محمد جرو
قسم مشكل الصحراء المفتعل على المستوى الإنساني الأسر الصحراوية بين من فضل الهجرة قسرا نحو مخيمات لحمادة بتندوف المغربية (قائدها كان معين بظهير ملكي للراحل محمد الخامس سنة 1958 واسمه السنهوري ابن الطنطان التي دفن بها ) و الموجودة تحت حكم عسكر الجزائر ومن صمد ومكث بأرضه وبين من تبقى من أسرته إلى درجة أن الجزائر أصبحت هي السامري وجبهة البوليساريو هي العجل الخوار فقد سبق وأن فرقت أسرا مغربية سنة 1975 عقب تنظيم الملك الراحل الحسن الثاني للمسيرة الخضراء وطردت 45000 فردا مشتة شملهم بين الجزائر والمغرب مازالت تداعياته لحد الساعة النفسية والإجتماعية وانعكس ذلك أيضا على الأسر الصحراوية المشتت شملها وهو مستمر/التشتت، استمرار ملف الصحراء الذي عمر لنصف قرن وضاعت أكثر من ثلاثة أجيال بمخيمات تندوف في حالة إنسانية كارثية ..
مسلسل أممي سنة 2005 انبعث تحت مسمى “بناء الثقة”عبر تنظيم زيارات عائلية في الاتجاهين (تندوف -المغرب) من خلال رحلات جوية بغاية صلة الرحم كحد أدنى ومحاولة لم الشمل وهو الشيء الذي مكن أفرادا من الأسر من التسامح قبل فوات الأوان والمصير المحتوم وهو الوفاة قبل تحقيق هذه الغاية .
نماذج حية حكاها صحراويون لقناة BBCممن فضلوا الرحيل القسري نتيجة عوامل الخوف من المغاربة القادمين من الشمال وهي الفكرة /الخطة النفسية التي بنتها جبهة البوليساريو للتأثير على عقول ونفسية الصحراويين الذين يغلب عليهم الطابع البدوي ولم ينتفضوا كثيرا إلا مع ثورة الفقيد بصيري وانتفاضة خط الزملة بينما عاش كثيرون “مستقرين” رغم الاستعمار الإسباني ،”زغولة” صحراوية فضلت الهجرة القسرية من العيون حيث ولدت وتربت وتحت تأثير مخدر “لمغاربة شلوحة جاينكم هربو” “ليرتموا في أحضان “جبهة ثورية”حديثة النشأة ولم يستوعبوا أن مؤسسيها من الطنطان وكليميم (مناطق خارج النزاع)”زغولة “يعزيها أن والدتها تمكنت في آخر أيامها من رؤية أحد ابنيها ضمن الرحلات الأممية للم شمل العائلات الصحراوية عام 2005. لكن حتى تلك الرحلات لم تستمر ولم ترَ “زغولة” شقيقها سوى مرة واحدة ولبضعة أيام.
وفي ذات الروبورتاج لBBC صحراوي آخر تحول من داعم للبوليساريو إلى مؤيد للمقترح المغربي بحيث ظل محمد سالم عبد الفتاح يتقلب يسرة ويُمنة في عوالم الأفكار قبل أن يحسم قراره.وُلد الشاب الصحرواي في مدينة العيون مع بلوغه سن المراهقة، بدأ سالم يستشعر التحولات التي شهدها المغرب، خاصة مع تولي الملك محمد السادس العرش عام 1999. وهي تغييرات كان لها تأثير عميق على مسار حياته.
في تلك الفترة، كانت دعايات البوليساريو تتردد بقوة داخل مدن الصحراء كما يذكر سالم في حديثه للقناة قائلاً: “مرت البلاد بمرحلة انتقالية بعد عقود من الإنغلاق عُرفت بسنوات الرصاص، وهو ما فتح النقاش حول قضايا سياسية كانت غائبة أو محظورة من قبل، وأبرزها قضية الصحراء”.ليعود من المخيمات ويعيش رفقة ماتبقى من أسرته شأن الكثيرين من الشباب الصحراوي بين “منتفض”من خلال حركات المعطلين الصحراويين وغيرها من التنظيمات وآخر “منصهر ومندمج”داخل مجال صحراوي تغير من نصف بدوي حضاري الى مدن ومداشر حديثة …وطبعا الحل في الحكم الذاتي وبديموقراطية يطبعها المحلي وانصهار منظومة القبيلة في الدولة كقبيلة شاملة تضم في حضنها الجميع بشكل يضمن حقوق كل تلك القبائل ..
