية باحتجاجات شبابية عفوية، فتسارع إلى عقد اجتماع طارئ وتصدر بلاغاً مطولاً، مليئاً بالوعود والعبارات المنمقة عن “الحوار”، و”الإنصات”، و”الإصلاحات الكبرى”. بيان هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية، صادر عقب اجتماع اليوم الثلاثاء، برئاسة عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وفاطمة الزهراء المنصوري ومحمد المهدي بنسعيد، عضوي القيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة المعاصرة، ونزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، وأكدت رئاسة الأغلبية الحكومية أنها تستحضر التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش الأخير، والذي دعا من خلاله الملك، إلى اعتماد جيل جديد من برامج التنمية الترابية، وتؤكد انخراط الحكومة في بلورة مختلف التوجيهات الملكية السامية، بداية من قانون المالية 2026، خاصة ما يتعلق بالتأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وفق رؤية تنموية متوازنة وشاملة.لكن السؤال الجوهري الذي يطرحه الشارع: هل يكفي الكلام لإخماد الغضب؟

بلاغ الأغلبية جاء وكأنه نسخة مكررة من عشرات البيانات الرسمية السابقة: وعود بإصلاح الصحة والتعليم، وبتنزيل التوجيهات الملكية، وتذكير بالقوانين والبرامج. لكن الحقيقة أن هذه الشعارات سمعها المغاربة منذ سنوات، فيما المستشفيات تنهار، والمدارس العمومية تتدهور، والبطالة تنخر مستقبل الشباب. كيف يمكن لشاب عاطل أن يصدق أن قانون المالية لسنة 2026 سيحل مشكلته غداً؟

جيل “Z” الذي خرج إلى الشارع لا يبحث عن خطب مطولة أو تصريحات مطمئنة. إنه جيل وُلد وسط الوعود الكاذبة، وعاش سنوات على وقع أزمات خانقة: لا صحة، لا تعليم، لا فرص عمل. وها هو اليوم يصرخ في وجه حكومة تبدو منشغلة بالتحضير لكأس العالم أكثر من انشغالها بمستقبل أبنائها. الاحتجاجات الحالية ليست مجرد “موضة”، بل تعبير صريح عن فقدان الثقة في الطبقة السياسية برمتها.

إما أن تتعامل الحكومة بجرأة وتطلق إصلاحات اجتماعية عاجلة وملموسة – من قبيل تشغيل الشباب، تحسين المدارس والمستشفيات، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد – أو أن تختار الاستمرار في سياسة التسويف والتجميل الإعلامي، وهو خيار محفوف بالمخاطر، لأن الشارع بات أكثر وعياً وصلابة مما تتخيل.

اللغة الخشبية لم تعد تنفع. كلما أكثرت الأغلبية من البلاغات والوعود، كلما زادت الهوة بينها وبين الشارع. الشباب اليوم يريد نتائج ملموسة، لا خطباً منمقة. يريد وظائف تحفظ الكرامة، مدارس تُعلّم، ومستشفيات تُداوي. أي شيء غير ذلك لن يكون سوى استمرار في سياسة الهروب إلى الأمام، وهي سياسة قد تكلف غالياً حين ينفجر الغضب الشعبي بشكل أكبر.

للاشارة حضر اجتماع هيئة رئاسة الأغلبية كل من راشيد الطالبي العلمي، مصطفى بايتاس، محمد سعد برادة، أمين التهراوي، يونس السكوري، عز الدين الميداوي، عبد الجبار الرشيدي، رياض مزور، ونعيمة ابن يحيى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى