افتتاحية
دلالات وتحديات اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس

عزيز الحنبلي
في 13 أكتوبر 2025 أُعلن عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، ترافق مع أكبر عملية تبادل متزامنة: إطلاق آخر 20 رهينة حيّة لدى حماس وتسليم جثامين رهائن، مقابل الإفراج عن نحو 1,900 أسير ومعتقل فلسطيني (منهم قرابة 250 محكوماً بمدد طويلة) وفتح ممرات إنسانية أوسع إلى غزة. جرى تثبيت الاتفاق في قمة بشرم الشيخ بمشاركة الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، مع توقيع وثيقة سياسية داعمة وترتيبات متابعة.
ما الجديد في هذا الاتفاق؟
-
إغلاق ملف الرهائن الأحياء: الإفراج عن جميع الرهائن الأحياء أنهى ورقة إنسانية شديدة الحساسية حرّكت السياسة الإسرائيلية والضغط الدولي لعامين. لكنه أبقى ملف المفقودين والجثامين مفتوحاً سياسياً وأخلاقياً.
-
مقايضة غير مسبوقة الحجم: أعداد المفرج عنهم فلسطينياً تفوق جولات سابقة، ما يضفي على الاتفاق طبيعة «صفقة شاملة» أكثر من كونه هدنة مؤقتة.
-
مظلّة إقليمية–دولية موقَّعة: توقيع قادة الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا على وثيقة داعمة زاد من كلفة النكوص وأدخل الاتفاق في إطار سياسي أوسع من الترتيبات الأمنية الميدانية.
العناصر الجوهرية للاتفاق
-
وقف النار مع آليات تهدئة ومراقبة ودخول مساعدات إنسانية مكثفة، وربط ذلك بمسارات لاحقة لإعادة الإعمار.
-
تبادل الرهائن/الأسرى وفق قوائم متفق عليها وتواريخ تنفيذ متقاربة، ما خفّض هامش التعطيل.
-
رعاية رباعية (واشنطن، القاهرة، الدوحة، أنقرة) وتثبيت سياسي في قمة إقليمية، بما يشبه “ضمانات ناعمة” أكثر من كونها قوة فصل.
لماذا نجح الآن؟
-
تراكم مسارات سابقة: جاء الاتفاق تتويجاً لمسار هدَن وتبادلات بدأت منذ مطلع 2025، تطورت من «هدنة مؤقتة» إلى إطار أوسع مع ضغط أمريكي–إقليمي متزايد.
-
تغيّر حسابات الكلفة: طول أمد الحرب، وطأة الكارثة الإنسانية في غزة، والضغط الشعبي في إسرائيل لإعادة الرهائن، كلها دفعت الأطراف إلى «تسوية الحد الأدنى».
-
لحظة سياسية دولية: الحضور الأمريكي المباشر وتوقيع وثيقة في شرم الشيخ وفّرا غطاءً دولياً وإشارات التزام علنية.
الفرص التي يفتحها الاتفاق
-
نقلة إنسانية عاجلة: توسيع الممرات والإمدادات قد يخفّف خطر المجاعة والأوبئة ويتيح إعادة تشغيل بنى أساسية حرجة.
-
نافذة لإعادة الإعمار: تثبيت الهدوء يسمح بوضع آليات شفافة للتمويل والرقابة وتحديد الأولويات (المياه، الكهرباء، الصحة، إزالة الأنقاض).
-
إطار سياسي تدرّجي: ربط وقف النار بخطوات متتابعة (إدارة مدنية، أمن محلي، معابر) قد يحوّل الهدنة إلى مسار أطول أمداً إذا صمدت الآليات.
ألغام على طريق التنفيذ
-
قضايا لم تُحسم: شكل الحكم والأمن في غزة بعد الهدنة، مستقبل سلاح الفصائل، وترتيبات الحدود— قضايا مؤجلة تُهدّد الاستدامة.
-
هشاشة الثقة: أي خرق ميداني كبير أو تأخير في الإفراجات أو إدخال المساعدات قد يطلق دوامة اتهامات متبادلة.
-
سياسة الداخل: تركيبات الحكم والائتلافات في إسرائيل، وتوازنات الفصائل في غزة والضفة، قد تعيد تسييس التنفيذ وتجميده. (استنتاج تحليلي مدعوم بسياق المصادر الإخبارية أعلاه.)
سيناريوهات الأشهر المقبلة
-
ترسيخ «هدنة وظيفية»: استمرار وقف النار مقابل تدفق مساعدات وتقدم تدريجي في الإعمار وتبادل الجثامين المتبقية—الأرجح إذا استمرت الرعاية الرباعية.
-
تعثر مُدار: خروقات محدودة وتأخيرات في المسارات الإنسانية تُعالَج عبر الوسطاء دون انهيار شامل.
-
انتكاسة سريعة: تفجير كبير، اغتيال نوعي، أو مساس بالترتيبات الأمنية ينسف الثقة ويعيد جولات القتال—وهو سيناريو مكلف للجميع ولذلك يقلّ الاحتمال كلّما طال أمد الهدوء الأولي. (استنتاج تحليلي.)