للأسف الشديد وحسرة كبيرة نعيشها بهذه الربوع من العالم الاسلامي العربي الأمازيغي (شمال إفريقيا)ثلاث مقومات الإنصهار تنتج حتما ومنطقيا وحدة بين الأقطار ركيزتها الإسلام ثم اللغة دون الحديث عن الجغرافيا ،بينما نماذج نسردها للتاريخ استطاعت أن تسلك سبيل المصالحة توا نحو البناء المؤسسي والمصالحة مع وجود اختلاف الإثنيات إريلاندا ونموذج آخر مع أوجلان وحزب العمال الكردي تجارب مشابهة في سياق نزاعات أخرى:
– المصالحة الأيرلندية: عملية السلام في أيرلندا الشمالية شملت جهودًا لبناء الثقة بين الطوائف. كولومبيا عملية السلام مع “فارك “تضمنت عناصر لبناء الثقة وإعادة الإدماج. جنوب أفريقيا لجنة الحقيقة والمصالحة كانت خطوة مهمة في المصالحة الوطنية.
ناميبيا الأمم المتحدة لعبت دورًا في عملية استقلال ناميبيا. كوسوفو كانت هناك بعثة للأمم المتحدة (UNMIK) بعد النزاع .
كولومبيا اتفاق السلام مع فارك (2016): تضمن عناصر لإعادة إدماج المقاتلين السابقين، و التركيز على العدالة الانتقاليةو سعى لتحقيق توازن بين العدالة والمصالحة.
وكل هذا ساهمت فيه المينورسو التي أصبحت تهددها جبهة البوليساريو بل وجاء في تقرير گوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة الأخير بمعطيات جديدة وحية حول عرقلة الجبهة لجهود المنتظم الدولي والمدعومة من الطرف الأساسي في النزاع الجزائر..
البوليساريو فرضت قيودًا مشددة على تحركات بعثة المينورسو، منها منع عبور شاحنات تابعة للبعثة بمنطقة شرق الجدار، وتعطيل مهامها بشكل متكرر. التقرير الأممي أكد استمرار هذه العراقيل، كما أشار إلى إطلاق نار من البوليساريو قرب مواقع المينورسو، ما يعطل عمل البعثة.
المغرب من جهته يدين بشدة قيود البوليساريو على المينورسو ويطالب المجتمع الدولي بحماية البعثة لضمان السلام والاستقرار.
ومجلس الأمن يكرر دعوته للبوليساريو لرفع العراقيل والتعاون الكامل مع بعثة المينورسو.
بعثة المينورسو (MINURSO): بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (MINURSO) تأسست عام 1991 لمراقبة وقف إطلاق النار والإعداد لاستفتاء حول مستقبل الإقليم. تواجه تحديات و صعوبات في تنفيذ ولايتها، خاصة بعد توقف عملية الاستفتاء. التقرير الأخير تقرير غوتيريس أشار إلى توصية بتمديد ولاية المينورسو، مع إشارات إلى دور الجزائر ودعمها للبوليساريو.
بالنسبة لدور الجزائر ذكر غوتيريس الجزائر 16 مرة في تقريره، مشيراً إلى أنها طرف فاعل في النزاع، وانتقد دعمها وتمويلها وتسليحها لجبهة البوليساريو، معرباً عن الأسف لانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف.
وبالعودة للتاريخ للأسف بدأت الخلافات بعد حرب الرمال بقطعة الثلج بين البلدين الجارين المغرب والجزائر فأصبحت القطعة جبلا وسدا وحائطا يمنع التنمية والتقدم عن شعوب البلدين والمنطقة برمتها الخلافات وبحسب معطيات الواقع تؤكده أبحاث ومساعمات فاعلين من البلدين من بين ترسباته مايسمى بالحرب “الباردة” فإبّانها،انزاح قطار المغرب الكبير عن سكته ما أدى بهما إلى مسارات متفرقة، بل ومتباعدة تختلف تماماً عن التوافق والتقارب المفروض أن يطبع علاقتهما فقد جمعهما المستعمر الفرنسي عندما اشتركتا في النضال وشهد الكفاح المشترك ضد الاستعمار وحدة المصائر والمسارات وطالما اعتمدت الجزائر على الحدود المغربية واتخذتها بمثابة القاعدة الخلفية لجبهة التحرير الوطنية الجزائرية، وحتى تاريخ استقلال الجزائر ارتبطت النخب في البلدين بعلاقات وثيقة، بل بروابط عائلية أحيانا، وهناك العديد من الأمثلة على شخصيات سياسية معروفة بصلاتها بكلا البلدين في ذلك الوقت .
ومنها على سبيل المثال لا الحصر كان المغربي الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب (مؤسس حزب الحركة الديموقراطية الإجتماعية) وهوسياسي ووزير مغربي ومن أشد مؤيدي النظام الملكي المغربي، يتحدر من أصول جزائرية، وكان ابن عمه يوسف الخطيب قائداً لجيش التحرير الوطني الجزائري خلال حرب التحرير الجزائرية، أما على الجانب الجزائري فكان شريف بلقاسم السياسي البارز الذي ينتمي لمجموعة “وجدة”وهي الفصيل المؤيد للرئيس الجزائري السابق هواري بومدين والذين ربما كانوا إلى جانبه أثناء الإنقلاب للإستيلاء على الحكم في صيف عام 1962 مغربي الأصول، وحتى الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقه، وهو بالطبع جزائري الأصل إلا أنه مغربي المنشأ بحكم دراسته ومكوثه بعاصمة الشرق وجدة ولهذا السبب وعلى الرغم من مسيرته الطويلة كدبلوماسي جزائري مرموق إلا أن انتخابه في عام 1999 أحيا آمال النخبة السياسية المغربية في تحسين العلاقات بين البلدين، ولكن، لم يكن مفاجئا، أن لم تشهد فترة حكمه التي استمرت عقدين من الزمن أي تغيير إيجابي مبشر، بل إن البلدين لم يعقدا أي محادثات رسمية على مستوى القمة منذ التقى الملك محمد السادس والرئيس الراحل بوتفليقة في عام 2005 على هامش قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في الجزائر العاصمة لتحكم العسكرتاريا في البلد الجار ولاننسى كذلك الراحل محمد بوضياف الذي عاش لفترة طويلة بالمغرب ولما عاد ليقترح رئيسا مؤقتا لرأب الصدع تم اغتياله في ظروف دموية تعكس طبيعة نظام الحكم العسكري ، وهو ماأثر على كل شمال إفريقيا في وقت يسير المغرب أحد قطبي المغرب الكبير (ليبيا تونس الجزائر والمغرب)بخطى واستراتيجية دبلوماسية مكنته من “ربح”نقط عالمية وحشد الدعم من الدول العظمى لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل جدي وواقعي ،تعاكس ذلك الجارة الجزائر محاولا الهروب إلى الأمام وتوظيف الآلة الإعلامية من جهة لتصدير أزمتها الداخلية وأخرى لمحاولة الخروج رفقة البوليساريو من عنق العزلة الضيق ..
هنا الآن نحن أمام احتمالين أولهما السلام باستمرار المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة مع احتمال قبول البوليساريو مبادرة الحكم الذاتي، ورفع القيود عن المينورسو، مما يهدئ التوتر ويحقق استقرار نسبي.أو استمرار الصراع ولاقدر الله قد ينذر بتصعيد عسكري محدود أو توتر مستمر بسبب رفض البوليساريو التنازل، واستمرار الدعم الجزائري، وقد يؤدي إلى اشتباكات محدودة وعرقلة عمليات البعثة.
على سبيل الختم ،سأقدم بعض الجوانب الإضافية حول فكرة إعادة بناء الثقة عبر الزيارات المتبادلة بين تندوف والأقاليم الجنوبية المغربية، مع التركيز على العوامل المؤثرة والسياق الأوسع.
العوامل المؤثرة في نجاح الزيارات المتبادلة:
1. السياق السياسي الحالي: – المغرب: يعتبر الصحراء المغربية جزءًا لا يتجزأ من أراضيه، وقد شهدت الأقاليم الجنوبية تطورات اقتصادية واجتماعية. بينما البوليساريو تطالب بالاستقلال، ومخيمات تندوف هي قاعدة دعمها الرئيسية. – الجزائر: داعم رئيسي للبوليساريو، وعلاقاتها مع المغرب معقدة وتاريخها يشمل توترات.
2. الوضع الإنساني في تندوف: مخيمات تندوف تعاني من تحديات اقتصادية واجتماعية وصحية. هناك تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان في المخيمات، وقد أشار تقرير غوتيريس إلى هذه القضايا.
3. دور المجتمع المدني: – منظمات المجتمع المدني والجمعيات الإنسانية قد تلعب دورًا في تسهيل مثل هذه الزيارات هناك جهات دولية مهتمة بالمساهمة في حلول إنسانية في المنطقة.
4. التكنولوجيا والتواصل: – وسائل التواصل الحديثة (الهواتف، الإنترنت) قد سهلت التواصل بين الأفراد عبر الحدود، لكن الزيارات الشخصية تبقى ذات قيمة إنسانية كبيرة.
التحديات الملموسة أمام محاولة بناء ثقة جديدة وتنظيم الزيارات الميدانية عبر رحلات جوية كما كان سنة 2005.
1. الأمن: ضمان أمن المشاركين في الزيارات قد يكون تحديًا، خاصة مع تاريخ من التوترات والمواجهات.
2. التمويل: تمويل مثل هذه المبادرات قد يحتاج إلى دعم دولي أو من منظمات غير حكومية. 3. القبول السياسي: قد تواجه الزيارات مقاومة من أطراف لا ترغب في تعزيز التفاعل بين الجانبين.
وطبعا غير خاف مع مرور الوقت والزمن وعوامل أخرى ،فوائد إنسانية محتملة:
– لم شمل العائلات: يمكن أن يعزز الروابط الأسرية المتقطعة بسبب النزاع. – التفاهم الثقافي: يساهم في تعزيز التفاهم بين الصحراويين من مختلف المناطق. – الشفاء النفسي: قد يساعد في تخفيف المعاناة النفسية الناجمة عن الانفصال والصراع.ومن بين التساؤلات المشروعة والمختلفة المرتبطة بالمسلسل ،
تساؤلات استراتيجية:
1. من يمكن أن ييسر هذه الزيارات؟: هل يمكن أن تلعب الأمم المتحدة أو منظمات إنسانية دورًا؟
2. ما هي الشروط المسبقة؟: هل هناك حاجة لوقف إطلاق نار مستدام أو تفاهمات سياسية أولية؟
3. كيف يمكن قياس النجاح؟: هل يمكن تقييم تأثير الزيارات على العلاقات الإنسانية والسياق الأوسع؟
ملاحظة حول الديناميات الإقليمية:
– العلاقات المغربية-الجزائرية: التوترات بين المغرب والجزائر لها تأثير كبير على النزاع. – الدعم الدولي: مواقف دول مثل فرنسا (التي أيدت مؤخرًا موقف المغرب) قد تؤثر على الديناميات.
شخصيا بحكم المنشأ أولا (مولدا بالصحراء الشرقية وتربية ودراسة غرب الصحراء -الطنطان)ولمواكبتي للقضية وعشت لحظات تاريخية طبعت الملف وهي أحداث الطنطان سنة1972 والتي شاركت فيها مثل أي يافع يسمع شعارات “بالسلاح والكفاح نفدي الصحراء بالأرواح “.ثم هجوم جبهة البوليساريو على الطنطان يوم الأحد 28يناير 1979 استمر أكثر من خمس ساعات متواصلة قبل أن يستتب الأمن .ويرى مسيرات شبابيةواطلاق سراح المعتقلين الصحراويين الذين منهم رفاق وأصدقاء الدراسة ووقف إطلاق النار سنة1991 ،دون إغفال فعاليات المهرجان العالمي للشباب والطلبة ببنعكنون بالجزائر سنة 2001وعشنا كذلك لحظات فرح مع مسلسل بناء الثقة سنة 2005 من خلال لقاء الأسر الصحراوية بالطنطان وغيرها ومنهم أيضا جيران وأحبة وأصدقاء ورفاق سرعان ماتقلبت سماء المنطقة بتقلب مصالح السياسة وتحركات فاعليها وممارسيها على المستوى الدولي الذي انسحب طبيعيا على الإقليمي والمحلي بتداعيات آلام أحداث مخيم “گديم إزيك”لم تندمل كما جروح الملف برمته الذي ضيع فرصا على شعوب المنطقة ..